كشف عدد من العمال الفلسطينيين الذين يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل، لـ"عربي بوست"، أن الإدارة المدنية الإسرائيلية سحبت تصاريح عمال غزة من تطبيق المنسق، ما يعني رفع الغطاء القانوني عن وجودهم، ويضعهم في حالات إما متسللين وإما مقيمين بطريقة غير شرعية، أو يتم إدراجهم ضمن المشاركين في عملية اقتحام الحدود.
يمثل القرار تهديداً حقيقياً يمس حياة نحو 18 ألف عامل من غزة يعملون في الداخل، إذ إن سحبهم من بيانات المنسق يضعهم تحت تهديد يمس حياتهم وحياة ذويهم، حال وجهت إليهم تهم أمنية تتعلق بكونهم إما مشاركين أو ساعدوا كتائب القسام في عملية اقتحام غلاف غزة في معركة "طوفان الأقصى".
يأتي هذا بعد أيام من انطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس في مناطق غلاف قطاع غزة، وأدت حتى صباح يوم الخميس 12 أكتوبر/تشرين الأول، إلى مقتل 1300 إسرائيلي وإصابة قرابة 3000 آخرين وأَسْر العشرات.
تحقيق واستجواب وترحيل للضفة
وفقاً لمصدر في الاتحادات النقابية العمالية لـ"عربي بوست"، فقد أكد أن عدداً من عمال غزة خضعوا لتحقيق مكثف من قبل شرطة الاحتلال، حيث تم استجوابهم من أماكن مبيتهم في ساعات متأخرة من الليل، وخضعوا لتفتيش دقيق لهواتفهم المحمولة، وتم سؤالهم عن آخر تحركاتهم، وما إذا كانوا قد وصلوا مناطق في غلاف غزة أو تحركوا فيها بحثاً عن عمل، أو كانوا على علم مسبق بالهجوم الذي نفذته كتائب القسام.
وتابع المصدر تم اقتيادنا في مجموعات، معصوبي العينين ومكبلي اليدين، عبر حافلات تابعة للجيش، التي قامت بنقلنا إلى بوابات حاجزي الجلمة وبرطعة شمال جنين، وجزء آخر تم إنزاله إلى حاجز قلنديا بين القدس ورام الله، وجزء آخر نقل إلى معبر ترقوميا شمال الخليل.
وأكد المصدر حتى اللحظة عدد من تم نقله للضفة الغربية لا يتجاوز 1000 عامل، فيما لا يزال نحو 10 آلاف آخرين في الداخل، انقطعت بهم السبل وباتوا غير قادرين على مغادرة أماكن مبيتهم، بعد أن تعرض عدد من العمال لاعتداءات من المستوطنين بالضرب المبرح والتنكيل، انتقاماً من الأحداث التي دارت في غلاف غزة.
وانتشرت مشاهد لقيام مستوطنين بالتنكيل بعدد من العمال الفلسطينيين وإهانتهم وضربهم في منطقة هرتسيليا بتل أبيب مثل هذا الفيديو:
فيما دعا الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بضرورة الإبلاغ عن أي عملية اختطاف، أو فقدان أثر لعمال غزة في ظل الهجمة الشرسة التي يشنها المستوطنون بحقهم.
نزوح جماعي للضفة
فيما أكد العامل نصري مهنا (32 عاماً) أنه وصل جنين مساء الثلاثاء، 10 من أكتوبر/تشرين الأول، رفقة 8 عمال آخرين كانوا معاً يعملون في منطقة عسقلان الصناعية، وذلك بعد أن تلقينا أوامر من الجيش بضرورة مغادرة مكان عملنا، بعد أن أوقفت الإدارة المدنية تصاريح العمل عبر تطبيق المنسق.
وأكد المتحدث تم نقلنا عبر حاجز الجلمة، وتوجهنا فور وصولنا لمركز المحافظة لتأمين مبيت، إلا أن بعض العمال في الداخل لم يستطيعوا مغادرة المكان بسبب الوجود الكثيف للمستوطنين في المناطق المحيطة بنا.
وتابع هنالك عدد كبير ممن لم نستطع التواصل معهم، وتم إبلاغ الجهات الحكومية حتى الآن بفقدان التواصل مع 25 عاملاً في الداخل، وهم إما كانوا قيد التحقيق لدى الجيش والشرطة، أو تم اقتيادهم من قبل المستوطنين لأماكن مجهولة.
وأعلنت محافظة رام الله تأمين نحو 600 عامل في فنادق وقاعات رياضية ومراكز إيواء، كما أعلنت محافظة جنين تأمين نحو 300 آخرين في ساحة المركز الكوري التابعة للمحافظة.
وكانت سلطات الاحتلال قد فتحت معبر بيت حانون/ إيرز، شمال القطاع، في 28 سبتمبر/أيلول 2023، لدخول العمال من غزة للعمل في الداخل، بعد نحو أسبوعين من الإغلاق بسبب مسيرات العودة التي دعت إليها حركة حماس رفضاً للاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى.
يُذكر أنه فجر السبت، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"؛ رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة لليوم الخامس توالياً على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني، يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.