تئن مستشفيات قطاع غزة، الذي يحاصره الاحتلال، تحت وطأة شدة الضربات الجوية الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ 10 أيام، وذلك في وقت يتأهب فيه القطاع الصحي المتداعي، وسكان غزة، لهجوم بري مُحتمل ينفذه جيش الاحتلال الذي يحشد قواته على مشارف القطاع.
يهرع الأطباء لمساعدة عدد متزايد من المرضى في المستشفيات المكتظة التي تعاني من نقص الأدوية والوقود بسبب الحصار، ومن بين هؤلاء المرضى أطفال أصيبوا في ضربات جوية، ويقول الأطباء إن الحالات الأكثر خطورة، هي التي تحتاج لعمليات جراحية نظراً لعدم كفاية الموارد.
يتساءل أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن سبل تعامل المستشفيات مع هذا الوضع، وناشد الناس التوجه إلى مستشفى الشفاء، من أجل التبرع بالدم، وهذا المستشفى هو أكبر منشأة طبية عامة في القطاع، الذي يبلغ عدد المنشآت الطبية العامة به 13 منشأة.
حذر القدرة من أنه إذا توقف المستشفى عن العمل، فإن العالم كله سيكون مسؤولاً عن حياة مئات وآلاف المرضى الذين يعتمدون على خدمات الوزارة، لا سيما التي يقدمها مستشفى الشفاء.
يخدم مستشفى الشفاء قطاع غزة بأكمله، وإن كانت خدماته تتركز بشكل مباشر على 800 ألف شخص يعيشون في مدينة غزة.
بدوره، لفت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الإثنين 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى أن احتياطي الوقود في مستشفيات قطاع غزة يكفي لمدة 24 ساعة فقط، مما يعرض آلاف المرضى للخطر.
في هذه الأثناء، قالت وزارة الصحة في غزة اليوم الإثنين إن 2750 فلسطينياً على الأقل استُشهدوا، وأصيب 9700 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يزال ألف شخص في عداد المفقودين ويُعتقد أنهم تحت الأنقاض.
قصف لا يتوقف
يتزامن انهيار القطاع الصحي في غزة، مع شن إسرائيل أعنف ضرباتها الجوية على الإطلاق، ومن المتوقع أن تشن هجوماً برياً على غزة، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، إذ يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة.
كانت إسرائيل قد "تعهدت بإبادة حماس"، بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي أعلنتها المقاومة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ودخل خلالها مقاتلوها إلى مستوطنات إسرائيلية، وبلغت حصيلة القتلى بإسرائيل جراء العملية 1300.
وعلى وقع الضربات الإسرائيلية، فرّ بعض الفلسطينيين من ديارهم في مدينة غزة بعد أن حذرهم الجيش الإسرائيلي وطالبهم بضرورة التوجه جنوبا، لكن سكاناً أكدوا أنهم تعرضوا للقصف أثناء نزوحهم، كما أكدت ذلك أدلة بصرية عدة.
كذلك يقول فلسطينيون في غزة إن حملة القصف الإسرائيلية خلال ليل الأحد الإثنين 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هي الأعنف منذ أن شنت هجماتها الانتقامية، وأضافوا أن القصف كان كثيفاً بشكل خاص في مدينة غزة؛ حيث أصابت ضربات جوية المناطق المحيطة بمستشفيين رئيسيين في المدينة.
معاناة المرضى
ويرقد سعيد العبد الله على سرير في مستشفى موصولاً بجهاز لغسيل الكُلى، ونجا من القصف الذي استهدف منزله في خان يونس، وقال: "باغسل كلى، وبنتعذب في الكلى، غسلها عذاب مر وبنعاني معاناة صعبة في المواصلات وفي الروحة وفي الجاية واتهجرنا".
أضاف العبد الله: "احنا بنعاني واحنا حاليا في حرب والحرب دمار وموت وعذاب واتشردنا.. وهذا الشيء صعب علينا".
في مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب قطاع غزة، وبينما تستمر سيارات الإسعاف في الوصول إليه بمصابين، يواجه المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة احتمال تعطل الأجهزة الطبية.
الطبيب محمد زقوت، قال إن "لدينا 220 مريضاً (بالكُلى). نص الأجهزة تقريباً ستخرج عن الخدمة الليلة، هذا يعني كارثة حقيقية لأن المرضى لن نستطيع إجراء الغسيل لهم، وبالتالي بعضهم سنضطر إلى اختصار الغسيل له ليومين أو يوم واحد فقط".
في حين قال مريض كُلى يدعى ناهض الخازندار، اضطر إلى الفرار مع عائلته من مدينة غزة إلى خان يونس: "أنا مريض فشل كلوي وأنا باغسل في الجمعة ثلاث مرات، لي أسبوع ما غسلتش".
أضاف في تصريح لوكالة رويترز، بينما كان ينتظر خارج قسم الكلى في مستشفى خان يونس؛ حيث وصل عشرات الجرحى إضافة إلى جثث: "بدني منفخ وجيت ع المستشفى عشان أغسل ومخنوق، لازم أغسل كلية ضروري".