روسيا تلتف على العقوبات الغربية بتزييف إحداثيات مواقع ناقلات النفط.. تضمن بذلك تدفق وقودها للأسواق

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/27 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/27 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
سفينة تحمل النفط الروسي في بحر البلطيق - صورة أرشيفية - Getty Images

تلجأ روسيا إلى التحايل في تحديد مواقع ناقلات النفط، من أجل استمرار تدفق وقودها الخاضع للعقوبات إلى الأسواق، على خلفية الحرب التي تشنها موسكو على الأراضي الأوكرانية، وتعمل روسيا من خلال هذا التحايل على بيع الوقود بأسعار أعلى من تلك التي تريدها القوى الغربية المناهضة لموسكو.

وكالة Bloomberg الأمريكية، أفادت الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول 2023، بتوقف ناقلتي نفط قديمتين قبالة الساحل الجنوبي لليونان الأسبوع الماضي، وقالت إن إحداهما استقرت إلى جانب الأخرى لتنقل إليها كميات كبيرة من النفط.

لكن الغريب أن أنظمة التتبع العالمية للمواقع عبر الأقمار الاصطناعية، لم تسجِّل وصول الناقلتين إلى هذا الموقع في هذا التوقيت، بل زعمت بياناتها أن الناقلتين تُبحران في مواقع أخرى.

بلغ الاختلاف بين الموقع الحقيقي والإلكتروني للناقلات أكثر من 6 كيلومترات، لكن هذا الخلل لم يكن عفوياً، بل خداعاً متعمداً، وهي إحدى الحيل المتبعة في منظومة معقدة تسعى إلى استمرار تدفق الوقود الروسي للأسواق رغم العقوبات. 

يحدث هذا الخداع من خلال إعطاء إحداثيات مزيفة لنظام التعرف الآلي على المواقع، المعروف باسم "إيه آي إس" AIS، وهي وسيلة لتمويه المكان الذي تأتي منه شحنات النفط، وحيلة لتهدئة المشترين المتوترين الذين يحاولون إخفاء التعاملات المحظورة مع روسيا بمقتضى العقوبات الدولية التي فُرضت عليها عقب غزوها لأوكرانيا.

بيانات الأقمار الصناعية، إضافة إلى مصادر تحدثت للوكالة الأمريكية، كشفت أن الناقلة "توربا" Turba إحدى الناقلتين اللتين شاركتا في مناورات التمويه السرية التي وقعت على بُعد كيلومترات قليلة من الساحل اليوناني في 19 سبتمبر/أيلول 2023.

يبلغ طول الناقلة "توربا" أكثر من 240 متراً، وقد بُنيت قبل 26 عاماً؛ ما يعني أن عمرها الافتراضي انتهى وكان يُفترض التخلص منها، إلا أن ذلك لم يحدث، بل أصبحت السفينة رمزاً لمساعي روسيا المتواصلة من أجل الحفاظ على حصتها في تجارة النفط.

كانت الناقلة توربا قد أثارت في شهر مايو/أيار 2023، غضباً تنظيمياً غربياً بسبب تقادم عمرها، وسوء سجلها في عمليات التفتيش، وغموض تفاصيل ملكيتها، فضلاً عن كونها ترفع علم الكاميرون، وهي دولة تُدرجها منظمات دولية معنية بالشحن الآمن في القائمة السوداء.

روسيا تلتف على العقوبات 

يأتي هذا المسعى الروسي لاستمرار تدفق وقودها إلى أنحاء مختلفة في العالم، بعد العقوبات التي أقرتها "مجموعة السبع"؛ إذ جمعت روسيا أسطولاً ضخماً من ناقلات النفط، وأغلبها من سفن قديمة مثل توربا.

بمقتضى هذه العقوبات، فإن دول الاتحاد الأوروبي محظور عليها شراء النفط الروسي؛ إضافة إلى أن شركات التكتل، وخاصة شركات التأمين وشركات الناقلات، ممنوعة من مساعدة الشركات الروسية في نقل نفطها، إلا أنه بمجرد وصول هذه السفن إلى المياه الدولية -كما هو الحال قبالة سواحل اليونان- فإن نطاق السيطرة على هذه الناقلات ونشاطها يتضاءل.

تُشير الوكالة الأمريكية إلى أنه يُعتقد بأن نصف النفط الروسي على الأقل يتدفق إلى الأسواق من خلال ناقلات أسطول الظل مثل توربا، ويعد انتحال الإحداثيات ممارسة معروفة في شحن النفط، فهي وسيلة لطالما تستخدم لإخفاء نشاط الناقلات. 

وعلى الرغم من أن هذه الممارسة تُغضب الجهات التنظيمية، فإنها قانونية تماماً في المياه الدولية، وتعلن الشركات عبر الإنترنت عن تقديم خدماتها في هذا المجال، فمن أجل تشويش أجهزة التتبع، تستعين السفينة بشخص يُرسل إشارات مزيفة عن موقع السفينة في مكان آخر، ويوقف طاقم السفينة جهاز الإرسال والاستقبال الفعلي للإشارات.

سفن لا تزال تنقل النفط الروسي رغم العقوبات – رويترز

في الأسبوع الماضي، التقط العديد من أنظمة التتبع المعروفة، الإشارات الكاذبة لتوربا في موقع آخر؛ إذ بدا أنها على بُعد كيلومترات من الناقلة "سيمبا"، وهي ناقلة قديمة أخرى، إلا أن البيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ" أثناء زيارة المنطقة لمراقبة نشاط الشحن، كشفت أن الناقلتين كانتا واقفتين جنباً إلى جنب في خليج لاكونيان.

يقع خليج لاكونيان على بُعد نحو 177 كيلومتراً من جنوب غرب أثينا، وقد صار مركز شحن مهماً لموسكو بعد العقوبات، وتعتمد روسيا على مواقع أخرى؛ مثل منطقة سبتة القريبة من الساحل المغربي، ومناطق نائية من المحيط الأطلسي.

لا يُسمح للشركات اليونانية بتقديم خدمات تُساعد روسيا في نقل النفط، إلا أن السلطات المحلية ليست لديها القدرة على مراقبة النشاط الذي يجري في خليج لاكونيان، لأن عمليات نقل البضائع تجري في المياه الدولية، والتي تبدأ من على بُعد أقل من 10 كيلومترات فقط من الساحل هناك.

علامات:
تحميل المزيد