يقول مستوطنون إسرائيليون وسكان لبنانيون على جانبي الحدود وسط الاشتباكات المتصاعدة إنهم لم يشعروا في حياتهم قط بمثل هذا التوتر، فقد حزموا حقائبهم وبدأوا في الخروج خوفاً من أن تتحول مناطقهم إلى جبهة رئيسية في حرب بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
قالت سمادار أزولاي، إحدى المستوطنات النازحات من بلدة كريات شمونة الحدودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "في هذه المرة، إحساس القلق مختلف… خوف رهيب"، حسب ما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أضافت أزولاي: "مختلف عما كان من قبل. عشنا هذا (في السابق). كانت (تسقط) قنابل وصواريخ وكنا نحتمي بالملاجئ"، في إشارة إلى المواجهات السابقة بين إسرائيل وحزب الله.
على بعد حوالي 15 كيلومتراً إلى الشمال من كريات شمونة، لم يكن التاجر اللبناني محمد مصطفى قد غادر بعد مسقط رأسه في مرجعيون، لكن حقيبته كانت جاهزة.
حيث قال: "تستيقظ في بعض الأحيان معتقداً أن حرباً كبيرة ستقع وتمتد لبلدان كثيرة. وفي أحيان أخرى تعتقد أن الأوضاع هادئة ولن تقع حروب. لا أحد يعرف في الواقع ما الذي سيحدث".
يمكن أن تتحول المنطقة الحدودية إلى جبهة ثانية في حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط إذا أثار الغزو الإسرائيلي المتوقع لغزة والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في القطاع، رد فعل قوياِ من خصوم إسرائيل الإقليميين.
أدى الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى مقتل أكثر من 1300 إسرائيلي، في اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل على مدى 75 عاماً. ورد الاحتلال بأعنف قصف تشنه على الإطلاق لقطاع غزة المحاصر، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 3200 فلسطيني، وتخطط لشن هجوم بري كبير.
مخاوف من احتدام المواجهات بين حزب الله والاحتلال
تبدو الحدود الشمالية الضيقة للاحتلال الإسرائيلي مع لبنان، وهي منطقة جبلية مطلة على البحر، بعيدة عن قطاع غزة، الذي يقع على بعد 200 كيلومتر منها على الطرف الجنوبي الغربي لإسرائيل.
لكن إيران، التي تدعم حماس وحزب الله، قالت الثلاثاء إن من الممكن توقع "عمل وقائي" في الساعات المقبلة ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة. وهددت إسرائيل بتدمير لبنان إذا تدخل حزب الله.
أدى الخوف من تصعيد كبير إلى تشتيت المجتمعات على الحدود. وأمر الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسبوع بإخلاء 28 قرية قريبة من لبنان، مما اضطر عائلات كثيرة للإقامة في منتجعات سياحية جنوباً.
من جهة أخرى، ينتقل السكان اللبنانيون باتجاه الشمال نحو البلدات والمدن التي يأملون ألا تستهدفها نيران قوات الاحتلال الإسرائيلي.
قال أحد سكان منطقة الحدود اللبنانية ويدعى حسين: "اليوم مجرد قذائف قليلة، وغداً قد تكون طائرات حربية، وطرق مغلقة، ونقص في الوقود، وقد تغلق المستشفيات أبوابها. من الطبيعي أن نرى نزوحاً جماعياً. وأسوأ ما في الأمر هو أننا لا نعرف إلى متى سيستمر هذا".
ترحال إلى أجل غير مسمى
انتقل العديد من اللبنانيين بالفعل من الحدود للعيش مع عائلاتهم في بيروت، في حين وضعوا خطط طوارئ للتوجه لأماكن أبعد شمالاً أو إلى المناطق الجبلية التي ظلت آمنة نسبياً خلال حرب استمرت شهراً في عام 2006 وأدت إلى مقتل 1200 شخص في لبنان، معظمهم من المدنيين، و157 إسرائيلياً أغلبهم جنود.
بينما تعرضت مناطق واسعة من جنوب لبنان للدمار في تلك الحرب بين حزب الله وإسرائيل، لكن ذلك الصراع بدأ فجأة وبدون سابق إنذار بعد اختطاف حزب الله جنديين إسرائيليين. ويتناقض السيناريو القديم مع التصعيد التدريجي الحالي منذ يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
في منطقة بحيرة طبريا، قال مئات المستوطنين من التجمعات التي تعرف باسم "كيبوتس" في الشمال إنهم يعيشون في ترحال إلى أجل غير مسمى.
قالت داني أييليت باراسول، وهي عاملة في مستشفى ومقيمة في كيبوتس بار-عام "الكيبوتس بأكمله هنا". وأضافت "الشعور السائد هو الخوف وعدم اليقين. متى سينتهي هذا، وأين سيكون مكاننا، وماذا سيحدث لمن تصاب حياتهم بالدمار؟".
بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل أربعة أشخاص حاولوا عبور السياج الحدودي مع لبنان وزرع عبوة ناسفة الثلاثاء. واستمر القصف العنيف وإطلاق النار طوال اليوم.
منذ حرب عام 2006، هذا التصعيد هو الأكثر دموية إذ قُتل نحو عشرة مقاتلين لبنانيين وفلسطينيين، بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين، من بينهم الصحفي في رويترز عصام عبد الله. وقُتل ثلاثة جنود إسرائيليين على الأقل.
فيما استهدف حزب الله مواقع عسكرية للاحتلال الإسرائيلي ودبابات ودمر معدات مراقبة، بحسب مقاطع فيديو نشرها، بينما تقصف إسرائيل البلدات الحدودية.