يسرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من وتيرة تحركاته السياسية والانتخابية، للفوز ببلديتي إسطنبول وأنقرة، وزيادة حصته من البلديات الخاضعة لإدارته خلال الانتخابات البلدية، المقرر إجراؤها في 31 مارس/آذار 2024.
ودشَّن الحزب قبل ساعات أغنيته الرسمية لخوض الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول، وجاءت كلمات الأغنية للحديث عن قصة الحب التي تجمع حزب العدالة والتنمية والمدينة التي قادها خلال السنوات العشرين الماضية، قبل تحولها إلى حزب الشعب الجمهوري في انتخابات عام 2019.
وتبدأ كلمات الأغنية التي شاركها رئيس حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كباكتبي، بكلمات "لقد انتشرت رائحة لم الشمل في كل مكان/ كم افتقدناك يا إسطنبول/ حان الوقت لبناء الجسور إلى القلوب/ اشتعلنا بحبك يا إسطنبول".
وبحسب ما يقال خلف الكواليس في العاصمة التركية أنقرة، فإن الرئيس أردوغان وحليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي سيتخذان القرار النهائي بشأن المرشحين الذين ستعدهم لجنة الاختيار، وسيوجه الزعيمان بتشكيل فريق خاص في حزبيهما للانتخابات المحلية.
ومن بين 1392 بلدية في تركيا، يدير تحالف الشعب 1041 بلدية، منها 810 بلديات تحت إدارة حزب العدالة والتنمية و231 بلدية تحت إدارة حزب الحركة القومية، وخاصة في 11 مدينة حضرية.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها "عربي بوست"، فإن تحالف الشعب يسعى إلى مواصلة النجاح الانتخابي الذي حققه في الانتخابات العامة على المستوى المحلي، وذلك عبر تشكيل فريق خاص في حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية خلال الأيام المقبلة، لتحديد المرشحين الذين سيفوزون بترشيح الحزبين في البلدات والمناطق والبلديات الكبيرة والوسطى، وستقدم اللجنة أسماء المرشحين الأقوياء إلى أردوغان وبهجلي.
تحالف شامل
وبحسب المصادر التي تحدث إليها "عربي بوست"، التقى الرئيس أردوغان مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي، الأسبوع الماضي، وتم تحديد خارطة الطريق للانتخابات المحلية لعام 2024 في هذا الاجتماع.
وفي انتخابات 2019، تحالف الحزبان في 30 مدينة حضرية فقط، ورشح حزب العدالة والتنمية مرشحين في 27 مقاطعة، ورشح حزب الحركة القومية مرشحين في 3 مقاطعات.
لكن هذه المرة سيتم إجراء دراسات لتحديد المرشح المناسب في جميع المحافظات، البالغ عددها 81 مقاطعة، من المدن إلى البلدات والمدن الكبرى والمقاطعات والمناطق المركزية للمدن الكبرى، وفي جميع أنحاء البلاد، من أدرنة إلى قارص، وسيتم إنشاء تحالف شامل ومفصل بين الزعيمين.
ومن المتوقع أن تبدأ جهود اختيار المرشحين بعد المؤتمر الاستثنائي الرابع لحزب العدالة والتنمية، المقرر عقده في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وسيجتمع موظفو حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية معاً لإجراء دراسة تفصيلية في كل مدينة، وتسمية مرشح الحزب الأقرب للفوز في الانتخابات أياً كانت مكانته داخل الحزب.
ويسعى تحالف الشعب بشكل خاص لاسترداد بلديتي إسطنبول وأنقرة، إلى جانب المدن الكبرى الأخرى في تركيا، ويريد تحالف الشعب، وخاصةً الرئيس أردوغان، الفوز بإسطنبول وأنقرة، من خلال وضعهما في مكان خاص بالانتخابات المحلية لعام 2024، ووضع خطة منفصلة للفوز بهما.
وهناك ادعاءات قوية أنه إذا نجح العدالة والتنمية في استرداد أنقرة وإسطنبول، فإن ذلك يعني تعزيز فوز الرئيس أردوغان في انتخابات الرئاسة الأخيرة في الفترة ما بين 14 و28 مايو.
تعزيز فوز أردوغان
ويُعول تحالف الشعب على المنافسة والصراعات التي نشأت بين الأحزاب السياسية التي تشكل تحالف الأمة وطاولة 6، وخاصة التوترات بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، وعدم الثقة في تصريحات أكشنر بأنه لن يكون هناك تحالف في الانتخابات المحلية.
وتشير تلك الفوضى داخل صفوف المعارضة إلى توقع هزيمة ساحقة حال انقسام المعارضة في الانتخابات المحلية، واتفاق تحالف الشعب على تسمية مرشحين مشتركين.
وتعزز تلك الفرص استطلاع الرأي الذي أجرته شركة أوبتيمار بمشاركة 3 آلاف شخص، في الفترة ما بين 31 يوليو و3 أغسطس/آب، وبلغت نسبة أولئك الذين قالوا إنهم سيصوتون لأكرم إمام أوغلو 38.7%، وإذا رشح حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الخير مرشحين منفصلين فإن تصويت إمام أوغلو ينخفض إلى ما دون 25%.
كروم في إسطنبول
وفي مدينة إسطنبول تظهر العديد من أسماء حزب العدالة والتنمية المرشحين لخوض الانتخابات على رئاسة البلدية، يتقدم وزير التنمية العمرانية والمناخ السابق مراد كروم إلى جانب عادل قره إسماعيل أوغلو وزير الطرق والمواصلات السابق، وكذلك توفيق جوكسو رئيس بلدية إسنلر ورئيس كتلة العدالة والتنمية في مجلس بلدية إسطنبول.
وبالفعل بدأت هذه الأسماء في تكوين القاعدة الشعبية لها داخل مدينة إسطنبول، وخاصةً مراد كروم، الذي يتجول يومياً داخل شوارع مدينة إسطنبول وأحيائها برفقة عدد من رؤساء البلديات التابعين لحزب العدالة والتنمية في المدينة.
وانعقد مجلس إدارة القرار المركزي لحزب العدالة والتنمية (MKYK)، في 28 أغسطس/آب، برئاسة رئيس حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان، وفي الاجتماع الذي استمر نصف ساعة، تقرَّر عقد المؤتمر الاستثنائي الرابع لحزب العدالة والتنمية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي تصريح بعد الاجتماع، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والمتحدث باسم الحزب عمر جليك إن الرئيس أردوغان أصدر تعليماته إلى أعضاء ومنظمات MKYK، للاستعداد بقوة للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في عام 2024.
وفي هذا السياق، بدأت الاستعدادات لإجراء الانتخابات المحلية في حزب العدالة والتنمية، أولاً سيتم الإعلان عن المرشحين لرئاسة البلدية، ثم المشاريع، وسيتم مشاركة الإعلانات الانتخابية الخاصة لكل محافظة مع المواطنين، وسيتم الإعلان عن المرشحين لمنصب عمدة العاصمة من خلال إطلاق خاص.
وبحسب المصادر داخل حزب العدالة والتنمية، وخلال شهور الصيف الماضية، قضى نواب الحزب داخل البرلمان التركي إجازاتهم الصيفية داخل الشوارع والبلديات، للتعرف عن قرب على مشكلات وآراء الناس، التي قد تُسهم في عودة البلديات الكبرى إلى الحزب الحاكم.
وقدَّم النواب المطالب والشكاوى التي تلقَّوها من المواطنين إلى رئاسة الحزب، من خلال عملهم الميداني قبل الانتخابات العامة، وبعدها جمعوا النتائج التي تلخّص المواقف التي واجهوها في الانتخابات الماضية، وطرق علاجها، خلال انتخابات البلديات القادمة.
سباق مع الزمن
وبحسب الصحفية التركية تولاي آغا أوغلو، المقربة من الحزب الحاكم، فإن الأنظار ستتجه بشكل أساسي نحو المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، المقرر عقده في 7 أكتوبر/تشرين الأول. وسيتغير مظهر حزب العدالة والتنمية في هذا المؤتمر.
وحسب الصحفية التي تحدثت لـ"عربي بوست" ستكون هناك تغييرات في طاقم الرئيس أردوغان في الحزب، قائلة: "لقد حدثت تغييرات كبيرة في الحزب، مجموعة الحزب ومجلس الوزراء من قبل، وبالمثل، مرة أخرى نتوقع تغييراً في إدارة الحزب".
وتابعت بأن الإدارة الجديدة للحزب ستقوده نحو الانتخابات، وستلعب دوراً في تحديد المرشحين للرئاسة، وبعد المؤتمر سيتم تحديد المرشحين لرئاسة بلدية العاصمة أولاً، وبعدها سيتم تقديم المرشحين الرئيسيين للجمهور، وبعد ذلك سيتم عرض المرشحين من 30 مدينة حضرية كبرى.
ماذا حدث في إسطنبول
من جانبه، قال رئيس حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كاباكتيبي، في تصريح صحفي أمام المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في منطقة إسنيورت: "نحن نستعد باستمرار لانتخابات مارس (آذار) 2024، من خلال الاتصال المباشر بمواطني إسطنبول".
وأضاف نوري كاباكتبي: لن نخبر مواطنينا فقط "ما خسرته إسطنبول خلال 4 سنوات، في ظل إدارة حزب الشعب الجمهوري، ولكن أيضاً ما خسرته المناطق التي يحكمها حزب الشعب الجمهوري".
وبحسب كاباكتبي، تُظهر النتائج بلديات المقاطعات التابعة لحزب الشعب الجمهوري، وخاصةً رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، يحاولون التستر على مشكلاتهم وما لم يتمكنوا من تحقيقه خلال السنوات الماضية، بأساليب وحجج واهية، لن تنطلي على سكان المدينة التي تضم 16 مليون شخص من مواطني تركيا".
وتساءل رئيس حزب العدالة والتنمية في إسطنبول: لقد مرت 4 سنوات، ماذا أنتجت لإسطنبول؟ ماذا فعلتم بشأن مشروع التحول والزلزال والتجديد؟ هذا الصيف بقي لدينا الخوف مما إذا كنا سنواجه الجفاف أم لا، ماذا فعلت لإسطنبول لتوفير متر مكعب إضافي من المياه خلال 4 سنوات؟
وأضاف: "تم تسليم نظام نقل عام فعال إليك في إسطنبول، ماذا فعلت لتأخذ وسائل النقل العام هذه بعيداً عن النقطة التي حصلت عليها فيها؟ أم أنك فشلت في إدارة النظام الموجود بالفعل وعملت على تعطيله؟"
سليمان صويلو في أنقرة
بحسب استطلاع شركة أسال للأبحاث، جاء وزير الداخلية السابق سليمان صويلو في مقدمة الأسماء المرشحة بقوة لخوص الانتخابات على رئاسة بلدية أنقرة، بحسب استطلاع الشركة التي سألت المواطنين "من يجب أن يكون مرشح حزب العدالة والتنمية في أنقرة؟ فجاء صويلو في المركز الأول.
إضافة إلى ذلك أجاب تورغوت ألتينوك، الذي شغل منصب رئيس بلدية كيتشي أوران، أكبر منطقة في أنقرة مع تشانكايا، لمدة 19 عاماً، عن السؤال المطروح حول ترشحه لمنصب رئيس بلدية أنقرة الكبرى في الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس/آذار 2024، خلال لقاء تلفزيوني بالقول "أنا جاهز".
ومن بين المرشحين كذلك مليح غوكتشيك رغم الحظر المفروض عليه، وجاء تورغوت ألتينوك في المركز الثاني في الاستطلاع، بينما جاء مليح جوكتشيك في المركز الثالث.
فرص يافاش صعبة
وبحسب الكاتب التركي روشان شاكر، المقرب من المعارضة التركية، فإن مرشح حزب العدالة والتنمية وفي حال التوافق عليه من قِبل حزب الحركة القومية، وإذا رشح هذه المرة مرشحاً مختلفاً وأقوى من أنقرة- وهو ما سيفعلونه على الأرجح هذه المرة- فإن مهمة منصور يافاش ستصبح أكثر صعوبة.
وأضاف الكاتب الصحفي في بث عبر قناته على يوتيوب، أن فرص فوز العدالة والتنمية ببلدية إسطنبول الكبرى ستكون متاحة إذا كان المرشح اسماً قريباً من الدوائر القومية، وعليه فإن مهمة منصور يافاش ستصبح أكثر صعوبة، وذلك بسبب التيار القومي القوي في العاصمة التركية.
وظهر ذلك كما يقول الكاتب التركي بصورة فعالة في أداء منصور يافاش في انتخابات عام 2019، ورغم أنه لم يتمكن من الفوز في عامي 2009 و2014، فإنه استطاع أن يصبح اسماً مفضلاً لدى الأشخاص الذين ينتمون إلى الحركة القومية، ويشعرون بالقرب منه، بغض النظر عن حزبهم. ولكن هذه المرة، وإذا أنتج حزب العدالة والتنمية اسماً مشابهاً لمنصور يافاش، فلن يكون الأمر سهلاً.