أعلنت السعودية، مساء الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2023، توجيه دعوة لوفد من العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، لزيارة المملكة واستكمال النقاشات بشأن التوصل إلى حل سياسي يمني، لتكون هذه "أول زيارة" علنية لوفد حوثي إلى المملكة منذ اندلاع الحرب اليمنية.
إذ قالت الخارجية السعودية، في بيان، إن "المملكة وجهت دعوة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة لاستكمال اللقاءات والنقاشات"، دون تحديد موعد اللقاءات، مشيرة إلى أن هذه الدعوة في إطار "مبادرة المملكة التي أعلنتها في مارس (آذار) 2021".
وتنص المبادرة على وقف إطلاق نار دائم تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدء مفاوضات سلام بين الأطراف اليمنية.
كما أشارت الخارجية السعودية، إلى أن الدعوة "استكمال للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر وبمشاركة من الأشقاء في سلطنة عُمان في صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل (نيسان) 2023".
وأكدت أن تلك الدعوة "استمرار لجهود المملكة وسلطنة عُمان للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية".
من جانبه، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين محمد علي الحوثي، عبر حسابه على منصة "إكس"، مغادرة وفد صنعاء إلى الرياض؛ أملاً في تجاوز التحديات، دون ذكر موعد محدد للمغادرة.
وساطة عُمانية
وتؤدي سلطنة عمان دور الوسيط في النزاع، حيث أفادت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التي تتحدث باسم سلطات العاصمة اليمنية، الخميس، أنّ الوفد العماني زار صنعاء يرافقه المتحدث الرسمي باسم الحوثيين وعضو الفريق المفاوض محمد عبد السلام المقيم في السلطنة، قبل توجّهه للسعودية.
ونقلت عن رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط قوله خلال لقاء مع الوفد العماني قبل إقلاع الطائرة إنّه "استجابة لوساطة سلطنة عمان الشقيقة سيتوجه الوفد الوطني برفقة الوفد العماني إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي".
وتابع "السلام كان ولا يزال خيارنا الأول والذي يجب العمل عليه من قبل الجميع".
الغاية من الزيارة
وكان مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين الحوثيين والسعودية، أبلغ وكالة الأنباء الفرنسية الخميس بأنّ الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصّل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".
وتابع أن المحادثات تتركّز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً عن طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظلّ مغلقاً لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.
وقد أنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء في أبريل/نيسان، والتقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حلّ سياسي للنزاع الدامي في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.
وعلى إثر ذلك، توجه وفد من وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة التابعة لجماعة الحوثي اليمنية، من مطار صنعاء إلى السعودية لأداء فريضة الحج، لأول مرة منذ عام 2015.
تفاقم الأزمة الإنسانية
وتراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ، لكن الأزمة الإنسانية في البلد الفقير لا تزال تتفاقم، مع تراجع المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل.
والخميس، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة "أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75% من سكان اليمن".
وأشارت هذه الجهات في بيان مشترك إلى أنّ "17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي" في اليمن، وهذا العدد يشمل 6.1 مليون شخص دخلوا بالفعل "مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد".
ورغم حجم هذه الاحتياجات الإنسانية، فإنّه حتى أغسطس/آب 2023، لم تكن خطة الاستجابة الإنسانية قد تلقّت سوى "31.2% من إجمالي الاحتياجات البالغة 4.34 مليار دولار للعام 2023، مما أدى إلى "تخفيضات جذرية ومثيرة للقلق في المساعدات"، وفقاً للبيان.
إلى جانب ذلك، حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخّراً من أنّ اليمن بات يعاني أحد أعلى معدلات التلوث بالألغام وغيرها من المتفجّرات من مخلّفات الحرب في العالم، بعد تسع سنوات من بدء النزاع في البلاد.
واليمن غارق في حرب على السلطة بين الحوثيين والحكومة منذ منتصف العام 2014، تسبّبت بمقتل وإصابة مئات الآلاف.