واصل مئات المحتجين في محافظة السويداء، جنوبي سوريا الخميس 24 أغسطس/آب 2023 لليوم الخامس على التوالي، الخروج إلى الشوارع في حراك شعبي للاحتجاج على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والدعوة إلى إجراء تغيير سياسي عميق في البلاد، وسط هتافات برحيل رئيس النظام بشار الأسد.
الاحتجاجات المستمرة، وجدت صدى واسعاً في محافظات سورية، خصوصاً الخارجة عن سيطرة النظام، فيما تمددت المظاهرات المساندة للسويداء في محافظات أخرى، الذي كما يبدو أربك النظام.
إذ نشر موقع "السويداء 24″، وهو منصة للناشطين تسعى إلى توفير تغطية إعلامية للمحافظة، مقاطع فيديو وصوراً من الاحتجاجات التي تمركزت في أكثر من منطقة بالمحافظة، حيث تعالت الهتافات المطالبة بمحاربة الفساد وإسقاط النظام.
إلى ذلك، قال أحد المحتجين وفقاً لفيديو نشره موقع السويداء: "نحن نطالب بدولة عدل.. ودولة كرامة.. ودولة ديمقراطية ونحن صبرنا كثيراً على الظلم والفساد ولا بد من الوقوف ضد هذا الفساد".
فيما قال شهود ونشطاء المجتمع المدني إن سكاناً تجمعوا في ميدان رئيسي بالمدينة الواقعة في جنوب غرب البلاد في احتجاجات اندلعت الأسبوع الماضي بسبب رفع حاد مفاجئ لأسعار البنزين.
واجتمع الزعماء الدينيون البارزون بالطائفة الدرزية، الذين كانوا موالين للحكومة فيما سبق، يوم الخميس للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات، وأقروا بالحق في الاحتجاج السلمي على سياسات الحكومة، لكنهم أحجموا عن تأييد المطالبات واسعة النطاق بتنحي الأسد.
من جهته، قال الشيخ حكمت الهجري الزعيم الروحي للطائفة الدرزية السورية لأعضاء بالطائفة إن هذا الحراك هو صوت الحق للشعب السوري. لكنه ندد بالتخريب أو أعمال العنف التي وقعت في الأسبوع الماضي حينما أحرق شبان إطارات سيارات وأغلقوا سبل الوصول إلى المدينة.
وهتف محتجون كانوا قد أحرقوا يوم الأربعاء ملصقاً ضخماً للأسد معلقاً في الميدان الرئيسي "ارحل، ارحل يا بشار" و"بدنا ناكل يا بشار". وسُمعت هذه الهتافات نفسها في بداية الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في 2011، والتي واجهت حملة قمع عنيف من قوات الأمن وأشعلت شرارة صراع مستمر منذ أكثر من عقد.
وقالت قوات الأمن إن السلطات في دمشق حريصة على تفادي أي تصعيد في السويداء.
وظلت المدينة تحت سيطرة الحكومة خلال الصراع ولطالما قاومت الأقلية الدرزية في المدينة استدراجها إلى حرب أهلية يحارب فيها بشكل رئيسي معارضون من الأغلبية السنية في سوريا حكم الأسد.
50 نقطة تظاهر
والثلاثاء، أحصت تنسيقيات الاحتجاجات بالمحافظة -خلال 24 ساعة- أكثر من 50 نقطة تظاهر، إذ بدأت قبل أيام بمطالب واحتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية في المحافظة، وفقدان المواد الأساسية، وارتفاع معدلات التضخم.
ونأت السويداء -التي تضم معظم دروز سوريا- بنفسها عن الاحتجاجات التي خرجت في معظم مناطق البلاد عام 2011 مطالبة بإسقاط النظام السوري، إلا أن هذه المحافظة الجنوبية شهدت عدة مرات احتجاجات على الأوضاع المعيشية عمل النظام كل مرة على احتوائها.
وقالت مصادر أمنية ودبلوماسيون، وفق ما نقلت رويترز، إن احتجاجات السويداء تؤجج مخاوف لدى المسؤولين من امتدادها إلى المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط، وهي معاقل أقلية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، حيث أطلق نشطاء مؤخراً دعوات نادرة للإضراب.
ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية الاحتجاجات، لكن معلقين موالين للحكومة اتهموا قوى أجنبية بتأجيج الاضطرابات وحذروا من تفشي الفوضى إن استمرت الاحتجاجات.
تمدد المظاهرات
فيما ذكرت قناة حلب اليوم أن ناشطين في بلدة قلب لوزة بريف إدلب الشمالي نظموا الخميس وقفة لمناصرة الحراك الشعبي في الجنوب السوري.
بالتزامن مع الاحتجاجات في السويداء انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا دعوات للتظاهر في جميع المحافظات، تحت عنوان "جمعة محاسبة الأسد"، وفق ما ذكرته وسائل إعلام معارضة لرئيس النظام السوري.
والأسبوع الماضي، أصدر رئيس النظام مرسوماً بزيادة الأجور بنسبة 100%، كما أعلنت الحكومة قرارات برفع أسعار المحروقات بنسبة تصل إلى 200%.
وتضمن المرسوم الصادر زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص إلى قرابة 13 دولاراً، في حين يراوح راتب موظف القطاع العام بين 10 و25 دولاراً، وفق سعر الصرف بالسوق السوداء.
ويعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، في حين يعاني أكثر من 12 مليوناً منهم انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.