ضمن التجييش الإعلامي الغربي ووقوف معظم وسائل الإعلام الغربية مع إسرائيل وتبنّي روايتها بعد بدء عملية طوفان الأقصى، برزت بعض الأصوات الغربية الأكثر حياديةً أو "المهنية" لتتناول الحدث من وجهة النظر الفلسطينية أيضاً. نتابع هنا أبرز الأصوات التي خرجت على شاشات الإعلام الغربي والقنوات البريطانية والأسترالية وغيرها.
الصحفية والكاتبة البريطانية غريس بلاكيلي
قابل مذيع سكاي نيوز البريطانية الصحفية والكاتبة البريطانية غريس بلاكيلي، وسألها عن الحرب المندلعة بين غزة وإسرائيل قائلاً: "ما حدث كان مروعاً. الانتقام سيكون مروعاً. دائرة العنف مستمرة. ما رأيك في هذا؟"
فأجابت بلاكيلي مدافعةً عن الفلسطينيين بقولها: "ما أستنتجه من ذلك هو العنف الذي نشهده حالياً: يجب أن ندرك الحقيقة التالية بأن لدينا معرفة قليلة جداً عما يحصل في فلسطين، والجرائم التي تُرتكب كل يوم فيها. إذا كنت مثلي، تعرف أشخاصاً في فلسطين، تعرف صحفيين يعملون في فلسطين، تعرف منظمات حقوق إنسان تعمل هناك، ستكون تغذيتك الإخبارية ممتلئة كل يوم بمقاطع الفيديو لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي تضر بالمدنيين وتقتل الأطفال بشكل متكرر. نحن نعلم أن 6400 فلسطيني قُتِلوا منذ عام 2008".
وإبّان هذا الكلام قاطعها مذيع سكاي نيوز قائلاً ومعلقاً على الضربة التي قامت بها حماس: "لا شيء يبرر حجم هذا العنف. هذا مستوى تنظيم داعش الإرهابي. هذا ليس مجرد هجوم انتقامي"، لتجيبه بلاكيلي مُسرعةً: "عفواً، عندما تطرح لي سؤال من هذا القبيل يعادل قولك: هل تعرف؟ هناك رجل لديه العائلة بأكملها هناك، شخص آخر يأتي ويطرد الرجل من منزله، ويحجزه في الزنزانة، ويقتل عائلته، ويقول له لا يمكنك الخروج، وجميع جيرانه يقولون "حسناً لديك الحق في إبقاءه هناك"، ويتجاهلون الوضع برمّته. فجأة يخرج الرجل بقوّة، ويقول: سأتخلص من كل هذا، ويشعل النار في المنزل، ويموت العديد من الأشخاص، والطريقة الوحيدة التي تنظر إلى الوضع بها هي بقولك "لندين هذا الرجل".
مواجهة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت ومذيع قناة سكاي نيوز البريطانية كمالي ملبورن
في مقابلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت واجه مذيع قناة سكاي نيوز كمالي ملبورن أباطيله بقوة. وبدأت المقابلة بالسؤال الموجه لبينيت: "ماذا عن أولئك الفلسطينيين في المستشفى على أجهزة الإنعاش وحاضنات الأطفال التي ستُطفئ بسبب قطع الإسرائيليين للكهرباء عن غزة؟"
فأجاب بينيت غاضباً: "هل أنت جاد في مواصلة سؤالي عن المدنيين الفلسطينيين، ماذا حلّ بك؟ ألم تر ما حدث؟… نحن نقاتل نازيين ولا نستهدفهم. العالم يمكن أن يأتي ويقدم أي شيء يحتاجونه، إذا كنتم تريدون تقديم الكهرباء، لن أقدم الكهرباء والماء لأعدائي. إذا رغب آخرون بذلك، حسناً، لسنا مسؤولون عن ذلك."
قاطع المذيع بينيت قائلاً: "هذه هي النقطة، هذا برنامجي وأنا أسألك"، ويستمر بينيت بالمقاطعة والحديث، ليجيبه المذيع: "أنت ترفع صوتك، توقف رجاءً ودعني أنهي كلامي. لقد ميزنا بين حماس…"، ليقاطع بينيت بالصراخ: "عار عليك! عار عليك!"، فأجاب المذيع: "الأمر لا علاقة له بالعار، نحن نحاول الحوار عن وضع جدي للغاية وأنت ترفض الحديث عنه".
اتهم بينيت المذيع بأنه يساند الرواية الفلسطينية: "أنت تحاول القفز على ما حصل وتكرار الرواية الفلسطينية"، ليجيب المذيع: "قطعاً غير صحيح".
واستشهد بينيت بالتاريخ: "حينما قاتلت بريطانيا النازيين لم تسألوا عن درسدن.. كان النازيون يقصفون لندن، وكان الإنجليز يقصفون درسدن.. فمن العار عليك أن تواصل تكرار هذه الرواية الكاذبة.."، وبعد العديد من المقاطعات يتابع بينيت: "الآن تتبرأون مما فعلتموه، عار عليك!"، ليجيب المذيع: "قطعاً غير صحيح. أنا لستُ عسكرياً، أنا صحفي أسألك أسئلة، هل ستسمح بالسؤال أم ستتابع الصراخ؟ لقد ميّزنا بالفعل بين حماس والفلسطينيين، وأنا أسألك على نحو شديد المباشرة، ما الذي سيتم فعله لضمان أن أولئك المدنيين الأبرياء لن يقتلوا كما قُتل اليهود الأبرياء يوم السبت؟"
فردّ بينيت: "سنستهدف حماس ونقول لهم إذا اُستخدم أي شخص بمثابة درع بشري، وستطلقون علينا النار باستخدام الدروع البشرية فستكون مسؤوليتكم.. اسمع يا سيد، إذا أطلق أحدهم النار على أطفالك وهو يتخذ درعاً بشرياً هل ستردّ أم لا؟ ما الجواب؟ ماذا ستفعل أنت؟"
فأجاب المذيع: "أنا لستُ هنا للرد على أسئلتك بل لطرح الأسئلة.. سنتوقف هنا".
الصحفي الأسترالي اليهودي أنتوني لوينشتاين
تحدث الصحفي الأسترالي اليهودي أنتوني لوينشتاين في مقابلةٍ أجراها مع شبكة ABC News عن حقيقة ما يمر به أهل فلسطين وسوء الأوضاع في غزة، ويأتي حديثه على خلفيّة خبرته الواسعة بتغطية معظم الحروب التي شهدتها غزة، بالإضافة إلى نشره لكتاب "مختبر فلسطين"، فضلاً عن إقامته في القدس الشرقية بين عامي 2016 و2022.
بدأت المقابلة بسؤال المذيعة للوينشتاين: "هل فوجئتم بهذه العملية الجريئة التي نفذتها حماس؟"
فأجاب لوينشتاين: "حسناً، بالنسبة لي ما حدث، لا أظن أن أحداً كان يتوقعه، ولكني لم أفاجأ كثيراً من أسباب حدوثه. في النهاية، أعتقد أن أحد الأمور التي بحاجة الناس لتذكرها هو أنه إذا كنت تعيش في غزة، وقد كنت أغطي أحداثها لسنوات عديدة، وقضيت وقتاً هناك منذ الـ15 عاماً الماضية تقريباً. بالنسبة لغالبية الفلسطينيين هناك، وهم حوالي 2.5 مليون تقريباً، فعليك أن تعلم أنك تعيش تحت حصار فرضته إسرائيل ومصر، هذا يعني أساساً أنك لا تتمتع بحرية التنقل، ولا يمكنك مغادرة المكان متى تشاء، ولا يمكنك الدراسة خارج البلاد بسهولة، وهو أمر خانق. وهذا ليس دفاعاً عن حماس بأي شكلٍ من الأشكال. قضيتُ وقتاً مع حماس بصفتي مراسلاً في غزة، والعديد من سكان غزة الذين أعرفهم لا يحبون حركة حماس كثيراً، في الماضي أو الآن. ولكن الحقيقة هي عندما تحتل شعباً لعقود، وأقول ذلك باعتباري يهودياً، فأنا يهودي ألماني أوسترالي، وعملت على تغطية هذه القضية لـ20 عاماً تقريباً. لقد تفاجأت بالتوقيت دون شك، ولكني لم أفاجأ بأسبابه البتة".
أضافت المذيعة سؤالاً آخر: "حسناً، ماذا عن التوقيت؟ لماذا تعتقد أن هذا يحدث الآن؟ ما الذي يحدث على الساحة الدولية وجعل الأمور تصل إلى هذه النقطة؟"
فأجاب لوينشتاين: "أعتقد أن ثمة بضعة أمور تحدث في السنوات الأخيرة. العديد من الدول العربية تحاول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كالإمارات والبحرين والمغرب وغيرها. الدولة التي لم تؤمّن هذه العلاقة حتى الآن هي السعودية، والولايات المتحدة تسعى لتحقيق ذلك. السعودية -بلا ريب- هي دولة رئيسية، وأعتقد أن كثيراً من المنتسبين إلى حماس سيشعرون بأن تطبيع العلاقات مع قوى احتلال يُعدّ أمراً مرفوضاً، كما أعتقد أن ذلك يكشف أن ثمة نوع من تصارع القوى على القيادة الفلسطينية. السلطة الوطنية الفلسطينية التي تحظى بدعم من الغرب، بما في ذلك أستراليا، هي منظمة فاسدة تدير الضفة الغربية، وإسرائيل، بوصفها قوة احتلال، لديها السيطرة هناك. السلطة الوطنية الفلسطينية في الأساس لا تملك أي قوة، إنها متعاقدة مع إسرائيل، وأعتقد أن حركة حماس تريد أن تبين للفلسطينيين، سواء في فلسطين أو في جميع أنحاء العالم العربي المسلم، أنها قائدة النضال الفلسطيني.
وأعتقد كذلك -وأنا لا أستطيع أن أتكلم بالنيابة عن حماس- أعتقد أنه من المرجح أن كثيراً من الناس في الحركة الفلسطينية، سواء في أستراليا أو حول العالم هم غاضبون جداً جداً من سنوات وسنوات من الصمت الغربي على هذا. أنا أتحدث عن أستراليا، والولايات المتحدة، وأوروبا وغيرها من أماكن، في النهاية هناك اعتقاد سائد بأنه يمكنك حبس الناس واحتلال بلادهم، وعلينا كذلك ألا ننسى أن منظمة هيومن رايس ووتش وأمنستي وغيرها قد وصفت ما يحدث في فلسطين بأنه فصل عنصري. هذه كلماتها. كل منظمة حقوق إنسان إسرائيلية وصفته بأنه فصل عنصري، فإذا كان هذا هو الحال لسنوات وهو كذلك، وأنا قد غطيت ذلك بنفسي كما فعل صحفيون آخرون، ففي النهاية سينفد صبر الناس. لا يمكن للدولة اليهودية مواصلة التصرف بهذه الطريقة، أو كما وصفت نفسها بأنها "دولة أخلاقية"، وتتوقع من الفلسطينيين ببساطة أن يقبلوا ذلك مطأطأين لها رؤوسهم!"
يمكنك متابعة المقابلة كاملة على صفحة الصحفيّ في منصة إكس.