تُعَد مصر ثاني أكثر الدول عُرضة لخطر مواجهة أزمة ديون، ولا تسبقها إلا أوكرانيا التي مزَّقتها الحرب، وذلك بحسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، نقلاً عن تحليل لوكالة بلومبرغ الأمريكية.
إذ أظهرت البيانات أنَّه مع الأخذ في الاعتبار كلٍّ من الدين العام وتكاليف الفائدة والعائد على السندات الدولارية، فإنَّ الاقتصاد المصري هو الأكثر عرضة للخطر في الشرق الأوسط، فيما كانت 3 بلدان شرق أوسطية أخرى –هي تونس والبحرين والأردن- أيضاً بين البلدان الأكثر عرضة للخطر.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية منذ سنوات، وهو الوضع الذي تفاقم جرَّاء الحرب في أوكرانيا، التي أثَّرت بشدة على أسعار الغذاء في البلاد.
إذ أظهرت الأرقام الرسمية التي صدرت الأحد الماضي، 10 سبتمبر/أيلول، وصول التضخم السنوي في مصر إلى مستوى قياسي جديد في أغسطس/آب الماضي بلغ 39.7%، في حين كان الجنيه المصري قد خسر أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار في وقتٍ مبكر من هذا العام.
وتعتمد مصر في السنوات الأخيرة على حزم الإنقاذ من جيرانها الأكثر ثراءً، وصندوق النقد الدولي، في حين سحب المستثمرون المليارات من الاحتياطيات الأجنبية للقاهرة.
ومع أنَّ للأزمة المالية مجموعة من الأسباب، تشير الكثير من شخصيات المعارضة بأصابع الاتهام إلى قبضة الجيش المتنامية على الاقتصاد منذ انقلاب عام 2013، الذي أطاح بحكومة محمد مرسي المنتخبة.
فغرَّد المحلل المصري تيموثي كالداس بالقول: "وفقاً لتحليل بلومبرغ، فإنَّ مصر هي ثاني أكثر بلد في العالم عرضة لخطر أزمة ديون. والبلد الوحيد الأكثر عرضة للخطر منها هي أوكرانيا. وقد تعرَّضت أوكرانيا لغزو الجيش الروسي، بينما تعرَّض اقتصاد مصر لغزو الجيش المصري".
حجم الديون في مصر
ويشار إلى أن حجم الديون الخارجية لمصر كان 34.9 مليار دولار في عام 2011 وقت اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وارتفعت إلى 43.2 في عام 2013، وبلغت 48.1 مليار دولار في العام 2015.
واصل الدين التضخم بوتيرة كبيرة، مسجلاً 56 مليار دولار تقريباً في 2016 (عام التعويم الأول) و79 ملياراً في 2017 و92.6 مليار دولار في عام 2018 وتجاوز الـ100 في عام 2019 عند 108.7 مليار دولار، وبلغت الديون 123.5 و137.9 مليار دولار في عامَي 2020 و2021 على الترتيب.
ويعتقد أن حجم الديون المصرية المسجلة بلغ في منتصف عام 2022 نحو 157.8 مليار دولار.
في عام 2022، بلغت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 33.9%، أي إنها لا تزال في نطاق الحدود الآمنة نسبياً، وفقاً للمعايير الدولية، التي ترى أن النسبة آمنة ما دامت أقل من 60%.
ومع ذلك، عند إضافتها إلى الدين المحلي، الذي أصبح يعادل 255 مليار دولار، وفقاً لأسعار الصرف في عام 2021 (انخفضت قيمته بعد تراجع الجنيه)، فإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تصير 89.84%، وهي أعلى بكثير من الحدود الآمنة.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، وصلت نسبة إجمالي الدين الحكومي العام (خارجي وداخلي) إلى الناتج المحلي الإجمالي 91.6%، بعد أن كانت 87.1% في 2013، وهي مرشحة للتزايد.
وعزا محللون اقتصاديون الارتفاع الضخم في حجم الديون المصري إلى 3 أسباب رئيسية، في مقدمتها الارتفاع الكبير في حجم الاستثمارات الحكومية والإنفاق على البنية التحتية، وخطة التحفيز التي أطلقتها الحكومة المصرية لمواجهة جائحة كورونا، فضلاً عن تداعيات الجائحة وحرب أوكرانيا على الاقتصاد.
وفي عام 2023 خفضت وكالة موديز إنفستورز سيرفيس الأمريكية مؤخراً التصنيف الائتماني لمصر من B2 إلى B3، ويشير التصنيف الائتماني الجديد إلى قدرتها المنخفضة على امتصاص الصدمات، ويدفع هذا التصنيف البلاد إلى مزيد من السندات الباهظة غير المرغوب فيها، الأمر الذي ينذر بتضخم الديون.