شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 1 سبتمبر/أيلول 2023، خلال زيارته لمدرسة ثانوية في جنوب فرنسا، على ضرورة التعامل بحزم مع قرار منع ارتداء العباءة والقميص الطويل في المدارس الفرنسية، دعماً لقرار وزير التربية التعليم الفرنسي، بحظر أثار جدلاً، لا سيما في أوساط اليسار، بينما توعّد حزب "فرنسا الأبية" بالطعن في القرار أمام مجلس الدولة.
وقال ماكرون وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، إن الحكومة "لن تدع أي شيء يمر، نعلم أنه ستكون هناك حالات… جراء الإهمال ربما، ولكن حالات كثيرة لمحاولة تحدي النظام الجمهوري، علينا أن نكون حازمين".
وبرر ماكرون المنع بالقول إنه "لا ينبغي أبداً ترك المعلمين ومديري المدارس يواجهون بمفردهم الضغوط أو التحديات القائمة بشأن هذا الموضوع"، كما شدد على أن "فرسان الجمهورية" هؤلاء "لديهم الحق في الدفاع عن العلمانية… وعلينا أن نبدي تأييدنا لهم عندما يتعرضون للتهديد والضغط"، مؤكداً أن "الدولة والجمهورية تقفان وراءهم".
ووعد رئيس الدولة بأنه "في المدارس الثانوية أو الكليات الأكثر حساسية سيتم فرز موظفين محددين للعمل بجانب مديري المؤسسات والمعلمين لدعمهم، وكذلك للمشاركة في الحوار الضروري مع العائلات والطلاب".
قرار حظر العباءة والقمصان الطويلة
يأتي هذا في وقت تستعد فيه باريس لتطبيق قانون حظر ارتداء العباءة والقمصان الطويلة (عباءة رجالية)، حيث لن تتمكّن التلميذات اللواتي يرتدن المدارس وهن يرتدين عباءات من دخول الصفوف، فيما قال وزير التعليم الفرنسي غابريال أتال إن المؤسسات التعليمية "ستشرح لهن معنى" هذا الحظر، الذي أثار جدلاً بفرنسا منذ بداية العام الدراسي.
وأشار أتال، الذي أعلن الأحد حظر العباءة، إلى أن القاعدة الجديدة ستشمل أيضاً ارتداء القميص، وأوضح حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، أن "وراء العباءة والقميص هناك فتيات وفتيان صغار وهناك عائلات، هناك بشر يجب أن نتحاور معهم والقيام بالتربية"، على حد قوله.
وتابع المسؤول الفرنسي: "سيستقبلن ويستقبلون (في المؤسسات التعليمية)، وسيكون هناك حوار معهم لشرح معنى هذه القاعدة لهم. لِمَ اتُّخذ هذا القرار، لِمَ لا يمكننا ارتداء العباءة والقميص في المدرسة"، معلناً أنه "اعتباراً من الإثنين لن يتمكن أي من هؤلاء التلاميذ من دخول الحصص الدراسية"، كما شدد المسؤول الفرنسي على أن "العلمانية هي إحدى القيم الأساسية لمدارس الجمهورية الفرنسية".
حظر ارتداء العباءة في فرنسا
وفي وقت سابق، نشرت وزارة التربية الفرنسية بياناً عن التقرير الخاص بتزايد انتهاكات العلمانية في المدارس، وجاء في النص أن "انتهاكات العلمانية زادت بنسبة 150%" في السنوات الأخيرة، حيث يرتدي الطلاب والطالبات ملابس تشبه العباءة والسترة.
ورأت الوزارة أن ذلك يتعارض مع قانون العلمانية، الذي صدر عام 2004، ويحظر الرموز الدينية في المدارس.
وتحظر فرنسا في الوقت الراهن الحجاب في المدارس الابتدائية والثانوية، إذ تعتبر اللباس الطويل الذي ترتديه الفتيات المسمى بالعباءة "رمزاً دينياً".
قال عبد الله زكري، نائب رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي، في وقت سابق، إن العباءة (اللباس الطويل) ليست لباساً دينياً، وإنما شكل من أشكال الموضة، مستغرباً حظر وزير التربية غابرييل أتال العباءة في المدارس، فيما ادعى أعضاء بالحكومة الفرنسية أن حظر العباءة منطلقه التصدي "لهجوم سياسي".
تصريح زكري جاء في بيان، تعليقاً منه على تصريح وزير التربية غابرييل أتال، الأحد، لتلفزيون TF1 المحلي، قال فيه إنه لن يسمح بعد الآن بارتداء العباءة في الصفوف المدرسية.
وأعرب زكري عن أمله بأن يكون أتال قد استشار المرجعيات الدينية قبل اتخاذ قرار كهذا، قائلاً: "العباءة ليست لباساً دينياً، إنها شكل من أشكال الموضة".
وأضاف: "عندما تذهبون إلى المتاجر ترون العباءة، وهي عبارة عن لباس طويل فضفاض، إنها ليست لباساً دينياً".
وشدد على أن العباءة لا يمكن قبولها كرمز ديني، داعياً وزارة التربية إلى إصدار بيان توضح فيه سبب أو الأسباب التي دفعتها لحظر العباءة في المدارس.