قالت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، إن مؤسس صحيفة "السفير"، طلال سلمان، توفي الجمعة 25 أغسطس/آب 2023، عن 85 عاماً بعد مسيرة إعلامية حافلة بالإنجازات، ونعاه مجلس نقابة الصحافة اللبنانية وعدد من الإعلاميين والساسة والشخصيات العامة، من بينهم وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، والكاتب الصحفي سركيس أبو زيد.
وكتب الإعلامي جورج قرداحي على منصة إكس (تويتر سابقاً) عنه قائلاً: "رحل الأستاذ.. علم من رجالات الإعلام الكبار في بلادي، حمل قلمه ومضى.. صوت من لا صوت لهم".
من هو طلال سلمان؟
وُلد سلمان في بلدة شمسطار (شرقي لبنان) عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان ووالدته فهدة الأتات، وتزوّج عفاف محمود الأسعد من بلدة الزرارية في جنوبي لبنان عام 1967، وأنجبا هنادي وربيعة وأحمد وعلي، ودرس في عدة مدارس بحسب تنقل والده الدركي في المدن اللبنانية، وأنهى دروسه الثانوية عام 1955.
بدأ سلمان حياته المهنية مصححاً في جريدة "النضال"، ثمّ عمل صحفياً بلا راتب في جريدة "الشرق" أواخر سنة 1956. وبعد فترة تدريب في بعض الصحف اليومية، انتقل إلى مجلة "الحوادث" عام 1957، وعمل فيها محرراً، ثم سكرتيراً للتحرير، ومنها انتقل إلى مجلة "الأحد" عام 1960، وتولى إدارة التحرير.
في خريف عام 1962 سافر إلى الكويت، بحيث أصدر مجلة "دنيا العروبة" لصاحب "دار الرأي العام" عبد العزيز المساعيد، والتي تولى رئاسة تحريرها فترة قصيرة، عاد بعدها إلى بيروت ليتولى إدارة التحرير بمجلة "الصياد" في صيف عام 1963.
بين عامي 1963 و1973 تنقّل بين مجلات "الصياد" و"الأحد" و"الحرية"، قبل أن يتفرغ في "الصياد" و"الأنوار" لتغطية الأحداث العربية. فعُرف داخل عدد من الأقطار العربية، وحاور مجموعة من أبرز الملوك والرؤساء والقادة السياسيين والحزبيين العرب، وعالج مجموعة من الملفات والقضايا الساخنة.
حاور عدداً كبيراً من كبار الأدباء والكتاب والفنانين العرب، في عدد من الأقطار العربية، وربطته بمعظمهم صداقات وثيقة.
في أواسط عام 1973 تفرغ لإصدار "السفير" جريدةً يومية. وصدرت في 26 مارس/آذار من عام 1974 بعد اتصالات ومشاورات ومحاورات واسعة شملت عدداً من كبار القادة والسياسيين والصحفيين من الكتاب والأدباء العرب، حتى جاءت مصداقاً لشعارها "جريدة لبنان في الوطن العربي، وجريدة الوطن العربي في لبنان"، وكان شعارها الرديف "صوت الذين لا صوت لهم".
طلال سلمان نجا من محاولة اغتيال
كان عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ عام 1976 حتى عام 2016، ونجا من محاولة اغتيال أمام منزله في منطقة الحمراء ببيروت، في 14 يوليو/تموز 1984، وأصيب بجروح في أنحاء متعددة من جسده.
حاز جائزة المستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لأفضل نقل صحفي روسي وأجنبي للأحداث في الشرق الأوسط، وتسلم الجائزة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2000.
بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، خاضت "السفير" معارك ضد مشاريع الحروب اللبنانية المتنقلة، وضد فلتان السلاح وصراعات الأحزاب والطوائف والمذاهب، بحيث كتب سلمان عشرات الافتتاحيات مؤكداً رفض الحروب الداخلية وأولوية مقاومة الاحتلال، مثل افتتاحية "جنوباً دُرْ – جنوباً سِرْ وانتصر".
اشتهرت الافتتاحية التي نشرها في 17 يناير/كانون الثاني 1991 بعنوان "إلى جهنم السبب والمستفيد، لكنه دمّي هذا الذي يجري"، تعليقاً على الحشود الأجنبية والعمليات الحربية ضد العراق، بعد قرار صدام حسين دخول الكويت.
طلال سلمان قابل ملوكاً ورؤساء
قابل ملوكاً ورؤساء وشخصيات، أمثال جمال عبد الناصر، حافظ الأسد، معمر القذافي، هواري بومدين، الشاذلي بن جديد، أحمد بن بيلا، ومعظم القادة التاريخيين للثورة الجزائرية، وأحمد حسن البكر، صدام حسين، سالم ربيع علي، علي ناصر محمد، عبد الفتاح إسماعيل، المشير عبد الله السلال، العقيد علي عبد الله صالح، الملك خالد بن عبد العزيز، الملك فهد، أمير الكويت جابر الأحمد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان، آية الله الخميني، أبي الحسن بني صدر، الرئيس رفسنجاني. أما الرؤساء اللبنانيون فكانت له بهم جميعاً صلات رسمية وشخصية.
في عام 2004، وفي الذكرى الثلاثين لإصدار "السفير"، كرّمته المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان كله، وتسلم منها كثيراً من الدروع التقليدية، وألقى أكثر من عشرين محاضرة في مختلف المناطق اللبنانية، وحاز جائزة "ستيفانو كياريني" من لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" في عام 2007.
أبرز مؤلفات الراحل طلال سلمان
من مؤلفات طلال سلمان، مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969)، وثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984)، وإلى أميرة اسمها بيروت (1985)، وحجر يثقب ليل الهزيمة (1992).
كما أصدر أيضاً، عدة كتب بعناوين مختلفة، منها الهزيمة ليست قدراً (1995)، وعلى الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000)، وهوامش في الثقافة والأدب (2001)، وسقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004).
إضافة إلى إصداره، هوامش في الثقافة والأدب والحب (2009)، ولبنان العرب والعروبة (2009)، وكتابة على جدار الصحافة (2012)، ومع الشروق (2012)، وهوامش في الثقافة والأدب والحب (2014)، ومع الشروق (2014).
وفور إعلان وفاته، نعى عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين طلال سلمان، مشيدين بدوره في الصحافة على مستوى لبنان والعالم العربي.