قالت وسائل إعلام مغربية، الجمعة، إن النيابة العامة فتحت تحقيقاً في "ملابسات مصرع" شاب مغربي-فرنسي، بعد أنباء عن مقتله برفقة شاب آخر في إطلاق نار نُسب إلى خفر السواحل الجزائري في المياه الجزائرية على حدود المغرب، وذلك وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس يوم الجمعة 1 سبتمبر/أيلول 2023.
وذكرت صحيفة "العمق" الإلكترونية أن النيابة العامة فتحت بحثاً قضائياً "في ظروف وملابسات مصرع شاب مغربي… بعد العثور على جثته" على شاطئ السعيدية على بعد ثلاثة كيلومترات تقريباً من الحدود الجزائرية، وهو ما أكدته أيضاً صحيفة "كود.ما".
تفاصيل مقتل شاب فرنسي مغربي على الحدود الجزائرية
بثّت وسائل إعلام مغربية أن أربعة شبان كانوا على دراجات مائية، الثلاثاء، قبالة شاطئ مدينة السعيدية عندما دخلوا على ما يبدو، المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، فأطلق عليهم خفر السواحل النار، وقُتل اثنان منهم، بينما احتُجز ثالث ونجا الرابع.
وكانت أنباء أولية أشارت إلى أن القتيلين يحملان الجنسية الفرنسية، قبل أن يتبين الجمعة أن واحداً منهما مغربي فرنسي والثاني مغربي. كما تبين أن المحتجز يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية.
فرنسا تؤكد مقتل أحد رعاياها
في حين أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، صباح الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر بالجزائر في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، من دون تحديد هويتيهما. ولم يتسن الحصول على تفاصيل من مصدر مغربي رسمي حول الحادث.
في باريس، أوضحت النيابة العامة لوكالة فرانس برس، أنها "تلقّت إخباراً من وزارة الخارجية الفرنسية بوفاة مواطن فرنسي-مغربي قرب السواحل الجزائرية".
وكان الموقع الإخباري المغربي "لو360" أورد الخميس، أن كلاً من بلال قيسي، وهو مغربي فرنسي، وعبد العالي مشوار وهو مغربي، "قُتلا جراء إطلاق رصاص من طرف خفر السواحل الجزائري، في المياه الإقليمية الجزائرية". وقال إن السلطات الجزائرية أوقفت شاباً ثالثاً كان معهما يدعى إسماعيل صنابي، هو الآخر مغربي-فرنسي.
وبعد ساعات من ذلك، أكد شقيق بلال ويدعى محمد، في فيديو بثه موقع "العمق"، أنه كان ضمن الأربعة ونجا من إطلاق النار.
وقال: "تهنا في البحر… حتى وجدنا أنفسنا في المياه الجزائرية. عرفنا ذلك عندما قصدنا زورقاً أسود" لخفر السواحل الجزائري، مضيفاً: "أطلقوا علينا النار… قتلوا أخي وصديقي. بينما اعتقلوا صديقاً آخر". ولم يصدر كذلك أي تعليق من مصدر رسمي جزائري.
جثمان أحد الضحايا موجود لدى الجزائر
تمّ العثور على جثة بلال قيسي في ساحل السعيدية، وفق وسائل الإعلام المحلية. ودُفن الخميس بحضور عدد من أقاربه وسكان بلدة بني درار على الحدود الجزائرية في شرق المغرب، حسبما يُظهر شريط فيديو حصلت عليه وكالة فرانس برس.
ويرجّح أن يكون جثمان عبد العالي مشوار لا يزال لدى السلطات الجزائرية، بحسب الإعلام المغربي.
وقال أحد أقارب بلال في فيديو بثه موقع "العمق" بُعيد مراسم الدفن: "دفنّا أخاً، ونريد استعادة جثمان قريبنا عبد العالي. لا نريد أي شيء آخر، فقط استعادة الجثمان لدفنه بكرامة وليرتاح قلب والدته".
وأضاف بدون الإفصاح عن اسمه: "لم يكن بحوزة أولئك الشباب لا مخدرات ولا هم سرقوا شيئاً، كانوا في وضع قانوني تماماً وجاؤوا إلى المغرب لقضاء العطلة مع عائلاتهم"، موضحاً أنهم يقيمون بفرنسا حيث يعملون. وتابع متأثراً: "إنهم متزوجون، وأحدهم رحل تاركاً طفلين، والآخر خلّف وراءه طفلة".
إطلاق خمس رصاصات على الضحايا
تستند الاتهامات الموجهة لخفر السواحل الجزائري إلى التصريحات التي أدلى بها محمد قيسي، الشقيق الأكبر لبلال، والذي أكد "أنهم قاموا بالدوران حول دراجاتنا المائية (بزورقهم) كأنهم كانوا يريدون إغراقنا".
وأضاف: "أطلقوا خمس رصاصات أصابت شقيقي وصديقي، بينما أصيب صديقي الآخر أيضاً برصاصة".
وأوضح أنه بينما كان يسعى للابتعاد عن مكان الحادث صادف زورقاً للبحرية الملكية المغربية أعاده إلى شاطئ السعيدية.
وسئل الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، الخميس، عن الموضوع، فاكتفى بالقول: "هذه القضية تدخل في اختصاص السلطة القضائية".
ويكتسب الحادث حساسية بالنظر إلى استمرار القطيعة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، علماً أن علاقاتهما متوترة منذ عقود بسبب النزاع حول الصحراء الغربية.
وقطعت الجزائر علاقاتها الرسمية مع الرباط قبل عامين، متهمةً إياها "بارتكاب أعمال عدائية… منذ استقلال الجزائر" في 1962. من جانبه أعرب المغرب عن أسفه لقرار الجزائر ورفض "مبرراته الزائفة".
يذكر أنه في 30 يوليو/تموز 2023، عبّر الملك محمد السادس، في خطاب، عن أمله في "عودة الأمور إلى طبيعتها" مع الجزائر، وفي إعادة فتح الحدود بين البلدين المغلقة منذ العام 1994.
لكن اعتراف إسرائيل مؤخراً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية أدّى إلى زيادة التوتّر مع الجزائر التي ندّدت بـ"مناورات أجنبيّة". وجاء الاعتراف الإسرائيلي في إطار اتفاق رعته الولايات المتحدة أواخر العام 2020 لتطبيع العلاقات بين المغرب والدولة العبرية.