شركات فرنسية بالمغرب تقع “ضحية” توتر العلاقات بين البلدين.. اضطرت لتقليص نشاطها الاقتصادي

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/18 الساعة 19:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/18 الساعة 19:52 بتوقيت غرينتش
ملك المغرب محمد السادس والرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون/ رويترز

تعاني شركات فرنسية داخل المغرب بسبب التوترات الدبلوماسية، مما اضطرها إلى تقليص أنشطتها هناك، بحسب ما رصده موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي، الخميس 18 أغسطس/آب 2023. 

بحسب الموقع، تعيش شركة المرافق الفرنسية العملاقة Veolia فترةً عصيبة داخل المغرب، بعد مضي أكثر من 20 عاماً على تدشين أعمالها في المملكة، حيث ينظر مجلس المنافسة بالمغرب فيما إذا كانت المجموعة تمارس الاحتكار، خلال الأشهر المقبلة. 

فبعد اندماج المجموعة مع شركة Suez المغربية قبل أكثر من عامٍ مضى، أصبحت Veolia تتمتع بسيطرةٍ فعلية على شركة Lydec أيضاً، فيما حاولت المجموعة بيع شركتها الفرعية في وقتٍ من الأوقات، لكنها تواجه صعوبةً كبيرةً في البيع اليوم. 

وتمتلك شركة الاستثمار في البنية التحتية Meridiam حصة تقدر بـ40% من حصص شركة Suez الآن، ويرأس شركة الاستثمار تييري دياو المقرب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. بينما عارض وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، صفقة البيع المقترحة لشركة Suez بشدة. ويؤدي الوضع الراهن إلى جعل Veolia المسؤولة مكرهةً عن توزيع الماء في أكبر ثلاث مدن بالبلاد (الدار البيضاء والرباط-سلا وطنجة)، وذلك عبر شركاتها الفرعية Lydec وRedal وAmendis.

وفي الوقت ذاته، أفاد موقع Medias 24 المغربي بأن استبدال الشركات الإقليمية متعددة الخدمات بـ"شركات الإدارة المفوضة" -مثل الشركات التابعة لـVeolia- موضوع يجري نقاشه بشكلٍ مكثف منذ شهور، وذلك بين المجموعة الفرنسية ومجلس المنافسة.

وبالنسبة لشركة Teodem، التابعة لشركة إدارة النفايات الفرنسية Pizzorno، فقد رفعت نزاعها بشأن عقد مكب نفايات أم عزة للتحكيم في المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية. وفي يوليو/تموز 2022، تلقت Teodem فاتورة متأخرات ضريبية بقيمة 4.56 مليون دولار تقريباً، وهي تعاني بسبب تأخرها في سداد كثير من الفواتير داخل المغرب. 

كما دخلت الشركة في نزاع مع مجموعة من موظفيها بعد إلغاء عقودها عام 2020. إذ رفع الموظفون قضيتهم إلى المحكمة ويطلبون تعويضات بقيمة 8.58 مليون دولار، وفقاً لتقرير من الشركة بتاريخ أكتوبر/تشرين الأول 2022. ودفع ثمن هذه التجارب المغربية سيئة الحظ تييري كوست أيضاً، الذي كان عضواً في جماعة ضغط لصالح شركة Pizzorno لفترةٍ طويلة ويتمتع بعلاقة جيدة مع ماكرون، حيث لم يجرِ تجديد عقده الاستشاري بعد انتهائه عام 2022.

التأثير السياسي 

وسيطر الجمود على العلاقات بين باريس والرباط منذ مطلع 2023، بسبب قضية الصحراء الغربية في المقام الأول. ولم يؤثر ذلك الجمود على وضع Veolia بشكلٍ مباشر، لكن يبدو أن الشركات الفرنسية الأخرى عانت نتيجةً لذلك الجمود المُطوّل. 

وكان من المقرر زيارة وفد من جمعية أرباب العمل الفرنسية (ميديف) للمغرب في 26 يوليو/تموز، لكن الزيارة ألغيت بطلبٍ من رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب العلج.

ونجحت حفنة من شركات البناء والأعمال العامة الفرنسية في الحفاظ على أنشطتها، وأبرزها NGE وLes Grands Travaux Routiers (التابعة لشركة Colas المملوكة لمجموعة Bouygues)، لكن تلك الشركات تواجه منافسةً شديدة من الشركات المغربية اليوم. 

وتشمل تلك الشركات المغربية مجموعة مجزين المملوكة لإبراهيم مجاهد، والتي حصلت على عدة مشروعات في الطريق السريع تزنيت-العيون-الداخلة، إضافة إلى شركة SGTM المغربية المملوكة لعائلة القباج. وقد تعاونت الأخيرة مع الشركة المغربية للهندسة المدنية (سوماجيك) من أجل الإطاحة بمجموعة Eiffage الفرنسية من مشروع ميناء الداخلة عام 2021. وفي ذلك الوقت، كانت التوترات الدبلوماسية بين باريس والرباط بشأن قضية الصحراء الغربية الشائكة قد برزت للواجهة بالفعل.

ومن المتوقع ترسيخ جذور هذه الدينامية في الأول من سبتمبر/أيلول، عندما يدخل حيز التنفيذ مرسوم ملكي يمنح الأولوية للشركات المحلية على الدولية عند منح العقود الحكومية. وفي مطلع يوليو/تموز، كشف موقع Le Desk المغربي كيف جرى استبعاد شركتي Egis وSetec الفرنسيتين من دراسة الجدوى للطريق السريع الرباط-الدار البيضاء، رغم كونهما المرشحتين الوحيدتين للمشروع.

بالنسبة لمشروع ميناء الدار البيضاء، فقد قررت مجموعة Naval الاستسلام في أبريل/نيسان الماضي، بعد قضاء عدة سنوات في محادثات حصرية مع الوكالة الوطنية للموانئ. وتشير التقارير إلى أن ذلك العقد يجذب اهتمام الشركات الإسبانية حالياً.

وهناك مشروع ضخم آخر هو خط السكك الحديدية السريع بين مراكش وأغادير. حيث تمتعت مجموعة Alstom بشراكة مميزة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية المغربية، وذلك منذ إنشائها لخط طنجة-الدار البيضاء. لكن الشركة تعرضت للاستبعاد من دراسات التصميم الأولية لخط مراكش أغادير، قبل منح المشروع في النهاية لشركة China Railway Design Corp الصينية مطلع يوليو/تموز. وتخلت شركة فرنسية أخرى عن عرضها المقدم لتنفيذ أحد المشروعات برغم أنها كانت نشطةً في مشروعات السكك الحديدية داخل المغرب من قبل، وذلك لأنها وصفت مطالب الجانب المغربي بأنها لن تكون مجديةً من الناحية المالية.

وسط هذا المناخ، تبدو الخطط المغربية ضبابيةً لدى العديد من الشركات الفرنسية. ففي يونيو/حزيران، قررت شركة مشروبات المغرب (التابعة لمجموعة Castel الفرنسية) بيع شركة Euro-Africaine des Eaux لشركة Mutandis، المملوكة لمصرف سي إف جي بنك الذي شارك في تأسيسه عادل الدويري.

أما في القطاع المصرفي، فقرر البنك المغربي للتجارة والصناعة التابع لـBNP Paribas إتمام صفقة بيع شركة إدارة الأصول الخاصة به BMCI Asset Management إلى مصرف القرض العقاري والسياحي في فبراير/شباط، وكذلك بيع منصة مدفوعاته Digifi لشركة AB15 Ventures. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، باعت Axa Assurances Maroc نسبة 80% من حصتها في Axa Assistance Maroc لصالح شركة Ask Capital القابضة المملوكة للمهدي التازي. وقبلها ببضعة أشهر، باعت مجموعة Crédit Agricole مصرف المغرب التابع لها الذي تملكه منذ عام 1929، وذلك لصالح مجموعة هولماركوم المغربية المملوكة لعائلة بن صالح.

وحققت شركة International Power SA التابعة لشركة Engie نجاحاً في الـ10 من يوليو/تموز، في حدثٍ نادر من نوعه لشركة فرنسية خلال الأشهر الماضية. حيث وقع الاختيار عليها ضمن القائمة المختصرة للشركات المرشحة لتنفيذ مشروع محطة الطاقة الشمسية نور-ميدلت 2. لكن الأمر قد يكون مرتبطاً بحقيقة أن شركة الطاقة تعاونت مع شركة ناريفا المغربية التابعة لشركة المدى القابضة.

تحميل المزيد