اتُّهِمَ المتحف البريطاني بشراء قطعة أثرية مصرية من تاجر آثار يدعى موسى خولي، مُدان بالتهريب في عشرات القضايا، دون اتباع الإجراءات اللازمة، بحسب صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول 2023.
الصحيفة أشارت إلى أنه جرى الحصول على تمثال الأوشابتي، وهو تمثال صغير على شكل مومياء، يوجد في الكثير من المقابر المصرية القديمة، في عام 2017 من موسى خولي، الذي يُعرَف أيضاً باسم موريس خولي، والذي يدير دار مزادات في نيويورك.
واعترف خولي بالذنب في عام 2012 لشرائه وتهريبه قطعاً أثرية مصرية، بما في ذلك توابيت، ومراكب جنائزية، وتماثيل من الحجر الجيري، وتقديم إقرارات كاذبة للجمارك بشأن بلد المصدر لتلك القطع وقيمتها.
وكشفت السلطات الأمريكية هذا العام، 2023، أنَّ 77 قطعة أثرية صُودِرَت من خولي عام 2012، إلى جانب قطع أثرية مصرية قد أُعيدَت إلى اليمن.
ووفقاً للصحيفة فإن سجلات المتحف البريطاني أظهرت شراء تمثال أوشابتي يعود تاريخه إلى عصر الأسرة الثالثة عشرة في مصر القديمة، والتي استمرت في الفترة بين عامي 1782 و1650 قبل الميلاد، في عام 2017، من معرض "Palmyra Heritage Gallery" (أو معرض تراث تدمر) الذي يعود لخولي.
تأتي هذه الإفصاحات بعد تحقيق أجرته صحيفة The National، وهي صحيفة شرق أوسطية، بالاشتراك مع أنجليكا هيلويغر، وهي محامية وخبيرة في الجرائم بشركة Rahman Ravelli في لندن.
"الإشارات التحذيرية"
إذ قالت هيلويغر إنَّها تعتقد أنَّ المتحف البريطاني قد تجاهل سلسلة من "الإشارات التحذيرية"، بما في ذلك الاعتماد على صور مسح ضوئي لوثائق مصدر تمثال الأوشابتي بدلاً من المطالبة بنسخة مادية من الوثائق.
وقِيلَ إنَّ الوثيقة المكونة من 4 صفحات، والمكتوبة باللغة العربية، تُسجِّل شراء القطعة الأثرية عام 1946، من جانب رجل مصري أخذها بعد ذلك إلى بروكلين في نيويورك.
وأضافت هيلويغر لصحيفة التايمز البريطانية أنَّ الوثيقة "قالت إنَّ (التمثال) كان في حيازة الأسرة منذ ذلك الحين، لكن ليس لدينا وثائق لنقل الملكية، ولا وثائق إرث، وهو ما كان يجب أن يدق ناقوس الخطر. مَن المسؤول الحقيقي عن هذه الإجراءات اللازمة؟ فإذا ما اتُّبِعَت الإجراءات اللازمة كان بإمكانهم اكتشاف أنَّ خولي هو مجرم مُدان".
فيما قال كريس مارينيلو، مؤسس شركة Art Recovery International المعنية باستعادة القطع الفنية والأثرية المسروقة وتسوية النزاعات في هذا الشأن، إنَّه كان من السهل إجراء بحث حول خلفيات خولي.
وأضاف: "يبدو أنَّ قسم الإجراءات اللازمة في المتحف البريطاني، إن كان يوجد قسم كهذا، يحتاج إلى تعلُّم كيفية إجراء بحث على موقع جوجل. لو كانوا فعلوا ذلك عند حصولهم على القطعة الأثرية لكان جرى تنبيههم على الفور إلى البيان الصحفي لمكتب المدعي العام الأمريكي، وإشعار المصادرة بتاريخ 18 أبريل/نيسان 2012 بخصوص البائع".
التمثال في "منشأة آمنة"
وقال المتحف إنَّه يتعاون مع السلطات الأمريكية، وإنَّ التمثال الذي لم يُعرَض قط موجود الآن في "منشأة آمنة".
وقالت متحدثة باسم المتحف: "ظهرت معلومات إضافية بعد الحصول على القطعة، دفعتنا إلى التواصل مع السلطات الأمريكية".
وأضافت: "يُعَد تحديد أصل القطعة الأثرية جزءاً لا يتجزَّأ من عملية الاقتناء في المتحف، ونحن نقدم المساعدة للسلطات الأمريكية في نيويورك بخصوص التحقيقات منذ 2019. وسيكون من غير المناسب إصدار المزيد من التعليقات في ظل استمرار التحقيقات".
يأتي ذلك بعد استقالة مدير المتحف البريطاني، هارتويغ فيشر، بعد الكشف عن سرقة ما يصل إلى ألفي قطعة أثرية قديمة من مجموعة المتحف. ولم يصدر المتحف حتى الآن جرداً كاملاً للمقتنيات المسروقة، ويتساءل الخبراء ما إن كان المتحف يعرف أصلاً ما هي القطع المفقودة، بسبب حقيقة أنَّ أقل بقليل من نصف القطع، البالغ عددها ثمانية ملايين قطعة، الموجودة لدى المتحف، لم تخضع لعملية جرد بعد.
وقالت هيلويغر إنَّه من المُلِحّ أن يتحقق المتحف من أصل القطع الأخرى غير الموثقة في مجموعته. وأضافت: "يبدو في الوقت الراهن على الأقل أنَّ هذه هي القطعة الوحيدة التي حصل عليها (المتحف) من خولي، لكن كما علمنا عقب السرقات الأخيرة لم يقُم المتحف البريطاني بجرد كامل، لذا يثير هذا تساؤلات بالنسبة لهم".