كشف رئيس مجلس إدارة شركة "بايكار" التركية للصناعات العسكرية، سلجوق بيرقدار، أن طائرات مسيّرة جديدة من إنتاج الشركة، ستُحدِث "ثورة" في النفوذ العسكري التركي، متحدثاً عن زيادة الطاقة الإنتاجية للشركة الضخمة التي زادت من نفوذ تركيا، بحسب ما أوردته وكالة بلومبرغ الأمريكية، الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول 2023.
تحدثت الوكالة عن مقابلة نادرة مع بيرقدار أُجريت في قاعدة جوية على مشارف أنقرة، وعبّر فيها بيرقدار- خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- عن طموحاته إلى توسيع قدرات الشركة ومبيعاتها الدولية بشكل أكبر؛ في محاولة لتعزيز ثقل تركيا في الخارج.
ستبدأ شركة "بايكار" قريباً في الإنتاج الضخم لواحدة على الأقل من طائرتين مسيَّرتين متطورتين، ستقلعان من حاملة الطائرات الصغيرة المُنشأة حديثاً في تركيا، والمُسماة "تي سي جي أناضول"، وقالت الوكالة إن الشركة عرضت على مدرج قاعدة عسكرية جيلها الجديد من الطائرات المسيَّرة المقاتلة، التي ستطير بشكل أسرع وأبعد، في حين تحمل أسلحة أكثر من طائراتها الموجودة.
بيرقدار، الذي يحمل لقب كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة التي أسسها والده، وتسيطر عليها عائلته، قال إن الطائرات المسيَّرة الجديدة ستُحدِث "ثورة" في النفوذ العسكري التركي من البحر الأسود والقوقاز إلى شرق البحر الأبيض المتوسط وشواطئ شمال أفريقيا.
لفتت الوكالة إلى أن هذا سيمكِّن تركيا من إجراء عمليات مراقبة وتحديد الهجمات فوق القارات بفضل زيادة زمن طيرانها ونطاق عملياتها.
كذلك ستعمل الطائرات المسيَّرة الجديدة على تعزيز سمعة البلاد كمورد لتكنولوجيا الحرب عالية الجودة وبأسعار معقولة، وهو مكان فريد تحتله تركيا بين حفنة من الدول المنتجة لطائرات مسيَّرة متطورة، وفقاً لفابيان هينز، خبير الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن.
يؤكد بيرقدار- وهو أيضاً صهر الرئيس أردوغان– أن "شركة بايكار"، حققت 82% من أرباحها من الصادرات على مدى العقدين الماضيين، مضيفاً أن الطاقة الإنتاجية زادت بنسبة 50% خلال العام الماضي.
المسيّرات توسع نفوذ تركيا
الجيل الجديد من الطائرات المسيّرة لتركيا يعكس الطموحات المتزايدة لشركة "بايكار"، التي نمت قوتها بشكل متزايد في الخارج، بعد أن استخدمت أوكرانيا طائرات "بيرقدار تي بي 2″، لمحاربة القوات الروسية بفاعليةٍ كبيرة.
بحسب الوكالة الأمريكية، فإن الطائرات الحربية المسيّرة التركية تساعد أردوغان على توسيع نفوذ تركيا عالمياً، فخلال السنوات الأخيرة، أصبحت "بايكار" جزءاً أساسياً من حملة أردوغان لبناء صناعة دفاعية مكتفية ذاتياً، من خلال منتجات تتراوح من الطائرات المسيَّرة المسلحة إلى الطائرات المقاتلة والسفن الحربية.
كذلك فإن جميع هذه الأسلحة المتطورة تهدف إلى دعم سياسة أردوغان الخارجية الحازمة بشكل متزايد في منطقة غارقة في الصراعات، بحسب "بلومبرغ"، التي أوضحت أن الهجوم الروسي على أوكرانيا ساهم بارتفاع المبيعات الخارجية للطائرات المسيَّرة أيضاً بشكل مطرد، مما منح تركيا نفوذاً سياسياً أكبر خارج منطقة الشرق الأوسط.
في الوقت نفسه، تسعى الشركة لتوسيع حصتها في الأسواق من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا من خلال المسيّرات "بيرقدار تي بي 2″، و"بيرقدار آقنجي"، إضافة إلى طائرتي "بيرقدار تي بي 3″، و"بايكار بيرقدار قزل إلما"، المُطوَّرتين حديثاً.
تقول الشركة إنها تبيع طائرتها الرائدة "بيرقدار تي بي 2" في 31 دولة، ورغم أن معظم هذه المبيعات كانت موجهة إلى الدول النامية، فإنها تمثل قفزة من اثنين فقط من المشترين الخارجيين قبل أربع سنوات.
يقول بيتر ويزمان، أحد كبار الباحثين بمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام: "لقد نمت مبيعات بيرقدار تي بي 2 بسرعة في السنوات القليلة الماضية. تطلب الدول واحدة تلو أخرى دفعات بأحجام مختلفة".
كانت الطائرات المسيّرة التركية قد قلبت موازين الأمور في عملية مكافحة التمرد المستمرة منذ عقود في أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني بجنوب شرقي البلاد وشمال العراق وسوريا، فضلاً عن استخدام هذه الطائرات في صراعات أخرى، مثل أذربيجان وليبيا لصالح حلفاء أنقرة، وفقاً لـ"بلومبرغ".
لفتت الوكالة إلى أنه حتى خارج منطقة الشرق الأوسط، من المرجح أن تكون الطائرات المسيَّرة التركية ذات قيمة خاصة بالنسبة للدول العاملة خارج حلف شمال الأطلسي أو غير القادرة على الحصول عليها من الولايات المتحدة أو إسرائيل لأسباب سياسية أو مالية.
تُشير "بلومبرغ" إلى أن بيرقدار يواجه كثيراً من التحديات فيما يخص أكبر طموحاته، إذ تظل الولايات المتحدة وإسرائيل والصين أكبر مورِّدي الطائرات المسيَّرة في العالم.
في هذا الصدد، قال ويزمان إن "عروض بايكار لا تقترب من الطائرات المقاتلة الحديثة التي تنتجها دول مثل الولايات المتحدة من حيث الأداء. ومع ذلك، فإن الطائرات المسيَّرة التركية تُباع بأسعار أرخص كثيراً".
يُذكر أن شركة "بايكار" تأسست في عام 1986 على يد والد سلجوق، أوزديمير، كشركة للآلات، لكن سلجوق اكتسب اهتماماً بالطيران عندما كان صبياً صغيراً، وبدأ التحول إلى المعدات العسكرية في 2007، ثم تطوير الطائرات المسيَّرة المقاتلة. وتزوج بسمية، ابنة الرئيس، عام 2016.
ثم في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا لشرائها أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا. ومنعت تركيا من استلام طائرات إف-35 من شركة لوكهيد مارتن الأمريكية.