شيع مئات العراقيين، الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول 2023، ضحايا الحريق المفجع الذي وقع خلال حفل زفاف الليلة الماضية، في منطقة قضاء "الحمدانية" بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، مما أسفر عن مقتل مئة شخص على الأقل، فيما أكد مسؤول عراقي اعتقال 9 أشخاص على خلفية القضية.
جرى تشييع الضحايا في بلدة قرقوش، ومرّت النعوش الواحد تلو الآخر نحو المقبرة أمام أنظار المئات من المشيعين، وحمل رجال النعوش التي لفّ بعضها بالأبيض وزيّنت بالورود، فيما تصدّرت صور الضحايا المواكب، بينهم أطفال، بينما سارت النساء جنباً إلى جنب، متكئات على أكتاف بعضهن البعض، ذارفات الدموع ومتشحات بالسواد.
سميرة شيتو، ربّة المنزل والبالغة 53 عاماً، جاءت لدفن 15 شخصاً من أقربائها، وقالت: "نحن دفنا 15 شخصاً… من الأب إلى أصغر طفل يبلغ أربع سنوات"، وأضافت وصوتها يرتجف: "توفي لنا أيضاً رجل وابنتاه التوأمان، لكن لم يعطونا إياهم بعد".
تتوقف المرأة بعد ذلك عن الكلام وتتنهد، ثم تسأل: "من المسؤول؟ صاحب القاعة الذي لم يؤمن فيها ضماناً"، وأكملت: "لم يبق لدينا إحساس، أصبحنا جميعاً بلا إحساس، كلنا ميتون، لا يوجد شخص في قرقوش ليس ميتاً، ولا يوجد شخص لم يفقد شخصاً من أهل وأصدقاء"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان هؤلاء الضحايا الذين نُقلوا إلى مثواهم الأخير، من بين مئات المشاركين في حفل زفاف بالبلدة نفسها التي تعرف كذلك باسم الحمدانية، ليل الثلاثاء-الأربعاء، قبل أن ينشب حريق مفاجئ ويحوّل الفرح إلى حزن.
خلال ثوانٍ تغيّرت حياة هؤلاء حين التهم الحريق قاعة الزفاف بسرعة قياسية كما قال شهود عيان، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت وسائل إعلام عراقية مقاطع فيديو صوّرها بعض الحاضرين قبيل اندلاع الحريق، تظهر أجهزة ألعاب نارية وهي تطلق الشرارات التي لامست سقف القاعة وأشعلته.
في سياق متصل، قالت وسائل إعلام عراقية إن الزوجين نجوا بحياتهما من الموت، وذلك بعدما انتشرت أنباء في البداية أفادت بأن العروسين توفيا.
تُشير رواية الدفاع المدني في العراق إلى أن "معلومات أولية" تشير إلى أنّ سبب الحريق هو "استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف"؛ مما أدى إلى "اشتعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر"، فضلاً عن استخدام مواد بناء "سريعة الاشتعال" و"مخالفة لتعليمات السلامة" المنصوص عليها قانوناً، ما أسهم في زيادة شدّة الحريق.
على وقع الخوف والهلع، حصل تدافع بين المشاركين في حفل الزفاف ولم ينجح كثير منهم في الهرب بالوقت المناسب، خصوصاً بسبب النقص بعدد مخارج الطوارئ.
من جانبها، نقلت وسائل إعلام رسمية عن وزارة الداخلية قولها إنها أصدرت أربعة أوامر ضبط لمُلاك قاعة الزفاف، وطالب الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بفتح تحقيق، وأضافت في وقت لاحق، أن الشرطة ألقت القبض على واحد من مُلاك القاعة.
بدوره أكد رئيس خلية الإعلام الأمني بالعراق، سعد معن، في تصريح لقناة "الجزيرة"، عدم وجود مؤشرات على وجود قصد جنائي في حريق الحمدانية، وأضاف أن السلطات ألقت القبض على 9 أشخاص على خلفية الحريق.
كذلك قال ثلاثة أشخاص حضروا حفل الزفاف، إن القاعة لم تكن مجهزة لمواجهة الكارثة فيما يبدو، فلم يعثروا فيها على طفايات حريق وكان عدد المخارج فيها قليلاً. وأضافوا أن رجال الإطفاء وصلوا بعد 30 دقيقة من بدء اندلاع الحريق.
أثار حريق الحمدانية حزناً عربياً أيضاً، حيث تداولت منصات التواصل عشرات التغريدات التي تنعى ضحايا الحريق وتتضامن مع المصابين، إضافة إلى التضامن الرسمي العالمي مع العراق.
وبعث كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس فلسطين محمود عباس، وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ببرقيات تعازٍ وتضامن، وفق بيانات رسمية من تلك البلدان، كما أصدرت السعودية ومصر والبحرين بيانات تعازٍ وتضامن منفصلة مع العراق، إضافة إلى تقديم وزارة الخارجية التركية تعزية بضحايا الحريق.