تفاصيل تقرير أخفاه السيسي بشأن فض اعتصام رابعة.. أعدته لجنة من القضاة وأدان السلطات

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/16 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/16 الساعة 08:03 بتوقيت غرينتش
عناصر من الجيش المصري أمام متظاهر/ الأناضول

اتهمت جماعة حقوقية السلطات المصرية بطمس الحقائق، بخصوص فض اعتصام رابعة قبل 10 سنوات، وقالت إن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي منعت منذ تسع سنوات نشر تقرير رسمي حول مذبحة رابعة، التي راح ضحيتها مئات المتظاهرين السلميّين، وفق ما ذكره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الثلاثاء 15 أغسطس/آب 2023.

حيث قالت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" إنها حصلت على النتائج الكاملة لتحقيق اللجنة القومية بشأن فض رابعة، وأوضحت أن محتويات التقرير الذي حصلت عليه المبادرة من مصدر موثوق، شريطة عدم الكشف عن هويته، تقدم  الاستخلاصات والأدلة التي جمعها قضاة وقدمتها لجنة إلى الرئيس السيسي.

تقرير لم يُنشر حول مذبحة رابعة

حيث اتهم التقرير، الذي تم تسريبه إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ونشرت تفاصيله الإثنين 14 أغسطس/آب، قوات الأمن بـ"الاستخدام العشوائي وغير المتناسب للذخيرة الحية"، وخلص إلى أن الحكومة استبعدت البدائل الأقل عنفاً لتفريق الاعتصام وتسببت في مذبحة رابعة. 

كما جاء في التقرير، الذي اختتم أواخر عام 2014، أن "أكبر عدد من ضحايا مذبحة رابعة هم من المدنيين الأبرياء، ومن المرجح أن يكونوا متظاهرين سلميين"، أما "الذين حملوا السلاح وروّعوا المواطنين فقد تمكنوا من الفرار من ميدان رابعة".

على الرغم من التوثيق المرئي الكثيف لعمليات القتل، الذي أعده نشطاء مصريون وصحفيون وجماعات حقوقية، لم تحاكم السلطات حتى الآن أي شخص مسؤول عن الوفيات.

التقرير المسرب أوصى بإجراء تحقيق رسمي بشأن مذبحة رابعة يشمل شهادات الضحايا والمسؤولين، وحسب ما نشرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإن التحقيق أوصى أيضاً بـ"إعادة فتح الملف من قِبل لجنة مكونة من قضاة تحقيق، يأمرون باستدعاء الشهود الذين شهدوا هذه الأحداث والمسؤولين".

وبرّر معدو التقرير ذلك "لتمكين الجمهور من معرفة الحقيقة والحفاظ على الوحدة الوطنية، ومنع هذا الانقسام السياسي من التحول إلى شقاق مجتمعي يهدد وحدة الدولة، والجروح التي عانى منها جميع الضحايا بحاجة إلى التئام".

استهزاء بالعدالة

أعدت التقرير لجنة من كبار القضاة المصريين، كلّفتهم الحكومة بإجراء تحقيق في الأحداث، ومع ذلك لم يتم تفويض القضاة بالاستماع إلى الضحايا أو شهود العيان أو المسؤولين الحكوميين.

حيث ترأس لجنة التحقيق في مذبحة رابعة القاضي الراحل فؤاد عبد المنعم رياض، الأكاديمي والقاضي الدولي السابق بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وضمّت القاضي إسكندر غطاس، مساعد وزير العدل السابق، والقاضي عمر مروان، الذي شغل في وقت سابق منصب وزير العدل في مصر. 

لم تشمل صلاحيات اللجنة، بموجب مرسوم صادر عن الرئيس المؤقت عدلي منصور، في ديسمبر/كانون الأول 2013، استدعاء مسؤولين أو توجيه اتهامات أو إحالة الوقائع إلى المحاكمة.

بدلاً من ذلك، اعتمدت اللجنة على الأدلة المتاحة من مصادر ثانوية، بالإضافة إلى المقابلات والتحليلات. ومع ذلك يظل هو التقرير الرسمي الوحيد المتعلق بتفريق احتجاج ميدان رابعة، والذي وصفته هيومن رايتس ووتش بأنه "أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث".

عام كامل من التحقيقات

قضت لجنة تقصي الحقائق عاماً كاملاً في توثيق أعمال العنف التي وقعت منذ احتجاجات 30 يونيو/حزيران ضد مرسي، وانقلاب 3 يوليو/تموز  الذي قاده وزير الدفاع آنذاك السيسي، والقمع العنيف للاحتجاجات المناهضة للسيسي التي اندلعت بعد الإطاحة بمرسي.

التقى رياض وأعضاء لجنته مع السيسي، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، لتقديم النسخة النهائية لتقريرهم، والذي لم يتم نشره رسمياً بعد. وبعد ثلاثة أيام من اجتماعها مع السيسي، عقدت اللجنة مؤتمرها الصحفي الختامي للإعلان عن نتائج التقرير. 

بحسب رياض، احتوى تقرير مذبحة رابعة على 766 صفحة، بالإضافة إلى 11 ألف صفحة من الملاحق والمرفقات والمستندات. كما كان يحتوي على أقراص مدمجة تحتوي على صور وفيديوهات مع أدلة.

مع ذلك، نشرت اللجنة فقط ملخصاً تنفيذياً من 57 صفحة، بما في ذلك سبع صفحات فقط عن فض رابعة. في منشور على فيسبوك، قبل وفاة رياض عام 2020 كتب أن التقرير "لا يزال مخفياً".

على عكس التقرير الكامل، تتطابق النسخة الرسمية التي اعتمدتها الدولة منذ الأحداث، والتي استُخدمت كأساس لملاحقة 739 متظاهراً جنائياً. ونددت منظمة العفو الدولية بالمحاكمة الجماعية، ووصفتها بأنها "مشينة" و"استهزاء بالعدالة"، حيث لم يتم تقديم أي ضابط شرطة أو مسؤول حكومي إلى العدالة.

تفريق دموي تسبب في مذبحة رابعة

وَصفت الرواية الرسمية الاعتصام بأنه تجمع مسلح، وزعمت أن قوات الأمن منحت المتظاهرين وقتاً للمغادرة طواعيةً عبر ممر آمن مخصص.

كما ادّعت أن المشاركين في الاعتصام أطلقوا الرصاص الحي على القوات، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وهو ما دفع القوات الأمنية إلى الرد بالذخيرة الحية، وفق مبدأي الضرورة والتناسب، حتى سيطرت على الوضع.

كما جاء في الملخص التنفيذي والنسخة الرسمية أن قوات الأمن عثرت على 51 قطعة سلاح ناري و"كمية من الذخيرة" في الاعتصام. ويتضمن التقرير المسرب أيضاً خطة فض رابعة الرسمية التي لم تُنشر سابقاً.

الخطة التي قدمتها وزارة الداخلية إلى اللجنة تضمنت 10 سيناريوهات متوقعة، بما في ذلك احتمال إطلاق الذخيرة الحية ضد قوات الأمن، أو استخدام النساء والأطفال والمتظاهرين السلميين "كدروع بشرية".

إلا أن الرواية الرسمية زعمت أن القوات الأمنية فوجئت باستخدام الذخيرة الحية ضدها، وكان عليها الرد على هذا النحو، ما تسبب في وقوع عدد كبير من القتلى. ومع ذلك خلصت هيئة القضاة إلى أن إطلاق الذخيرة الحية من قِبل قوات الأمن كان عشوائياً وغير متناسب.

"هل حافظت قوة التشتيت على التناسب في إطلاق النار من حيث نوع السلاح، وشدة النيران، ونتائج تفريق التجمع، بما في ذلك القتلى والجرحى، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة؟" أثار التقرير السؤال في تحليله.

كما قال التقرير إنه يتعين فحص عدد من المعايير الفنية لتقييم ما إذا كانت القوات الأمنية قد استخدمت القوة المفرطة، بما في ذلك عدد الضحايا، وعدد المسلحين، وعدد القوات الأمنية، ونوع أسلحتها، واكتظاظ الموظفين، وتوقيت ومدة الإنذار.

خلص التقرير إلى أن "وكالات إنفاذ القانون حتى لو كان لديها سبب مشروع لتفريق التجمع، وضرورة استخدام الأسلحة النارية، وحافظت على التناسب النوعي بين الأسلحة المستخدمة، فقد فشلت في تقدير عدد الضحايا عند الرد على مصادر النيران القادمة من العناصر المسلحة".

أضافت أن "لجنة تقصي الحقائق لا تشك في أنه كان من الممكن إنهاء اعتصام رابعة دون إراقة كل هذه الدماء".

تحميل المزيد