"المطر يفضح الشوارع الرطبة والمقاول الغشاش والدولة الفاشلة"، هكذا رثى الشاعر الليبي الشاب مصطفى الطرابلسي وضع بلاده مع مواجهة أول قطرة أمطار تحولت بلمح البصر إلى كارثة وفيضانات، اختطفته ولم تُبق سوى كلماته التي بات يتناقلها الليبيون لرثاء حالهم.
ولاقت قصيدة الطرابلسي تفاعلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبها في 6 سبتمبر/أيلول 2023، قبل 4 أيام فقط من كارثة الفيضانات التي ضربت البلاد وأغرقت ربع مدينة درنة بالكامل يوم الأحد، 10 من الشهر نفسه.
قبل أن يلقى حتفه بسبب الفيضانات، حضر الشاعر الليبي ندوة ببيت درنة الثقافي، حول موضوع الوادي ومخاطر الإهمال، وكأنه كان يرى ما سيجري بعد أيام قليلة فقط.
حيث كتب عبر منشور في فيسبوك في ذلك اليوم (6 سبتمبر/أيلول) عن تلك الندوة التي "لم يتجاوز حضورها الـ20″، أن الخبراء قالوا فيها "كلاماً خطيراً حول الكارثة المرتقبة، ووجهوا تقريراً لكل الحكومات، لكن على ما يبدو لا أحد يهتم إلا بعد وقوعها!".
وقال الطرابلسي الراحل في ذلك المنشور: "صرخة على "وادي درنة" لكنْ فيك يا وادي!.. من منا لم يطرب وجدانه مع غزل "حسن السوسي" بمدينة درنة، وخصوصاً حين يقول: ثلاثة لم تزل كالوشم باقيةً: بطحاءُ واديك والشلال والجبل".
أضاف: "مَنْ نناشد، ولمن نصرخ بالكارثة التي يجزم بها مهندسو الزراعة، وذوو الاختصاص مما سيحل بالوادي وينهي كل شيء؟! وبعدها لن تجدي البكائيات، وسيلحق الشلال بواديه بما سبقه من الغائبات من السوق القديم، وباحة البياصة، والمدينة القديمة".
وتناقل الليبيون كلمات شاعرهم الراحل الذي حذّر من الكارثة وناشد دون جدوى، تحت عنوان قصيدته "المطر"، فهو الذي "يفضح الشوارع الرطبة والمقاول الغشاش والدولة الفاشلة".
تتابع القصيدة في وصف المطر "يغسلُ كلَّ شيء.. أجنحةَ العصافير.. ووَبَر القطط.. يُذكرُ الفقير بسقفه النحيل وردائهِ الهزيل.. يوقظُ الأودية من تثاؤب الأتربة ووسن اليباس.. المطرُ شارةُ خير بشارةُ رفد وناقوسُ خطر".
والأحد 10 سبتمبر/أيلول، اجتاح إعصار "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، فيما أعلن الهلال الأحمر الليبي، الخميس، 14 سبتمبر/أيلول 2023، أن حصيلة قتلى الفيضانات في مدينة درنة شرقي ليبيا ارتفعت إلى 11300 قتيل.