أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، على أن قرار حكومته منع ارتداء العباءة في المدارس يهدف إلى الدفاع عن العلمانية ومبادئ الجمهورية، وبالتزامن كشفت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، أنه جرى توقيف عدد من الطالبات على أبواب المدارس، بسبب ارتدائهن العباءة في أول يوم دراسي بفرنسا، وأضافت أن البعض استجبن لقرار خلع العباءة قبل دخول المدرسة، في حين رفضته أخريات.
وجدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مقابلة أجراها معه اليوتيوبر "أوغو ديكريبت" على قناته الإثنين، دعمه لقرار الحكومة منع العباءة في المدارس، مذكراً في الوقت نفسه بالهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد، ولا سيما مقتل الأستاذ صامويل باتي ذبحاً بيد جهادي قرب مدرسته.
تصريحات ماكرون
إذ قال ماكرون، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية: "نحن نعيش أيضاً في مجتمعنا مع أقلية، مع أشخاص يغيرون وجهة ديانة ويأتون لتحدي الجمهورية والعلمانية"، وأضاف: "في بعض الأحيان حصل الأسوأ، لا يمكننا التصرف كما لو أنه لم يقع هجوم إرهابي ولم يكن هناك صامويل باتي".
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020، قتل أستاذ التاريخ والجغرافيا صامويل باتي (47 عاماً) أمام مدرسته في المنطقة الباريسية، طعناً بيد الشيشاني عبد الله أنزوروف، الذي قطع رأس المعلم قبل أن ترديه الشرطة.
وقتل هذا الأستاذ بعد أيام من عرضه على تلامذته، خلال حصة حول حرية التعبير، رسوماً كاريكاتيرية للنبي محمد. وقال عبد الله أنزوروف في تسجيل صوتي إنه ارتكب فعلته "انتقاماً للنبي".
وتابع الرئيس الفرنسي في معرض شرحه عن مبررات قرار منع العباءة "أنا أقول فحسب إن هذا النظام موجود" وأضاف: "لقد حدث ذلك لأن مدرساً كان يعطي درساً عن العلمانية في فصله، ومن ثم حصل هياج على شبكات التواصل الاجتماعي، أعقبه إقدام أشخاص على ارتكاب الأسوأ".
ورداً على استفسار المذيع، قال ماكرون "أنا لا أقارن" بين أعمال الإرهاب والزي الذي ترتديه بعض الفتيات المسلمات. وأضاف: "أنا فقط أقول لك إن مسألة العلمانية في مدرستنا هي مسألة جوهرية".
زي موحد في المدارس الفرنسية
وفي المقابلة نفسها، قال ماكرون إنه يؤيد إجراء "تجارب" و"تقييم" لارتداء زي مدرسي موحد في المدرسة، مشيراً إلى أنه يفضل في هذا الإطار "زياً أحادياً"، كونه "أكثر قبولاً" من قبل المراهقين.
وأوضح أن "هناك الزي الرسمي، وهناك أيضاً الزي الأحادي. أي من دون أن يكون لدينا زي موحد يمكننا أن نقول (للتلامذة) ارتدوا بنطلون جينز وقميصاً وسترة"، وأضاف أن "مسألة الزي الأحادي هي برأيي أكثر قبولاً، وقد تبدو أقل صرامة من وجهة نظر انضباطية".
واعتبر الرئيس الفرنسي أن هذا الزي "يحل الكثير من القضايا (…) أولاً العلمانية، وثانياً يوفر بعض الحشمة، فنحن لا نريد ملابس غريبة الأطوار للغاية".
حظر ارتداء العباءة في فرنسا
وفي وقت سابق نشرت وزارة التربية الفرنسية بياناً عن التقرير الخاص بتزايد انتهاكات العلمانية في المدارس، وجاء في النص أن "انتهاكات العلمانية زادت بنسبة 150%" في السنوات الأخيرة، حيث يرتدي الطلاب والطالبات ملابس تشبه العباءة والسترة.
ورأت الوزارة أن ذلك يتعارض مع قانون العلمانية الذي صدر عام 2004، ويحظر الرموز الدينية في المدارس.
وتحظر فرنسا في الوقت الراهن الحجاب في المدارس الابتدائية والثانوية، إذ تعتبر اللباس الطويل الذي ترتديه الفتيات المسمى بالعباءة "رمزاً دينياً".
قال عبد الله زكري، نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، في وقت سابق، إن العباءة (اللباس الطويل) ليست لباساً دينياً، وإنما شكل من أشكال الموضة، مستغرباً حظر وزير التربية غابرييل أتال العباءة في المدارس، فيما ادعى أعضاء بالحكومة الفرنسية أن حظر العباءة منطلقه التصدي "لهجوم سياسي".
تصريح زكري جاء في بيان، تعليقاً منه على تصريح وزير التربية غابرييل أتال، الأحد، لتلفزيون TF1 المحلي، قال فيه إنه لن يسمح بعد الآن بارتداء العباءة في الصفوف المدرسية.
وأعرب زكري عن أمله بأن يكون أتال قد استشار المرجعيات الدينية قبل اتخاذ قرار كهذا، قائلاً: "العباءة ليست لباساً دينياً، إنها شكل من أشكال الموضة".
وأضاف: "عندما تذهبون إلى المتاجر ترون العباءة، وهي عبارة عن لباس طويل فضفاض. إنها ليست لباساً دينياً".
وشدد على أن العباءة لا يمكن قبولها كرمز ديني، داعياً وزارة التربية إلى إصدار بيان توضح فيه سبب أو الأسباب التي دفعتها لحظر العباءة في المدارس.