منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ العديد من جنود الاحتلال، بتسجيل أنفسهم وهم يضربون ويهينون المعتقلين الفلسطينيين، وينشرون مقاطع الفيديو بما يفعلونه على شبكات التواصل الاجتماعي، على الرغم مما تحمله هذه الفيديوهات من انتهاكات جسيمة.
صحيفة Haaretz الإسرائيلية، قالت الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن هذه الظاهرة كانت موجودةً حتى قبل الحرب، لكنها تزايدت بشكل كبير منذ اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في مستوطنات غلاف غزة.
جمعت الصحيفة 15 مقطع فيديو نُشِرَت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن 5 منها على الأقل صُوِّرت بعد اندلاع الحرب، وأضاف الجيش أن باقي الفيديوهات قيد المراجعة "وأنه يعمل على معالجة الظاهرة".
يظهر فلسطينيون في هذه الفيديوهات وأياديهم مكبلة ووجوههم مغطاة، وفي بعض الحالات يُصوَّرون عراةً أو بملابس داخلية، وفي بعض مقاطع الفيديو يقوم الجنود بضرب الفلسطينيين ويشتمونهم، وفي مقاطع أخرى يجبرون المعتقلين على قول أشياء أو التصرف بطريقة مهينة.
تُشير الصحيفة إلى أنه لم يتضح أين صُوِّرَت معظم مقاطع الفيديو، لكنها قالت: "يبدو أن معظمها صُوِّرَ في الضفة الغربية وليس في مناطق القتال في منطقة غزة. وقد أُطلِقَ سراح بعض الفلسطينيين الذين يظهرون في هذه المقاطع بعد وقتٍ قصير من الاعتقال دون استجوابهم".
في أحد مقاطع الفيديو التي صُوِّرَت في منطقة "يطا" جنوب جبل الخليل، يظهر سبعة معتقلين على الأرض، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، وقد صُوِّرَ أحدهم، ويبدو في الفيديو مصاباً، وهو يرتدي سرواله.
محمد، وهو أحد الأشخاص الذين تم تصويرهم، قال في تصريح لصحيفة Haaretz إن الجنود جاءوا إلى منزله ليلاً واعتقلوه هو وابنه، ويتذكر محمد (55 عاماً) ما تعرض له، قائلاً: "وضعونا على الأرض وقيدوا أرجلنا وأيدينا. ضربونا وشتمونا. ضربوني بشيء أعتقد أنه يصعق بالكهرباء".
أضاف محمد: "كنت أنزف من الجانب الأيسر من رأسي، وكنت أقل من تعرض للضرب"، وقام الجنود بتوثيق الواقعة ونشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، وعرَّف محمد عن نفسه في الفيديو. وأضاف: "في النهاية أطلقوا سراحي وتركوا ابني رهن الاحتجاز".
في مقطع فيديو آخر، يظهر فلسطينيون عراة بالكامل، وأعينهم مغطاة وأياديهم مكبلة، بينما يقوم الجنود بضربهم وسحبهم على الأرض، ويركل أحد الجنود معتقلاً في رأسه، وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الفيديو صُوِّرَ في الضفة الغربية، لكن المتحدث باسم جيش الاحتلال نفى ذلك.
زعم الجيش أن هؤلاء هم الذين شاركوا هجوم "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وزعم أيضاً أن الفيديو سُجِّل بالقرب من قطاع غزة، بعد أيام قليلة من هجوم "حماس".
رغم مزاعمه، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال "إن سلوك القوة الذي يظهر في الفيديوهات خطير ولا يمتثل لأوامر الجيش. وملابسات القضية قيد التحقيق".
تُشير الصحيفة الإسرائيلية أيضاً إلى أنه في أحد المقاطع التي صُوِّرَت في منطقة بيت لحم، يظهر معتقل فلسطيني مقيداً ومعصوب العينين، بينما يشتمه جندي ويضربه، يبصق عليه الجندي ويركله، فيما يصرخ الفلسطيني من الألم.
زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن "هذا جندي احتياط حُكم عليه بالسجن لمدة عشرة أيام وفُصِلَ من خدمة الاحتياط".
في مقطع آخر أيضاً، قام الجنود بإجبار الفلسطينيين على قول عباراتٍ مهينة لإذلالهم، وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، أنه تم فصل قائد الفصيلة بعد عدة حوادث مماثلة وتم إيقاف الجنود عن العمل مؤقتاً.
في حالة أخرى، شوهد جندي احتياط يمسك أسيراً مقيداً ومعصوب العينين ويجبره على الرقص ويسأله: "حسناً، لماذا لا ترقص!". وزعم كذلك متحدث الجيش أنه "تم إنهاء خدمة الاحتياط للجندي الذي يظهر في الفيديو حتى يُتَّخَذ قرار آخر في قضيته".
وأظهر مقطع آخر، سُجِّلَ في وادي الأردن معتقلا ًمكبلاً بالأغلال، بينما كان جندي يشتمه. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجنود الذين كانوا يعملون في المنطقة، حددوا الفلسطيني كمشتبه به واعتقلوه.
انتشرت مقاطع الفيديو تلك في مجموعاتٍ على منصة تليغرام تضم آلاف الأشخاص، وكذلك في حسابات شخصية شهيرة على إنستغرام ويوتيوب، وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية أن هذه الظاهرة ليست حصراً في الضفة الغربية، بل يشكو الفلسطينيون في القدس الشرقية أيضاً منذ بداية الحرب من تفاقم العنف التعسفي الذي تمارسه الشرطة والجنود ضدهم.