تشهد الغابون، الدولة الإفريقية غرب وسط القارة، انقلاباً عسكرياً بدأ الأربعاء 30 أغسطس/آب 2023، بعد إعلان عسكريين من الشرطة والحرس الرئاسي والجيش إلغاء نتائج الانتخابات وحل "كل مؤسسات الجمهورية" و"إنهاء النظام القائم".
جاء الانقلاب بُعيد نشر النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت السبت 26 أغسطس/آب 2023، وأظهرت إعادة انتخاب الرئيس علي بونغو أوديمبا الذي يحكم البلاد منذ 14 عاماً، لولاية ثالثة بحصوله على 64,27% من الأصوات.
دولة عضو في أوبك
ولدولة الغابون أهمية كبيرة في القارة الإفريقية، فهي غنية بالنفط والذهب واليورانيوم.
وهي تعد كذلك عضواً في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ورابع أكبر منتج للنفط في إفريقيا جنوب الصحراء.
وفقاً لبيانات منظمة أوبك، فإن الغابون أصبحت عضواً كامل العضوية في "أوبك" عام 1975، لكنها أنهت عضويتها عام 1995.
وانضمت مرة أخرى إلى المنظمة في 1 يوليو/تموز 2016.
تنتج البلاد نحو 181 ألف برميل من النفط يومياً، ولديها احتياطيات نفطية تقدَر بملياري برميل.
في عام 2020، شكّل قطاع النفط 38.5% من الناتج المحلي الإجمالي، و70.5% من الصادرات، على الرغم من الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد.
غنية بالموارد
وبالإضافة إلى النفط والذهب، فإن الغابون أيضا تمتلك وفرة من المواد الأولية، مثل المغنيسيوم.
وفقاً للبنك الدولي، فإن هذا البلد الإفريقي حقق نمواً اقتصادياً قوياً خلال العقد الماضي، مدفوعاً بشكل رئيسي بإنتاج النفط والمغنيسيوم.
وتعد البلاد صاحبة أعلى معدل دخل للفرد في إفريقيا بفضل ثرواتها في النفط والذهب واليورانيوم والمغنيسيوم.
أما عن عملتها، فإن هذه الدولة تتعامل بالفرنك الإفريقي، ولها شراكات تجارية مع الولايات المتحدة والصين وروسيا بالنسبة للصادرات، بينما تأتي أغلب الواردات من فرنسا.
وهذا البلد الإفريقي، واحد من أكبر منتجي اليورانيوم في العالم. ولديه احتياطيات كبيرة من خام اليورانيوم عالي الجودة.
بدأ إنتاج اليورانيوم في الغابون في أوائل عام 2000، ومنذ ذلك الحين نما ليصبح جزءاً مهما من الاقتصاد. وتمثل صادرات اليورانيوم حوالي 20% من إجمالي عائدات التصدير في هذه البلاد.
ويتم تصدير غالبية اليورانيوم في الغابون إلى فرنسا والصين.
آخر محاولة انقلابية في الغابون
وقعت آخر محاولة انقلاب في هذا البلد، في 7 يناير/كانون الثاني 2019، عندما نجحت مجموعة من ضباط الجيش الغابوني في السيطرة على مبنى الإذاعة الوطنية، ومنعوا إذاعة كلمة الرئيس علي بونغو أونديمبا بمناسبة العام الجديد.
لكن ألقي القبض على الضباط المتورطين، وأعلنت الحكومة فشل محاولة الانقلاب.
الجغرافيا والديموغرافيا للغابون
يقدر عدد سكان الغابون بـ 2.3 مليون نسمة، وتتحدث الفرنسية.
أما موقعها، فهي غرب وسط إفريقيا، يحدها خليج غينيا إلى الغرب وغينيا الاستوائية إلى الشمال الغربي، والكاميرون إلى الشمال، والكونغو من الشرق والجنوب.
وتعد ليبرفيل عاصمتها وأكبر مدنها.
الغابون تاريخياً ودور فرنسا
تعود تسمية هذا البلد إلى اسم البرتغالي "غاباو"، وهو أول أوروبي وصل للغابون كملاح برتغالي يدعى دييغو غاباو، في القرن الخامس عشر.
أصبح هذا البلد أحد 4 أقاليم في إفريقيا الاستوائية الفرنسية في عام 1910، وهو اتحاد دام حتى عام 1959.
بعد ذلك نالت استقلالها في 17 أغسطس/آب 1960.
كانت المصالح الفرنسية عنصراً حاسماً في تحديد مستقبل الزعامة في الغابون بعد الاستقلال، وانتخب على إثر ذلك "ليون إمبا" أول رئيس للغابون في عام 1961، الذي عرف بعلاقته القوية مع فرنسا.
تدفقت الأموال الفرنسية في الحملة الانتخابية الناجحة لإمبا، ثم حاول انقلاب عسكري الإطاحة به، لكن فرنسا تصدت بنفسها له 1964.
تسلم السلطة بعدها والد الرئيس الحالي، الحاج عمر بونغو أونديمبا، في الفترة من 1967 حتى وفاته يونيو/حزيران 2009، وكان قد أعيد انتخابه 3 فترات متتالية مدة كل منها سبع سنوات.
وانتخب ابنه في 3 سبتمبر/أيلول 2009 عمر بونغو (علي بونغو) رئيساً للبلاد.
وينتمي بونغو إلى أسرة تحكم هذا البلد منذ نحو 55 عامًا في إطار نظام توريث، وهو ما لم تعد تقبله الأجيال الجديدة في البلاد، بحسب تقارير إعلامية.
ويعتقد متابعون للشأن الإفريقي، أن الانقلاب كان معدًا له مسبقا، خاصة أن فوز بونغو كان متوقعًا، وأن التعامل مع انقلاب النيجر شجّع عليه، إذ لم يستطع أحد أن يغيّر موقف المجلس العسكري الانقلابي رغم تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" بالتدخل العسكري لإعادة النظام الدستوري برئاسة محمد بازوم المحتجز منذ 26 يوليو/تموز 2023.
وكانت الغابون قد شهدت تعديلاً دستورياً تمكن بونغو بموجبه من الترشح لفترة رئاسية ثالثة، وهو ما أثار معارضة الرأي العام في بلاده واعتبره "تلاعبًا" بالدستور للاستحواذ على السلطة.
كما أن الوضع الاقتصادي المتردي في الغابون في ظل حكم بونغو زاد من معارضيه خاصةً وسط فئة الشبّان، مع امتعاض واسع من الفساد في الطبقة الحاكمة.