أكبر تجمع حكومي أمني بالعالم عرضة للانهيار! منظمة الأمن الأوروبية تواجه أزمة بسبب “فيتو” روسيا ضدها

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/24 الساعة 17:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/24 الساعة 17:03 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين / رويترز

قالت صحيفة The Financial Times البريطانية في تقرير نشرته الأحد 24 سبتمبر/أيلول 2023، إن رئيس "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" تعهَّد بألا يترك المنظمة التي توصف بأنها أكبر تجمع حكومي أمني في العالم "عرضة للانهيار"، إذ أدى استخدام موسكو حق النقض على قرارات المنظمة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى إصابة المنظمة بحالة من الشلل.

تأسست منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1975 لتكون منتدى يجمع القوى الغربية وروسيا لمناقشة القضايا الأمنية والسعي إلى حلها، وهي تتكون من 57 دولة، معظمها أوروبية، لكن تضم كذلك دولاً تقع في آسيا وفي أمريكا الشمالية. ومع ذلك، يقول مراقبون إن المنظمة تكاد تحتضر لأن روسيا تتعمد عرقلة الإجراءات الدورية المهمة لها، مثل إقرار الميزانية الجديدة وانتخاب رئيس جديد لتولي المنصب بدايةً من العام المقبل.

منظمة أوروبية تتهم روسيا باستهدافها

قال بوجار عثماني، وزير خارجية مقدونيا الشمالية والرئيس الحالي للمنظمة، إن "نهج المواجهة الصفرية"، الذي تتبعه روسيا وزادت إمعاناً فيه منذ بداية الحرب في أوكرانيا، "أصاب المؤسسة بالشلل".

OSCE's secretary-general Helga Schmid with Polish foreign minister Zbigniew Rau and North Macedonia foreign minister Bujar Osmani

وتنتهي ولاية عثماني في ديسمبر/كانون الأول، ويتطلب اختيار الرئيس الجديد موافقةً بالإجماع من أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومنهم روسيا. إلا أن موسكو حالت دون التوافق على المرشح الوحيد، وزير خارجية إستونيا مارغوس تساهكنا، الذي تُعد حكومته حليفاً قوياً لأوكرانيا.

وفي مقابلة مع صحيفة The Financial Times، قال عثماني: "المشكلة الأصعب الآن هي غياب القيادة السياسية؛ لأن المنظمة لا يمكن أن تعمل من دون رئيس".

وقال إيان ليسر، نائب رئيس "صندوق مارشال الألماني"، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، إن روسيا ترى أن "من مصلحتها إصابة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بنوعٍ من الاختلال الوظيفي"، لا سيما أنه "من الواضح أن [إستونيا] من بين أبرز الدول المعارضة لما تفعله روسيا في أوكرانيا".

روسيا ترفض تمويل المنظمة الأوروبية

في حين رفضت روسيا التعاون مع المنظمة والإسهام في ميزانيتها هذا العام؛ ونقلت وكالة أنباء Interfax الروسية عن فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما الروسي، قوله في أبريل/نيسان: "لا يجوز لنا أن ندفع في مقابل شيء لم نشارك بالرأي فيه".

وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف – رويترز

يدعم عثماني المرشح الإستوني للرئاسة -الذي لا تعارضه سوى روسيا وبيلاروسيا- إلا أنه قال قد يعرّض الاستمرار في المنصب إذا كان هذا هو "الحل الأخير"، فنحن "لن نترك المنظمة تنهار". ومع ذلك فإن هذه الخطوة تتطلب موافقة روسيا أيضاً.

وقال تساهكنا من إستونيا: "ليس هناك شك في أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تمر بأكبر أزمة في تاريخها"، وقد طلبت من جميع أعضائها احترام المبادئ التي "لا تزال روسيا تنتهكها انتهاكاً جسيماً". ونحن "لم نتمكن من الاتفاق على الميزانية منذ عدة سنوات، ولم نتوصل إلى اتفاق بشأن المناصب العليا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ولم ننتخب رئيساً لدورة 2024 ولا 2026".

تأتي تلك الأزمة في وقت لا تلوح فيه أي علامة على قرب انتهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، وبعد أيام من توسط روسيا في وقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ، وهي المنطقة الواقعة في جبال القوقاز الجنوبية المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان، وكلتاهما عضو في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

المنظمة الأوروبية أوقفت نشاطها في أوكرانيا

جديرٌ بالذكر أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أوقفت في عام 2022 بعثة المراقبة التي كانت تتولاها لمراقبة الأمن في أوكرانيا منذ الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وجاء التوقف بعد أن منعت موسكو تمديد مهام البعثة في مارس/آذار من العام الماضي، وخالفت القانون باحتجاز موظفي المنظمة في دونيتسك ولوغانسك اللتين تحتلهما في شرق أوكرانيا.

جندي أوكراني يسير بجوار دبابة قتال رئيسية روسية مدمرة T-90M ، في منطقة خاركيف بشمال شرق أوكرانيا في في مايو/أيار 2022-رويترز

أثار العدوان الروسي والجمود المؤسسي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تشكيكاً في قدرة المنظمة على الاضطلاع بالأمور التي أنشئت لأجلها. واشتدت أزمة المنظمة بعد الإعلان عن تشكيل ما يُعرف بتكتل "المجموعة السياسية الأوروبية" في الصيف الماضي، وهي منظمة تتألف من 57 عضواً وتُعنى بمناقشة القضايا الاستراتيجية الأوروبية، وقد استُبعدت روسيا من الانضمام إليها.

من جانب آخر، قال عثماني إنه اقترح "حلولاً مستحدثة" بشأن الميزانية، واختيار رئيس للمنظمة في عام 2024، لكن لم يُوافق عليها بعد. وقد امتنع عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل، إلا أنه قال: "أظن أن أمامنا بضعة أسابيع أخرى من أجل التوصل إلى توافق في الآراء، وبعد ذلك الموعد يجب أن نبدأ في اتخاذ القرارات".

علامات:
تحميل المزيد