قدَّم مجموعة من الأكاديميين، بتكليفٍ من فرنسا وألمانيا، الثلاثاء 19 سبتمبر/أيلول 2023، تقريراً يتضمن رؤية جديدة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، وتستند إلى 4 أنواع من العضوية، منها "عضوية مخففة في الاتحاد الأوروبي" لدولٍ مثل بريطانيا.
كما طالب تقرير المجموعة بالنظر في هذا الاقتراح ضمن الإصلاحات التي يسعى إليها الاتحاد في المرحلة المقبلة، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
ويأتي هذا الاقتراح في وقت قال فيه كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنه يريد بناء علاقة "أقوى" بين البلدين إذا فاز بالسلطة في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها العام المقبل.
دراسة بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي
أدَّت حرب أوكرانيا إلى إقبال الاتحاد الأوروبي على المسارعة بخطوات التوسع، وأقرت قيادات الاتحاد بالحاجة الملحة إلى التفكير في هيئة جديدة للكتلة الأوروبية، تتضمن زيادة عدد أعضائه من 27 دولة إلى ما قد يصل إلى 36 دولة.
وفي هذا السياق، كُلفت مجموعة عمل مكونة من 12 أكاديمياً ومحامياً بإعداد دراسة مكثفة بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي. وحثَّ التقرير الذي قدَّمه خبراء فرنسيون وألمانيون، مؤسسات الاتحاد الأوروبي على إقرار مجموعة من الإصلاحات لتكون جاهزة للعمل بها بحلول عام 2030، وتؤسس هذه الإصلاحات لقبول أعضاء جدد مثل أوكرانيا.
يأتي هذا التقرير في سياق دراسة الاتحاد لأكبر موجة توسع له منذ عقود، وقد جاءت المقترحات من صياغة خبراء ينتمون إلى دولتين لهما وزن ثقيل في الاتحاد، والغاية منها تسهيل قواعد عمل الكتلة.
كما لا يمثل التقرير المواقف الرسمية لألمانيا وفرنسا، إلا أنه سيكون موضوعاً للمناقشات المزمعة في مؤتمرات القمة المقبلة التي تضم 46 دولة أوروبية، وما يعقبها من تجمع غير رسمي لزعماء الاتحاد الأوروبي على مدى 27 يوماً في غرناطة بإسبانيا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول.
خطط توسيع الاتحاد الأوروبي
وقالت آنا لورمان، وزيرة الدولة الألمانية لشؤون أوروبا، التي قدمت التقرير في بروكسل مع نظيرها الفرنسي: "من الواضح أن توسيع الاتحاد الأوروبي يصب في مصلحتنا جميعاً"، و"لذلك يتعين علينا أن نبدأ الآن في بذل كل ما في وسعنا لضمان أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعداً لهذا التوسع".
وتضمنت الاقتراحات إتاحة درجات مختلفة من العضوية، منها دائرة داخلية من البلدان تتمتع بـ"التكامل العميق في مناطق مثل منطقة اليورو ومنطقة شنغن"، وتتألف الدائرة الثانية من دول الاتحاد الأوروبي الحالي، ثم دائرة ثالثة من "الأعضاء المنتسبين" الذين يشاركون في السوق الموحدة -يمكن أن تشمل دولاً مثل النرويج- ويقعون في المنطقة الاقتصادية الأوروبية، ولديهم إمكانية الوصول إلى الكتلة التجارية.
أما الدائرة الرابعة، فيمكن أن تكون مساحة لدول مثل بريطانيا، وتشمل مقتضياتها "التعاون السياسي دون الحاجة إلى الالتزام بقانون الاتحاد الأوروبي".
جديرٌ بالذكر أن الزعماء الأوروبيين الستة والأربعين الذين يجتمعون في إسبانيا الشهر المقبل يشكلون بالفعل جزءاً من الجماعة السياسية الأوروبية الناشئة، التي تضم بريطانيا ودولاً غيرها من خارج الاتحاد الأوروبي، مثل أيسلندا، وصربيا، وكوسوفو، وجورجيا، ومولدوفا.
وشملت الإصلاحات الواردة في التقرير تغيير آلية التصويت من وجوب الإجماع إلى الاكتفاء بالأغلبية المؤهلة في بعض الشؤون المهمة، مثل الضرائب والمالية والشؤون الخارجية. وهذا يتطلب إجراء تغييرات على المعاهدات الأوروبية للاتحاد، وإجراء استفتاءات في بعض البلدان.
وأفاد التقرير: "لقد أقرت الحكومات بأن المزيد من التوسع دون إصلاحات مؤسسية مناسبة سيجعل من الصعب -إن لم يكن من المستحيل- على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراراته".
كما أوصى الخبراء باستحداث آليات اختيار تسمح للدول التي تتخوف من استخدام حق النقض بعدم الموافقة على القرارات التي تعارضها. ولتقليص البيروقراطية سيئة السمعة في بروكسل، اقترح التقرير خفض عدد المفوضين الذين تعينهم الدول الأعضاء في السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
وذهب التقرير إلى أنه إذا كانت بعض الدول الأعضاء لا تريد تغيير معاهدات الاتحاد الأوروبي، فإن "الدول التي تريد ذلك" يمكنها أن تمضي قدماً في هذه الإصلاحات في "دائرة داخلية" جديدة من البلدان.
فيما قالت لورمان إن التقرير لقي استقبالاً "إيجابياً للغاية" في اجتماع لوزراء الشؤون الأوروبية بالاتحاد الأوروبي عقد يوم الثلاثاء 19 سبتمبر/أيلول في بروكسل. لكن الوزير الإسباني باسكوال نافارو، الذي حضر الاجتماع، قال إن المحادثات أظهرت مدى تباعد الآراء بين الدول الأعضاء بشأن مجموعة من أبرز القضايا.