بادر ليبيون إلى تولي رعاية من فقدوا آباءهم إثر السيول التي اجتاحت درنة، وخلفت آلاف القتلى فيما لا تزال أعداد المفقودين غير معروفة بسبب الفيضانات في المدينة الساحلية، بحسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023.
حيث بدأت نوال الغزال، من سكان بنغازي البالغة من العمر 62 عاماً، حملة لجمع "لبن الأم" من النساء اللاتي يُرضِعن أطفالهن بالفعل وتوزيعه على الأطفال الذين ماتت أمهاتهم أو فُقِدن.
وقالت الغزال، التي تولت رعاية 70 طفلاً صغيراً منذ وقوع كارثة درنة: "أقل ما يمكننا فعله من أجل بلدنا والناس في درنة هو رعاية أطفالهم".
وأعربت امرأة أخرى، تُدعى مروة عبد الرزاق، عن استعدادها لتضم في كنفها يتيماً من درنة ووعدت بتقديم نفس الرعاية والاهتمام الذي تقدمه لابنتها.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإنَّ الأطفال الذين يفقدون والديهم أو ينفصلون عن أسرهم يكونون أكثر عُرضة للمخاطر مثل العنف والاستغلال.
لكن الصحفية الليبية نورا الجربي حذرت من التسرع في نقل الأطفال قبل استكمال إجراءات تسجيلهم بأنهم أيتام، وهي الخطوة التي تزيد من احتمال توصيلهم بأقاربهم.
وتُقدِّر الجربي أنَّ نحو 400 طفل انفصلوا عن أسرهم في درنة، ويعيشون الآن في مدرستين تحوّلتا إلى ملاجئ. ويأتي أناس يائسون كل يوم إلى المدرستين بحثاً عن أقاربهم المفقودين.
ومن الناحية النظرية، تقع مسؤولية رعاية الأطفال الأيتام في المقام الأول وترتيب رعايتهم على المدى الطويل مع أسر حاضنة على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية، لكن بعد سنوات من الانقسام السياسي والعنف في ليبيا، تراجعت الثقة بمؤسسات الدولة.
مخاطر تواجه الأطفال
حيث قال الناشط المدني عبد النبي أبو عرابة، إنه تلقى ما يقرُب من 1000 عرض حضانة عبر صفحته على فيسبوك والاتصالات الهاتفية. وبينما أشاد بتعاطف مواطنيه، أعرب أيضاً عن قلقه من أنَّ بعض الحاضنين المحتملين تسرعوا في عرض المساعدة مُتأثرين بالحجم المروع لكارثة الفيضانات.
وشدد أبو عرابة على أنَّ القدرة على تقديم الدعم المالي ليست المعيار الوحيد لكي تكون الأسرة حاضنة، بل يجب أيضاً تقييم الوضع الاجتماعي لأفراد الأسرة وسلوكهم. وأشار إلى أنَّ وزارة الشؤون الاجتماعية ستعيد إجراء مسح واسع النطاق للأسرة الحاضنة المحتملة قبل اتخاذ القرار.
وتعمل بشرى كريم، وهي متطوعة تبلغ من العمر 37 عاماً، على تحديد الأطفال الذين تمكنوا من الخروج من درنة مع أسرهم أو منفصلين عنها وتقديم الدعم النفسي لمساعدتهم على الاندماج في المدارس قبل بدء العام الدراسي.
قالت كريم إنه حتى لو تمكن الأطفال من فهم ما حدث لهم، فإنَّ الواقع قد يصير ضبابياً في مخيلتهم؛ مما يجعلهم عُرضة لـ"اضطرابات حادة" تشمل الخوف والقلق وأعراض نفسية أخرى.
وتداولت عدة صفحات على الشبكات الاجتماعية روايات مفجعة لأطفال يروون اللحظة التي جرفتهم فيها مياه الفيضانات.
وقالت كريم إنها تشجع الآباء على طلب المساعدة من المتطوعين المتخصصين في الدعم النفسي للأطفال والتأكد من حصول هؤلاء الأطفال على الدعم النفسي سواء بشكل فردي أو في جلسات جماعية مع أطفال آخرين.