عاش قائد فاغنر الروسية شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، منذ انقلابه الفاشل في يونيو/حزيران 2023، وحتى حادثة تحطم طائرته الخاصة ومصيره المجهول الأربعاء 23 أغسطس/آب 2023، شهرين غامضين وعصيبين، يبدو أنه حاول فيهما جاهداً القتال من أجل حياته.
وأُدرِجَ يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاغنر، ضمن قائمة الركاب على متن طائرة خاصة تحطمت في روسيا الأربعاء، بعد شهرين من قيادته تمرداً مسلحاً قصير الأمد ضد وزارة دفاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
حيث قالت وكالة الطيران المدني الروسية إن بريغوجين كان على متن الطائرة التي لقي كل ركابها العشرة حتفهم، فيما لم يصدر أي بيان رسمي حتى ساعة نشر هذا التقرير يوضح تفاصيل تحطم طائرة زعيم فاغنر في روسيا، وما إذا كان بريغوجين على قيد الحياة أم لا، على الرغم من وجود مؤشرات ترجح مقتله بالحادث.
من جانبه، قال سايمون مايلز، الأستاذ المساعد في كلية ستانفورد للسياسة العامة بجامعة ديوك ومؤرخ الاتحاد السوفييتي والعلاقات الأمريكية السوفييتية: "يبدو أنه قضى الشهرين الأخيرين يقاتل من أجل حياته".
بدأ تمرد فاغنر في أواخر يونيو/حزيران، بعد أن نشر بريغوجين خطبةً له على منصة تليغرام، انتقد فيها مسؤولي الدفاع الروس واتهمهم علناً بالكذب بشأن الحرب في أوكرانيا. وقاد بريغوجين قواته المرتزقة في مسيرة نحو موسكو، حتى إنه أسقط طائرة روسية، قبل أن يتنحى فجأة.
وبعد ذلك، تكهن الخبراء ومسؤولو المخابرات الغربية بأن بوتين سيقوم باغتيال بريغوجين، حليفه السابق. وكان بريغوجين يلتزم الصمت إلى حد كبير بعد الانقلاب، ونادراً ما كان يظهر علانية، لذلك لا توجد صورة واضحة عن مكان وجوده أو ما كان يفعله قبل الحادث.
بحسب موقع Business Insider الأمريكي، الخميس 24 أغسطس/آب 2023، هذا ما برز من جدول زمني خلال هذه الفترة الغامضة التي استمرت شهرين منذ محاولة انقلابه، ومصيره المجهول:
24 يونيو/حزيران: النفي
بعد أن أعاد بريغوجين قواته التي كانت تزحف نحو موسكو في 24 يونيو/حزيران، اتهمه بوتين بالخيانة وصدرت مذكرة اعتقال بحقه بتهمة التحريض على التمرد المسلح. ثم أبرم الكرملين صفقة معه وبموجبها وافق على المنفى في بيلاروسيا، حليفة روسيا، مقابل عدم محاكمته.
27 يونيو/حزيران: وصل إلى بيلاروسيا
بعد عدة أيام من محاولة الانقلاب، ذكرت شبكة Fox News الأمريكية أن طائرة خاصة مرتبطة ببريغوجين أقلعت من موسكو وهبطت في بيلاروسيا في 27 يونيو/حزيران، وفقاً لبيانات تتبع الرحلات الجوية.
وقال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الذي أفاد بأنه أقنع بوتين بعدم اغتيال بريغوجين، إن رئيس فاغنر وصل إلى البلاد.
وقال المسؤولون الأمريكيون لاحقاً، إن بريغوجين ربما لم يغادر روسيا فعلياً، بل ربما استخدم ممثلاً يحل محله ليبدو كما لو أنه فر إلى بيلاروسيا.
29 يونيو/حزيران: وجهاً لوجه مع بوتين
بعد خمسة أيام من التمرد وبعد يومين من وصول بريغوجين إلى بيلاروسيا، حيث منفاه، ذهب إلى موسكو لحضور اجتماعٍ امتد لثلاث ساعات مع بوتين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية TASS في يوليو/تموز.
وقال متحدث باسم الكرملين إن بريغوجين وقادة آخرين من فاغنر تعهدوا بالولاء لبوتين خلال الاجتماع.
6-4 يوليو/تموز: مداهمة منزله في سانت بطرسبرغ
أفادت وسائل الإعلام الروسية Fontanka بأن بريغوجين وصل إلى سانت بطرسبرغ في 4 يوليو/تموز، وبعد فترة وجيزة، نُشِرَت صور قالت وسائل الإعلام الروسية إنها التُقِطَت خلال مداهمة الشرطة لممتلكات بريغوجين في المدينة. وقال جهاز الأمن الروسي إنه عثر خلال عملية التفتيش، على أسلحة وسبائك ذهبية وشعر مستعار.
في 6 يوليو/تموز، أكد لوكاشينكو وجود بريغوجين ومجموعة من قواته في روسيا، مما أثار مزيداً من التساؤلات حول منفاه المفترض إلى بيلاروسيا.
كان ذلك عندما قال مسؤول في البنتاغون -لم يذكر اسمه- لصحيفة New York Times الأمريكية، إنه يبدو أن بريغوجين كان بالغالب في روسيا، بموسكو أو سانت بطرسبرغ، منذ اندلاع التمرد.
14 يوليو/تموز: ظهرت صورة لبريغوجين
وفي منتصف يوليو/تموز، أظهرت صورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، بريغوجين جالساً على سرير أطفال في خيمة بملابسه الداخلية. وأفاد جيك إبستين من موقع Business Insider الأمريكي، بأن الصورة تشير إلى أن بريغوجين كان في معسكر عسكري في بيلاروسيا حيث كان مقاتلو فاغنر يدربون القوات البيلاروسية.
27 يوليو/تموز: حضر قمة دولية
ظهرت صور في أواخر يوليو/تموز تُظهر بريغوجين في قمة روسية إفريقية استضافها بوتين في سانت بطرسبرغ. وتُظهِر الصور بريغوجين وهو يرتدي قميص بولو أبيض وسروال جينز أزرق، ويصافح فريدي مابوكا، المستشار الرئاسي في جمهورية إفريقيا الوسطى.
21 أغسطس/آب: ظهر في مقطع فيديو
قبل حادثة سقوط الطائرة بيومين، ذكرت وكالة Associated Press الأمريكية، نقلاً عن قنوات التواصل الاجتماعي الروسية المرتبطة ببريغوجين، أن قائد فاغنر نشر أول فيديو له للحث على التجنيد في صفوف فاغنر منذ التمرد.
وفي الفيديو، يقول رجل يبدو أنه بريغوجين، إن فاغنر "توظِّف رجالاً أقوياء حقيقيين، وتستمر في إنجاز المهام التي تُحدَّد والتي وعدنا بالتعامل معها".
وقال إن فاغنر تركز على "جعل روسيا أعظم في جميع القارات، وإفريقيا أكثر حرية".
24 أغسطس/آب: بريغوجين كان على متن طائرة خاصة تحطمت في روسيا
بعد مرور ما يقرب من شهرين على تمرده، طائرة خاصة كانت متجهة من مطار شيريميتيفو الدولي بموسكو إلى سانت بطرسبرغ قد تحطمت، وبحسب قائمة الركاب التي لديها، كان على متنها زعيم فاغنر بريغوجين والرجل الثاني في المجموعة ديمتري أوتكين، إضافة إلى 8 أشخاص، من ضمنهم 3 من طاقم الطائرة.
وفيما تشير غالبية المؤشرات والمصادر إلى وفاة بريغوجين في هذه الحادثة، إلا أنه ما زال أمام الجميع انتظار بيان رسمي من الجهات المختصة في موسكو يؤكد ذلك.
ووفاته، إذا تأكدت، ستترك مجموعة فاغنر التي أثارت غضب الرئيس فلاديمير بوتين في يونيو/حزيران 2023، بتنظيم تمرد مسلح لم يكتمل ضد كبار ضباط الجيش، بلا قيادة وستثير تساؤلات حول عملياتها المستقبلية في إفريقيا وأماكن أخرى.
وبصرف النظر عن المسؤول عن الحادث أو أياً كان، فإن موته سيخلص بوتين أيضاً من الشخص الذي شكَّل أخطر تحدٍّ لسلطة الزعيم الروسي منذ وصوله إلى السلطة في 1999.
لعبت "فاغنر" دوراً كبيراً في الحرب التي شنها الرئيس الروسي بوتين على أوكرانيا، وشكّلت قوة أساسية في العديد من المعارك التي مكّنت القوات الروسية من السيطرة على أراضٍ أوكرانية.