نشرت صحيفة The Guardian البريطانية الثلاثاء 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تفاصيل هجوم 7 من أكتوبر/تشرين الأول المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث كشفت الصحيفة كيف خططت "الحركة" للهجوم وكيف نفذت خطتها كما خططت لها دون أن يكشف الاحتلال واستخباراته تحركات المقاومة بغزة.
وقالت الصحيفة البريطانية، نقلاً عن مصادر متعددة، من ضمنها اجتماعات مع مسؤولي مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، وخبراء، ومصادر لديها معرفة مباشرة بتقارير استجواب مقاتلي حماس الذين أُسروا خلال الهجمات، ومواد نشرتها حماس والجيش الإسرائيلي، أن أوامر الهجوم صدرت قبل الساعة الرابعة صباحاً؛ حيث طلبت حماس من "أي شخص كان يشارك في التدريبات الاعتيادية ولم يكن ينتوي حضور صلاة الفجر في المساجد المعتادة، أن يذهب للصلاة".
بدء هجوم "طوفان الأقصى"
وبعد ساعة، حين بدأت السماء تضيء فوق غزة وبدأت الجموع تتفرق، صدرت تعليمات جديدة، كانت هذه التعليمات أيضاً واضحة ومباشرة ونُقلت شفهياً: أحضروا أسلحتكم وأي ذخيرة لديكم واجتمعوا في مواقع محددة، حتى تلك اللحظة كانت عملية "طوفان الأقصى لا تزال سراً".
وصاغت هذه الخطة مجموعة مختارة من قادة حماس المتمرّسين وظلت غير معلومة للمقاتلين الذين سينفذون الهجوم، وكذلك جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الاستخباراتية.
وكان القرار بتمرير التعليمات شفهياً إلى الآلاف من مقاتلي حماس الذين يعيشون بين سكان غزة استراتيجية متعمدة لخداع أنظمة المراقبة المتطورة والحفاظ على سرية العملية.
فيما قالت الصحيفة إن التعليمات انتشرت في غزة بشكل متسلسل، فأُعطيت أولاً لقادة "الكتائب" المكونة من مائة فرد أو أكثر، ثم لقادة فصائل مكونة من 20 أو 30 فرداً، وهؤلاء بدورهم نقلوها لقادة فرق مكونة من عشرات الأفراد، الذين نقلوا التعليمات إلى أصدقاء وجيران وأقارب انضموا إليهم في التدريبات التي تقام مرتين أسبوعياً في عشرات المواقع في القطاع، ولم توزع ذخيرة إضافية وأسلحة أكثر قوة إلا بعد هذا التواصل الشفهي والتجمع.
وكانت لدى الكثير من المقاتلين خبرة سابقة في التعامل مع هذه الأسلحة، وكانوا يعيدونها إلى ترسانة حماس بعد كل جلسة تدريبية.
التحرك نحو مستوطنات غلاف غزة
وبحلول الساعة السادسة صباحاً، أشرقت الشمس وصدرت الأوامر النهائية مكتوبة وجاء فيها حسب المصادر: على المقاتلين أن يقتحموا الثغرات التي ستُصنع في السياج المحيط بغزة الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، ويهاجموا الجنود والمدنيين الإسرائيليين على الجانب الآخر.
فدخل آلاف المقاتلين، قرابة 3000، مستوطنات غلاف غزة، عبر ثغرات في السياج الأمني المحيط القطاع. وانضم بعض أعضاء حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى الهجوم فور علمهم بالاختراق.
وأوضحت الأوامر المكتوبة لوحدات حماس خطة دقيقة وضعها رجلان تعتقد إسرائيل أنهما المخططان الرئيسيان للهجوم: يحيى السنوار، القائد العام لحماس في القطاع، ومحمد الضيف، قائد كتائب القسام.
وحُدِّد لكل وحدة هدف منفصل: قاعدة عسكرية، أو كيبوتس، أو طريق، أو بلدة. وتزعم المصادر أن التعليمات كانت في كثير من الأحيان مصحوبة بخرائط توضح تفاصيل الدفاعات والمواقع الرئيسية داخل الأهداف، بالاعتماد على معلومات مستمدة من أشخاص عاملين في إسرائيل. ويُعتقد أن الحفل الراقص الذي مات فيه 260 شخصاً لم يكن من بين الأهداف الأولى.
وصدرت أوامر لوحدات أخرى بحماية مواقعها من هجمات القوات العسكرية الإسرائيلية عن طريق نصب كمائن على الطرق الرئيسية.
كما مُنحت مجموعة ثالثة من الوحدات تعليمات بأسر أكبر عدد ممكن من الرهائن وإحضارهم من ثغرات السياج؛ حيث كانت فرق مخصصة تنتظر اصطحابهم إلى شبكة الأنفاق الضخمة تحت غزة.
مهندسو معركة "طوفان الأقصى"
ويعتقد مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن القيادة السياسية لحماس في الخارج لم تُطلع على تفاصيل العملية، ولا رعاة حماس في إيران، رغم أن كليهما ربما كان على علم بوجود شيء يجري التخطيط له. وقال مصدر مقرب من حماس لرويترز الشهر الماضي "كانت الدائرة محدودة جداً".
فيما قال خبراء –ومصادر أمنية إسرائيلية– إن حماس فوجئت بنجاحها. وقال مسؤولون لدى الاحتلال الإسرائيلي إن الرد البطيء للقوات الإسرائيلية مكّن بعض الوحدات من تنفيذ توغلات متعددة في إسرائيل من غزة لأسر مزيد من الرهائن.
واحتجز بعض المدنيين الذين عبروا إلى داخل إسرائيل أسرى أيضاً، وهو ما أدى إلى تعقيد جهود الإنقاذ والمفاوضات الحالية، وفقاً لمصادر في إسرائيل وحماس.
ومنذ 31 يوماً، يشن الجيش الإسرائيلي "حرباً مدمرة" على غزة، قتل فيها عشرة آلاف و22 فلسطينياً، منهم 4104 أطفال و2641 سيدة، وأصاب أكثر من 25 ألفاً آخرين، كما قتل 159 فلسطينياً واعتقل 2150 في الضفة الغربية، بحسب مصادر فلسطينية رسمية.