بلينكن أثار استياءه قبل بدء اللقاء.. لهذا السبب رفض وزير الخارجية التركي معانقة نظيره الأمريكي

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/07 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/07 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
رفض فيدان معانقة بلينكن خلال زيارة الأخير إلى أنقرة - رويترز

كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، السبب وراء رفض وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، معانقة نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارة الأخيرة إلى تركيا، وهو الموقف الذي أثار اهتماماً واسعاً في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، التي تداولت بشكل واسع فيديو رفض فيدان معانقة بلينكن.

حدث الموقف حين حاول بلينكن، الذي جاء إلى أنقرة في إطار جولة إقليمية، معانقة نظيره التركي هاكان فيدان أثناء مصافحته عند مدخل وزارة الخارجية في أنقرة؛ لكنَّ فيدان تراجع عن معانقته، مكتفياً بمصافحته فقط؛ تاركاً تساؤلاً عن سبب رفض فيدان معانقة بلينكن.

رفض فيدان معانقة بلينكن

بحسب المصادر التي تحدثت لـ"عربي بوست"؛ فإنه عندما وصلت سيارة بلينكن إلى باب وزارة الخارجية، نزل هاكان فيدان إلى الطابق السفلي، وظهر أمام باب الوزارة، كما هو الحال مع كل وزير ضيف؛ إلا أن بلينكن لم يخرج من السيارة.

وأوضحت أن بلينكن كان يتحدث عبر الهاتف في السيارة، في حين أن فيدان كان ينتظره خارجاً، ليعود ويدخل إلى المبنى دون استقباله.

رحّب الوزير التركي بنظيره الأمريكي داخل المبنى وليس خارجه، مظهراً ما سمّته وسائل إعلامية بأنه رد فعل "دبلوماسي سلبي" إثر رفض فيدان معانقة بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الذي تقدم تجاهه لمعانقته.

وأكدت المصادر أن موقف فيدان كان سببه تأخر بلينكن عليه، واستمرار وجوده بالسيارة، في حين أن نظيره التركي كان يقف خارجاً في انتظاره.

زيارة مؤجّلة لمرتين

جاءت زيارة بلينكن إلى تركيا بعد تأجيلها مرتين، ووصل إلى أنقرة الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد جولته إلى تل أبيب، إضافة إلى بعض العواصم العربية الأخرى لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

منذ اللحظات الأولى لوصول وزير الخارجية الأمريكي أنقرة مطار العاصمة التركية أنقرة؛ توالت الرسائل التي بعثتها تركيا واحدة تلو الأخرى، فلم تقتصر على رفض فيدان معانقة بلينكن، بدءاً من الاستقبال الفاتر في المطار من نائب والي المدينة، حتى وصول بلينكن أبواب وزارة الخارجية التركية.

بحسب مصادر في وزارة الخارجية التركية لـ"عربي بوست"، أراد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن القدوم إلى تركيا مرتين للقاء وزير الخارجية هاكان فيدان، خلال الفترة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول، التي حولتها إسرائيل إلى مجزرة بحق أهل قطاع غزة المحاصَر.

وأوضحت أنه "نظراً للحركة الدبلوماسية المكثفة لفيدان، لم يتطابق التقويمان الخاصان بالطلبين من بلينكن للقاء، ولم يتمكنا من الاجتماع معاً بسبب ذلك". 

وأخيراً تم عقد ذلك الاجتماع، واستمر لأكثر مما كان مخططاً له، وهو نصف ساعة، ليدوم مدة ساعتين ونصف الساعة، ليناقش الوزيران القضية الفلسطينية من الألف إلى الياء، بحسب المصادر التي كشفت سبب رفض فيدان معانقة بلينكن.

كواليس الاجتماعات

استمر الاجتماع لمدة ساعتين ونصف الساعة؛ رغم أنه كان مقرراً لمدة نصف ساعة فقط. 

بدأ اجتماع فيدان وبلينكن بالحديث المنفرد بينهما، ثم بين الوفود، وكان الموضوع الأكثر سخونة على جدول الأعمال هو "الحرب في الشرق الأوسط والمذبحة الإسرائيلية التي تحدث بحق الفلسطينيين في قطاع غزة". 

خلال الاجتماع تحدث وزير الخارجية هاكان فيدان بصراحة وحذر، وفق المصادر في الخارجية التركية، التي قالت إنها استخدم "عبارات واضحة حول الوضع الحالي لصورة الولايات المتحدة في الرأي العام العالمي وفي المنطقة". 

وشرح فيدان والوفد التركي بوضوح ما حدث في غزة، من مقتل مدنيين وأطفال، وتدمير إسرائيل للبنية التحتية، وأن الاحتلال يرتكب جرائم ضد الإنسانية.

وذكّر فيدان نظيره الأمريكي بأن "شعوب العالم كافة، من باريس إلى لندن إلى واشنطن، وخاصة شعوب المنطقة، وقفوا ضد المذبحة التي شهدوها".

وشدد له على أن "العالم كله يقف ضد العدوان والولايات المتحدة الأمريكية تضر بصورتها، سواء في المنطقة أو في العالم أجمع". 

فيديو رفض فيدان معانقة بلينكن انتشر بشكل واسع في مواقع التواصل - رويترز
فيديو رفض فيدان معانقة بلينكن انتشر بشكل واسع في مواقع التواصل – رويترز

وقال إن "المنطقة تعيش حالة من الغضب"، موجهاً الكلام له بالقول: "أنت تضع الجميع في ورطة. أنت أيضًا تعرض صورتك للخطر لأنه يُنظر إليك على أنك راعي الجرائم التي ترتكبها إسرائيل". 

خلال اللقاء طلبت أنقرة وقفاً فورياً للعدوان الإسرائيلي، مع التأكيد على ضرورة عدم إخلاء قطاع غزة من سكانه وتهجيرهم إلى أي مناطق أخرى.

في المقابل تحدّث الوفد الأمريكي خلال اللقاء عن وقف مؤقت لإطلاق النار مع ضمان إطلاق سراح الرهائن، ومغادرتهم قطاع غزة، وإنشاء عملية سياسية جديدة في القطاع الذي تقوده حركة حماس. 

وعد كذلك وزير الخارجية الأمريكي بعمل الولايات المتحدة على تسريع الجهود الرامية إلى منع سقوط قتلى في صفوف المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية، مشدداً بلينكن والوفد المرافق له بأنهم "ليس لديهم أي خطط لإخلاء غزة؛ مع رسالة  أن الجميع سيبقى في مكانه".

تركيا تسعى إلى "تحقيق السلام الدائم"

خلال الاجتماع شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن "أصل المشكلة هو رفض إسرائيل قبول حل الدولتين، وأن المشكلة ستستمر في التفاقم حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السلامة السياسية والإقليمية على أساس اتفاق 1967 ويتم إنشاء الحدود".

وجسّد وزير الخارجية فيدان ذلك بقوله: "إما أن نذهب إلى حرب أكبر أو إلى سلام أكبر".

جدد فيدان مقترح بلاده وبعض الدول تنظيم مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية ضامنة في حالة توصل الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين إلى اتفاق، بحيث يتم تبني عملية السلام، خاصة من دول المنطقة، وعدم تركها دون استكمال.

خلال المحادثات، أكد بلينكن والجانب الأمريكي أن هدفهم هو حل الدولتين؛ وقالوا: "سنحاول أن نصل مع الطرفين إلى هذه النقطة". 

كما ذكر هاكان فيدان والوفد التركي أن حل الدولتين في إطار حدود 1967 أمر ضروري.

اعتراضات أنقرة على واشنطن

ظهرت على السطح مؤخراً خلافات متفاقمة بين أنقرة وواشنطن الحليفين في الناتو؛ حيث تعترض تركيا وتنتقد الإدارة الأمريكية في 3 قضايا في فترة ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأولها أن الولايات المتحدة أرسلت على الفور حاملات الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" و"يو إس إس أيزنهاور"، وبعض السفن الحربية الأخرى إلى المنطقة لدعم إسرائيل.

وقال الرئيس أردوغان إن "الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تصب الزيت على النار، وإن إرسال السفن الحربية يعني أن الحرب ستمتد إلى المنطقة". 

وفي أحد خطاباته، قال أردوغان: "أين أمريكا، أين إسرائيل-فلسطين؟ ماذا تفعل هناك؟ متسائلاً: "هل من المناسب لدولة مثل أمريكا أن تقيم السلام بهذا الحاملات أم من المناسب أن تذهب إلى هناك بالوقود والوقود؟".

السبب الآخر لانتقاد أردوغان للولايات المتحدة بشأن هذه القضية هو أنه "في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسقطت طائرة حربية أمريكية طائرة تركية مسلحة من دون طيار أُرسلت للقيام بعملية "لمكافحة الإرهاب" في شمال سوريا".

وكان الموضوع الثاني الأكثر أهمية في انتقادات تركيا للولايات المتحدة، أن "أنقرة ترى أن واشنطن لا تتحدث بقوة كافية عن إطلاق إسرائيل النار على المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة، ما أسفر عن مقتل آلاف الأطفال والنساء". 

بالإضافة إلى رفض فيدان معانقة بلينكن فإن اللقاء بينهما وصف بأنه فاتر - رويترز
بالإضافة إلى رفض فيدان معانقة بلينكن فإن اللقاء بينهما وصف بأنه فاتر – رويترز

كما اختلف الطرفان حول سبب الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي بغزة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأدى إلى مقتل ما يقرب من 500 مدني. 

بينما أشارت تركيا؛ إلى أن إسرائيل شنّت هجوماً على المستشفى؛ على عكس الرواية الأمريكية التي تدعم حكاية تل أبيب حول الحادث.

في زيادة جرعة الانتقادات الموجهة ضد إسرائيل، أشارت تركيا إلى أن الهجمات "تصل إلى حد الإبادة الجماعية" وأن جرائم الحرب المرتكبة يجب أن تخضع للمحاسبة في محكمة دولية، منتقدة المجتمع الدولي لالتزامه الصمت تجاه الهجمات على المدنيين، وشددت على أن الولايات المتحدة على وجه الخصوص فقدت "تفوقها الأخلاقي"

على الرغم من ذلك، هناك انتقاد آخر مهم لتركيا تجاه الولايات المتحدة وهو أن واشنطن لا تستمع إلى الدعوات لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.

في المقابل تعترض الولايات المتحدة على أن تركيا لا تصف حماس بأنها "منظمة إرهابية" مثل الدول الغربية الأخرى، وذلك بعد أن عرّف الرئيس أردوغان ووزير الخارجية فيدان حماس بأنها منظمة سياسية تقاوم من أجل إنقاذ أرضها وشعبها، ووصفهما مقاتليها بالمجاهدين الذين يدافعون عن أراضيهم.

انضمام السويد إلى الناتو

على صعيد آخر، طالب الجانب الأمريكي خلال اللقاء ذاته، بتسريع عملية موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي الناتو؛ وقال بلينكن إن واشنطن تتوقع الانتهاء من هذه العملية بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023 دون مزيد من التأخير.

وكان الرئيس أردوغان قد أرسل بروتوكول انضمام السويد إلى التحالف إلى البرلمان للموافقة عليه في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك تماشياً مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون خلال قمة الناتو في يوليو/تموز من العام ذاته.

يجب أن تتم الموافقة على البروتوكول أولاً من لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية، ومن ثم من قبل الجمعية العامة للجمعية الوطنية الكبرى لتركيا. 

ويتوقع الناتو والسويد والولايات المتحدة، أن تكتمل هذه العملية بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

في تصريحه للصحفيين لدى عودته من كازاخستان، أشار الرئيس أردوغان إلى أن العملية أصبحت الآن تحت سيطرة الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، وأن البرلمان قد دخل في عملية مكثفة لإعداد الميزانية.

وقال: "إن عمل الجمعية العامة ليس قصيراً إلى هذا الحد. لكننا سنحاول أن نجعل الأمر سهلاً قدر الإمكان. وفي هذه المرحلة، سنحاول أن نبذل قصارى الجهد ما دام خصومنا يتعاملون معنا بشكل إيجابي".

تحميل المزيد