رغم تحذير السيناتور لزوجته بعدم استخدام البريد الإلكتروني! الرسائل المتبادلة كشفت تفاصيل قضية الرشوة بمصر

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/23 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/26 الساعة 20:52 بتوقيت غرينتش
السيناتور الأمريكي روبرت مينينديز في لقاء بالسيسي في أغسطس/ 2023- الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية المصرية في فيسبوك

قالت The Hill الأمريكية في تقرير نشرته السبت 23 سبتمبر/أيلول 2023، نقلاً عن المدعين الفيدراليين الأمريكيين إن السيناتور بوب مينينديز (الديمقراطي-نيوجيرسي) طلب من زوجته عدم استخدام الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني للاستفسار عن المدفوعات المتأخرة من وائل حنا، رجل الأعمال المصري الأمريكي. حيث وجه الادعاء التهمة إلى السيناتور وزوجته بالمشاركة في تنظيم مخطط رشوة واسع النطاق، يوم الجمعة 22 سبتمبر/أيلول.

إذ بنى المدعون الفيدراليون جزءاً كبيراً من قضيتهم ضد مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، على الرسائل النصية المتبادلة بين السيناتور وزوجته نادين وبقية المتهمين.

Image

الكشف عن رسائل نصية تخص السيناتور الأمريكي وزوجته

تشمل أكثر التفاصيل إدانةً عدة رسائل نصية بعثت بها نادين مينينديز إلى زوجها لتشتكي من عدم تسلم المدفوعات من شخصٍ في نيوجيرسي. ويقول المدعون إن ذلك الشخص استفاد مالياً من ملكيته لشركة منحتها مصر حق احتكار التصديق على صادرات اللحوم الأمريكية للبلاد.

وكتبت نادين في الرسالة النصية إلى زوجها، اعتراضاً على تأخر المدفوعات من ويل حنا: "أنا غاضبة للغاااااااية".

يقول الادعاء إن حنا حصل على حقوق حصرية مربحة للتصديق على صادرات اللحوم الحلال، وذلك بفضل نفوذ مينينديز على السياسة الأمريكية-المصرية وصادرات الأسلحة لمصر.

كما كتبت نادين خلال رسالة نصية: "لقد ظننت أنه سيحترم كلمته ولو لمرةٍ على الأقل بعد كل ما حدث، خاصةً في يوم السبت وفي ذلك الأسبوع [تشير إلى اجتماع مينينديز مع مسؤولين مصريين بارزين]. لا أعرف ما إذا كان يجب علي مراسلة فريد دعبس [متهم آخر] أم الانتظار. ماذا يجب أن أفعل؟". فأجابها السيناتور قائلاً: "يجب ألا تستخدمي الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني".

اتهامات لسيناتور أمريكي بتلقي رشى من مصر

وردت تفاصيل المراسلات في لائحة اتهام من 39 صفحة قدمها الادعاء ضد مينينديز، وزوجته، وحنا، ودعبس، ومتهم خامس يُدعى خوسيه أوريبي.

لكن مينينديز دفع بالبراءة في بيانٍ له يوم الجمعة. وقال: "لقد اتُّهِمت زوراً من قبل لأنني رفضت التراجع أمام أصحاب السلطة، وقد رأى شعب نيوجيرسي الأمور على حقيقتها وأدرك أنني بريء".

بينما تزعم لائحة الاتهام أن مينينديز حذف الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني من هاتف زوجته حتى يخفي أدلة الإدانة.

ويقول الادعاء إن نادين "نقلت" إلى زوجها طلباً من مسؤول مصري يريد مساعدة السيناتور في تعديل وصياغة خطاب للضغط على أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، وذلك من أجل إقناعهم بدعم المعونة الأمريكية لمصر.

كما يزعم الادعاء أن مينينديز "عدّل وكتب الخطاب المطلوب بشكلٍ سري"، ثم أرسله من بريده الإلكتروني الشخصي إلى بريد زوجته، التي وجّهت الخطاب بعد ذلك إلى شريك آخر بعثه للمسؤولين المصريين.

وأوضح الادعاء أن السيناتور وزوجته حاولا إخفاء آثارهما بحذف رسالة البريد الإلكتروني التي طلبت فيها نادين من زوجها كتابة الخطاب.

وأكد الادعاء كذلك أن السيناتور دمّر أدلة تُفيد بتدخله في محاكمة جنائية لصالح "شريكِ" أحد المتهمين، وذلك في مقابل الحصول على سيارة مرسيدس من طراز C-300 ذات السقف القابل للطي -ويبلغ سعرها 60 ألف دولار.

يُذكر أن المتهم أوريبي هو الذي كان متورطاً في القضية الجنائية، وتحدث عن مخاوفه إلى المتهم الآخر حنا.

تفاصيل قضية الرشوة

في ما تصف لائحة الاتهام واقعتين شهدتا تناول السيناتور وزوجته للعشاء مع اثنين من المتهمين، وذلك في يومي 26 و27 يناير/كانون الثاني 2019. وتقول المزاعم إنهم اتفقوا حينها على "تدخل" السيناتور لدى أحد المدعين الكبار في الولاية للتأثير على نتيجة القضية.

وتنص وثيقة الاتهام على أن السيناتور طلب وتلقى عدة رسائل نصية من زوجته عن المتهم وتفاصيل القضية، قبل أن يتصل بالمدعي العام.

لكن السيناتور وزوجته حذفا تلك الرسائل النصية لاحقاً بحسب الادعاء.

ولم ينجح أي من المتهمين في نفي أدلة المدعي الأمريكي داميان ويليامز بعد. ولو ثبتت صحة تلك الأدلة؛ فسوف يشير ذلك إلى أن مينينديز ليس محتالاً فحسب، بل هو محتال فاشل للغاية.

تملأ المظاريف لائحة الاتهام التي أعدها ويليامز كما كانت تملأ منزل السيناتور عندما زاره مكتب التحقيقات الفيدرالي الصيف الماضي. وأبلغ عناصر المكتب الفيدرالي عن العثور على المظاريف داخل جيوب سترتين تحملان تطريزاً باسم السيناتور -ويبدو أن إحداهما هي سترة خاصة بالتجمع الإسباني في الكونغرس.

ويقول مكتب التحقيقات إنه عثر على بصمات أصابع دعبس وسائقه، وحمضهما النووي، على تلك المظاريف. كما وجدوا عنوان دعبس على أحدها.

نصف مليون دولار رشوة من مصر

في ما وصل إجمالي قيمة النقود داخل العقار إلى نحو نصف مليون دولار، دون احتساب قيمة السيارة المرسيدس الموجودة في المرأب..

أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي عن العثور على سبائك ذهبية من مختلف الأحجام بقيمة 100 ألف دولار داخل منزل مينينديز. وتكمن مشكلة سبائك الذهب في أنها تأتي بأرقام متسلسلة فريدة. بينما تؤكد لائحة الاتهام أن تلك الأرقام ساعدتهم في ربط اسم دعبس بـ11 سبيكة كانت موجودة في المنزل، وربط اسم حنا بسبيكتين منها.

لم يتضح بعد ما إذا كان الفيدراليون قد حصلوا على هذه المعلومات من مزود خدمة الإنترنت الخاص بمينينديز، أم أن السيناتور لم يحذف تاريخ التصفح. لكن لائحة الاتهام تزعم أن السيناتور بحث على جوجل عن "سعر كيلوغرام الذهب"، وذلك بعد وقتٍ قصير من تسلمه إحدى سبائك الذهب.

وليست هذه هي المرة الوحيدة التي ترك فيها السيناتور أدلة على الإنترنت. حيث تزعم الشكوى أن مينينديز بحث على جوجل عن اسم الوكالة الحكومية التي تحقق في أمر أحد موظفي -وأقارب- خوسيه أوريبي، قبل أن يحاول التدخل في القضية بحسب المزاعم.

صور أثناء حفل عشاء وثقت تفاصيل القضية

في حين سمح الزوجان مينينديز، وأوريبي، وأحد شركائهما لشخصٍ ما أن يلتقط لهما صورةً أثناء "عشاء احتفالي"، وذلك بعد فترةٍ وجيزة من تدخل السيناتور لحل بعض مشكلات أوريبي القضائية.

كما التُقطت للزوجين صورة خلال حفل عشاء خاص في منزل مسؤول استخباراتي مصري أثناء إحدى عمليات الرشوة المزعومة. بينما قال الفيدراليون إنهم عثروا على صورة لسبيكتين من الذهب على هاتف زوجة السيناتور -وكلاهما تحملان الأرقام المتسلسلة التي تربطهما بدعبس بكل وضوح.

لم تكن نادين تراسل الأصدقاء الأمريكيين فحسب. بل كتبت رسالة إلى مسؤول استخباراتي مصري تقول له فيها: "لديك رقمي إذا كنت بحاجةٍ لأي شيء، وسوف نحقق لك كل شيء".

كما تركت رسالة نصية تؤرخ موافقة أوريبي على منحهم السيارة المرسيدس، حيث راسلت حنا قائلةً: "أنا متحمسة للغاية، لأننا سنحصل على سيارةٍ الأسبوع المقبل!". ثم راسلت زوجها قائلةً: "تهانينا يا حب حياتي، لقد صرنا نملك سيارة مرسيدس طراز 2019 بكل فخر". بينما كتب لها أوريبي رسالة تقول: "هل أنت سعيدة؟"، فردت قائلاً: "لن أنسى هذا مطلقاً".

ناهيك عن أنها ردت على رشاوى دعبس المزعومة في عدة مناسبات قائلةً: "لقد حلّ الكريسماس في شهر يناير"، و"شكراً يا فريد" مع سلسلة من الرموز التعبيرية. وبعثت برسالة لتخبر رجل الأعمال المتهم بالاحتيال المصرفي أن زوجها أصبح ينام مرتاح البال بعد تأجيل محاكمة دعبس مؤقتاً، وذلك إثر تدخلات السيناتور المتكررة بالنيابة عنه لدى وزارة العدل.

وأجاب دعبس عن تلك الرسالة قائلاً: "لقد كان كل ما فعله رائعاً. إنه من أوفى الأصدقاء. أخبروني إن كان بإمكاني شراء كرسي مريح من أجلكما، فقد ساعدني ذلك على النوم".

Image

ورطة للسيناتور الأمريكي 

يبدو أن السيناتور قد ورط نفسه هو الآخر بإرسال معلومات حكومية إلى شريكته في الرسائل النصية، التي كانت إحداها تتعلق بصفقة أسلحة وشيكة. وقد أرسلت زوجته تلك الرسالة إلى حنا، الذي مررها بدوره إلى جهات اتصاله في الحكومة المصرية. وتقول لائحة الاتهام إن أحد المسؤولين العسكريين في القاهرة رد على خبر الصفقة برمز "الإبهام" التعبيري.

وسردت لائحة الاتهام تفاصيل واقعة أخرى أرسل فيها السيناتور مقالاً إخبارياً إلى زوجته، وكان المقال يتطرق إلى نية زملائه الحديث عن أوضاع حقوق الإنسان السيئة في الدولة الشرق أوسطية المستبدة. وقد مررت زوجته ذلك المقال إلى مسؤول مصري آخر على الفور. ورد المسؤول المجهول قائلاً: "شكراً جزيلاً، لقد أثار رئيس اللجنة هذه المسألة اليوم، ونحن نقدر ذلك".

وتقول المزاعم إن نادين ردت قائلة: "ظننت أنه سيكون من الأفضل أن تعرفوا ما سيجري الحديث عنه مسبقاً، وبهذا ستتمكنون من إعداد حجج النفي"، وذلك وفق ما قالت صحيفة Daily Beast الأمريكية.

تحميل المزيد