أدى اشتداد الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية إلى تصاعد المخاوف بين كثير من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة على استقرار أنظمتها، إذ خلَّف الهجوم على المستشفى الأهلي العربي في قطاع غزة مئات القتلى والجرحى من المرضى والنازحين في الانفجار، وعلى الرغم من التنصل الإسرائيلي من المسؤولية عن قصف المستشفى، فإن الواقعة سلطت الضوء على المعضلة التي تواجهها الأنظمة العربية التي طبعت مع إسرائيل.
وتقول وكالة Bloomberg الأمريكية إن هذه الأنظمة تواجه صعوبة كبيرة في الموازنة بين الضغوط الدولية التي تطالبها بإدانة حماس لهجومها على الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبين التعاطف الهائل بين مواطنيها مع الحركة التي تعدُّ رمزاً للمقاومة الفلسطينية، من الجهة الأخرى.
تصريحات بايدن أزَّمت الوضع
كانت تلك الدول تأمل في أن تؤدي زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى التخفيف من حدة التصعيد، إلا أن ما حدث كان خلاف ذلك، فقد زادت كارثة المستشفى من قدر المسؤولية التي ستقع عليهم لو ظهروا مع الرئيس الأمريكي في أعقابها.
فيما أسفر الغضب الشعبي عن اندلاع احتجاجات واسعة النطاق في البلدان العربية، فألغى زعماء مصر والأردن والسلطة الفلسطينية اجتماعهم الذي كان مقرراً الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول مع بايدن في الأردن. وزاد الرئيس الأمريكي من تأجيج الوضع بانحيازه العلني إلى الإنكار الإسرائيلي والادعاءات بأن جماعة فلسطينية مسلحة هي المسؤولة عن الكارثة.
ولمَّا انهمكت الولايات المتحدة في تقديم الدعم بالخطاب والمال والمساعدات العسكرية لِما زعمت أنه حق الاحتلال في تدمير حماس، فإن كثيراً من الدول العربية أخذت تبحث عن أطراف أخرى تُعينها في تهدئة الأزمة، من الصين وأوروبا وروسيا، بل حتى إيران، التي تعدُّها بعض هذه الدول عدوة لها.
وعلى الرغم من أن السعودية كانت تمضي قدماً نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل أيام قليلة من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإنها اتهمت إسرائيل يوم الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول بأنها المسؤولة عن "الجريمة الشنيعة" التي وقعت في المستشفى، وأجرى وزير خارجية المملكة محادثات في جدة مع وزير خارجية إيران، التي لطالما قدمت الدعم لحماس خلال السنوات الماضية.
من المرجح أن يتنامى الغضب الشعبي في المنطقة في ظل استعداد الاحتلال الإسرائيلي لشنِّ هجوم بري شامل على القطاع، وارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى قرابة 4 آلاف شهيد حتى الآن.
والحال كذلك، يُتوقع أن تظل العديد من العواصم العربية على حبل مشدود من التوتر بين الاستجابة للضغوط الدولية من ناحية، والمخاوف من عواقب ذلك على استقرار أنظمتهم في الداخل، من الناحية الأخرى.
ويواصل الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شن غارات مكثفة على غزة مخلّفة آلاف القتلى والجرحى من المدنيين، ويقطع عنها إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية؛ ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
ورداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول، اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة.