يساعد التغير المناخي الأمراض والآفات على تدمير الغذاء، وتفاقُم نقص المحاصيل، والذي يتسبب في ارتفاع أسعار السلع الغذائية مثل الكاكاو وزيت الزيتون والطماطم، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، السبت 26 أغسطس/آب 2023.
إذ يتكبّد الاقتصاد العالمي بالفعل أكثر من 220 مليار دولار سنوياً نتيجة الأمراض النباتية، وما لا يقل عن 70 مليار دولار بسبب الحشرات الغازية، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
من جهتها، قالت ليا بوكمان، عالمة الحشرات في جامعة جورج تاون، إن الآفات تتكيف بسهولة مع المناخ المُتغيِّر، إذ تسمح درجات الحرارة الأدفأ لها بسرعة التكاثر والهجرة؛ ما يؤدي بالتالي إلى تقليل غلات المحاصيل.
وقالت بوكمان: "مع ارتفاع درجة الحرارة يصير لديك نطاق جغرافي موسع، وانتشار أوسع للحشرات، من شأنهما زيادة الأمراض المنقولة بهذه الحشرات".
ونتيجة لذلك عُثِرَ على فراشات مدمرة، موطنها الأمريكتان، وهي تلتهم الذرة والحبوب الأخرى في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا. في حين دمرت الذبابة البيضاء المرتبطة بالمناخ الاستوائي وشبه الاستوائي مزارع الطماطم في أوروبا.
الكاكاو
وسلّط تقرير الوكالة الأمريكية الضوءَ على بعض المحاصيل التي تكافح في ظل تزايد الأعداء الذين يدمرونها، ومنها الكاكاو، حيث شهدت منطقة غرب إفريقيا، موطن ثُلثي إمدادات الكاكاو العالمية، صعوبات خطيرة فيما يتعلق بمحصولها في المواسم الأخيرة؛ ما أدى إلى اقتراب أسعار الجملة من أعلى مستوياتها التاريخية هذا العام.
وقد أدى مَرَضان على وجه الخصوص إلى تفاقم المشكلة، وينجم مرض القرنة السوداء عن كائنات شبيهة بالفطريات، تنتشر بسرعة على حبات الكاكاو تحت الظروف الرطبة، وتحولها إلى اللون الأسود أو البني.
وقد تسبب هذا المرض في تدمير ما يصل إلى 30% من محاصيل الكاكاو السنوية، وفقاً للعديد من الدراسات. وقد أدت الفترات الطويلة من الأمطار الغزيرة المصحوبة بأنماط غير منتظمة إلى زيادة فرص انتشارها.
وينتقل فيروس البراعم المنتفخة عن طريق البقّ الدقيقي، الذي يتغذى على عصارة نباتات الكاكاو، ويقلل بدرجة كبيرة من إنتاجية المحاصيل، وفي النهاية يتسبب بقتل النبات. ويزدهر البقّ الدقيقي في درجات الحرارة الدافئة.
الطماطم
كما سلّط التقرير الضوء على محصول الطماطم، الذي ارتفع سعره في الهند بنسبة 700% الشهر الماضي، وهي زيادة غير عادية، لدرجة أنها أثارت سخرية على الشبكات الاجتماعية، ودفعت لمقارنة سعرها بجميع الأشياء، بدءاً من البنزين وحتى النفوذ السياسي.
وتضرَّر إنتاج المحصول وسط تأخُّر الرياح الموسمية والأمطار الغزيرة في بعض مناطق الزراعة، ودرجات الحرارة الأعلى من المعتاد في يونيو/حزيران.
لكن محاصيل الطماطم عانت أيضاً مما تُسمَّى بالذبابة البيضاء ذات الأوراق الفضية، وتتمتع الحشرة التي تتغذى على النسغ (محلول مائي يجري في سيقان وجذور النباتات) بالقدرة على نقل مئات الفيروسات النباتية؛ ما يعيق إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل الطماطم والفاصوليا والبطاطا الحلوة.
الزيتون
بينما تواجه إسبانيا، أكبر مُنتِج لزيت الزيتون في العالم، أزمتها الخاصة إثر تسبُّب الجفاف في تضاؤل الإنتاج؛ ما أدى إلى مضاعفة أسعار الجملة في العام الماضي، لكن ليس فقط الحرارة الشديدة والجفاف هما اللذان يؤثران في إنتاج مزارعي الزيتون الأوروبيين.
فمع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، صارت مكافحة بعض الأمراض أصعب. وتعد الزيليلا فاستيديوسا واحدة من أخطر البكتيريا النباتية في جميع أنحاء العالم، وفقاً للمفوضية الأوروبية، ولديها القدرة على التسبب في خسائر سنوية في الإنتاج، قدرها 5.5 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي.
وتقتل البكتيريا النباتات عن طريق سد الأوعية التي تحمل الماء من الجذور إلى الأوراق؛ ما يؤدي إلى اختناقها ببطء حتى الموت.
الحبوب
إضافة إلى الحرب الأوكرانية الروسية، التي قوّضت تجارة الحبوب عالمياً، أثار الطقس غير المواتي والآفات مشكلات في الإنتاج المحلي في بعض البلدان.
وهذا ما تشهده الصين، واحدة من أكبر منتجي الذرة في العالم، حيث صارت الآفات مثل دودة الحشد الخريفية تهاجم النباتات في وقت أبكر من المعتاد.
وموطن هذه الآفة المدمرة هو الأمريكتان، لكنها زحفت الآن لمختلف القارات، بما في ذلك آسيا وإفريقيا. ويمكن لديدان الحشد الخريفية أن تهاجر لمسافة مئات الكيلومترات في ليلة واحدة خلال مرحلة العثة، وتنتج العديد من البيض؛ ما يزيد من فرص بقائها على قيد الحياة.
ويدعم الطقس الأدفأ والرطوبة بقاء الآفة وتكاثرها؛ ما يُمكِّن اليرقات من بدء هجومها في وقت مبكر جداً من دورة المحاصيل.