قالت صحيفة Financial Times البريطانية في تقرير نشرته الثلاثاء 15 أغسطس/آب 2023 إن كلاً من السعودية والإمارات تشتري الآلاف من رقائق شركة إنفيديا عالية الأداء، التي تُعَدُّ ضرورية لبناء برامج الذكاء الاصطناعي. وبهذا تنضم الرياض وأبوظبي إلى سباق التسلُّح العالمي بالذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يضغط بقوةٍ على إمدادات أهم سلعةٍ في وادي السيليكون اليوم.
إذ أفادت مصادر مطلعة على الخطوات المتخذة بأن السعودية اشترت ما لا يقل عن 3.000 رقاقة إنفيديا من طراز H100. يُذكر أن هذه الرقاقة هي عبارة عن معالج يبلغ سعره 40.000 دولار، ويصفها الرئيس التنفيذي لإنفيديا جين-سون هوانغ بأنها "أول رقاقة حاسوب مصممة للذكاء الاصطناعي التوليدي في العالم". وحصلت السعودية على تلك الرقائق بواسطة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست).
سباق بين الإمارات والسعودية للتفوق في الذكاء الاصطناعي
في الوقت ذاته، حصلت الإمارات على الآلاف من رقائق إنفيديا. كما طورت نسختها الأولى من النماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر، وأطلقت عليه اسم "فالكون"، داخل معهد الابتكار التكنولوجي في مدينة مصدر.
وأوضح مصدر مطلع على تفكير أبوظبي: "لقد اتخذت الإمارات قراراً بأنها تريد تملُّك قوتها ومواهبها الحاسوبية والسيطرة عليها، وامتلاك منصاتها الخاصة دون الاعتماد على المنصات الصينية أو الأمريكية".
ثم أردف المصدر: "والأهم من ذلك هو أنهم يمتلكون رأس المال اللازم لتحقيق ذلك، ويمتلكون موارد الطاقة اللازمة لتحقيق ذلك، ويجذبون اليوم أفضل المواهب العالمية أيضاً".
وستشحن شركة الرقائق نحو 550 ألف نسخة من أحدث رقائق H100 إلى العالم بأسره في عام 2023، وفقاً لعدة مصادر مقربة من إنفيديا والشركة المصنعة للرقائق، شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC). بينما ستحصل شركات التقنية الأمريكية على نصيب الأسد من تلك الكمية.
وستتسلم كاوست 3.000 نسخة من تلك الرقائق المتطورة، التي تبلغ قيمتها 120 مليون دولار إجمالاً، بحلول نهاية عام 2023 وفقاً لمصدرين مقربين من مختبر الذكاء الاصطناعي في الجامعة.
بينما تشير التقديرات إلى أن شركة OpenAI درّبت نموذج GPT-3 اللغوي المتطور باستخدام 1.024 رقاقة A100 -النسخة السابقة من أحدث رقائق إنفيديا، وذلك خلال مدة تجاوزت الشهر بقليل.
يُذكر أن جامعة كاوست لديها أكثر من 200 رقاقة A100 بحسب المصادر المطلعة. كما تبني الجامعة حاسوبها الفائق الذي يحمل اسم شاهين 3، وسيصير جاهزاً للتشغيل خلال العام الجاري. وسيعمل ذلك الحاسوب باستخدام 700 رقاقة غريس هوبر، التي تصفها إنفيديا بـ"الفائقة"، وهي مصممة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وتنوي الجامعة استخدام الرقائق الجديدة لبناء نموذجها اللغوي الكبير الخاص، الذي سيشبه إصدار GPT-4 من شركة OpenAI، بحسب عدة مصادر مقربة من الجامعة الحكومية.
السعودية تطوِّر نموذجها اللغوي في مختبر للذكاء الاصطناعي
يجري تطوير النموذج اللغوي الكبير السعودي داخل مختبر الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات المسؤول والمثبت (برادا) بجامعة كاوست، والذي يديره فريق من الباحثين الصينيين في الأساس.
واختار العديد من المواطنين الصينيين أصحاب الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي العمل في جامعة كاوست، وذلك لأنهم مُنِعوا من الدراسة والعمل داخل الولايات المتحدة إثر تخرجهم من جامعات صينية بعينها، بحسب مصدرين داخل كاوست.
وفي الوقت ذاته، أصدرت الإمارات "دليل الذكاء الاصطناعي التوليدي" باعتباره جزءاً من "التزام الحكومة بتعزيز مكانتها العالمية كدولةٍ رائدة في قطاعي التقنية والذكاء الاصطناعي"، بالإضافة إلى "وضع إطارات عمل تنظيمية للحد من الاستخدام السلبي للتقنية".
بينما تدرّب نموذج فالكون الإماراتي، المتوافر بالمجان عبر الإنترنت الآن، باستخدام 384 رقاقة A100 على مدار شهرين مطلع العام الجاري.
قال باحث رائد في مجال الذكاء الاصطناعي وخبير في النماذج اللغوية الكبيرة: "لقد انبهرت للغاية بذلك النموذج نظراً للموارد المستخدمة في تدريبه. وظل هذا النموذج واحداً من أفضل النماذج في عالم المصادر المفتوحة لفترةٍ من الوقت".
الإمارات تشتري دفعة من رقائق إنفيديا
في حين اشترت الحكومة الإماراتية دفعةً جديدة من رقائق إنفيديا استعداداً للمزيد من التطبيقات والخدمات السحابية المرتبطة بالنماذج اللغوية الكبيرة، وفقاً لشخص يعمل في هيئة التنمية الصناعية بالإمارات.
واستمتعت السعودية والإمارات بالعائدات غير المتوقعة من أرباح النفط بعد ارتفاع أسعار الطاقة العام الماضي. وتدير كل منهما مجموعةً من أكبر وأنشط صناديق الاستثمار السيادي في المنطقة.
وقد تواصل ممثلو الصناديق السيادية الخليجية مؤخراً مع شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في الغرب، في محاولةٍ للوصول إلى الرموز البرمجية وخبرات النماذج اللغوية الكبيرة مقابل توفير موارد الحوسبة، بحسب تصريحات رئيسين تنفيذيين لاثنتين من شركات الذكاء الاصطناعي الأوروبية.
لكن الثنائي، اللذين رفضا العروض المقدمة لهما، أوضحا: "لدينا عروض بتوفير التمويل الضخم والوصول إلى البيانات في مقابل الاستفادة من مواهبنا بطريقةٍ غير مباشرة".