قال خبراء إنَّ الضغط الغربي على أوكرانيا لتحقيق طفرة "هوليوودية" في هجومها المضاد ضد القوات الروسية "غير واقعي"، ويجب أن يكون حلفاء كييف مستعدين لاستمرار أمد الحرب "لفترة أطول بكثير" مما كانوا يتصورون، وذلك وفق التقرير الذي نشرته صحيفة The Independent البريطانية يوم الثلاثاء 15 أغسطس/آب 2023.
وفي مواجهة الدفاعات الروسية شديدة التحصين، بما في ذلك حقول الألغام الشاسعة والقصف العنيف، اضطرت أوكرانيا، خلال هجومها الصيفي المضاد لاستعادة الأراضي المحتلة خلال الغزو الروسي الذي دام 18 شهراً تقريباً، إلى توسيع نطاق تركيزها بعيداً عن الخطوط الأمامية.
أزمة تواجه أوكرانيا في حربها ضد روسيا
مع توقع تحول ساحة المعركة إلى بِرَك موحلة نتيجة الأمطار في مناطق جنوب وشرق البلاد -بما في ذلك زابوريجيا- مع حلول سبتمبر/أيلول، "يزداد بُعد تحقيق طفرة الانتصار عن المنال" التي يتطلع إليها الكثيرون في الغرب، كما قال المحللون المستقل.
وبينما حققت كييف بعض الإنجازات واستعادت عدداً من البلدات والقرى، كان التقدم بطيئاً. ومع ذلك، فإنَّ القوات الأوكرانية تحقق "نجاحات حقيقية" في إضعاف القدرات العسكرية الروسية وزعزعة الروح المعنوية لقواتها التي تواصل توسعها.
وقال مارك غاليوتي، مدير شركة Mayak Intelligence الاستخباراتية -التي لا تزال تستبعد نجاح قوات كييف في تحقيق طفرة مفاجئة في الحرب- إنَّ هذه الجهود لضرب خطوط الإمداد، وتدمير مستودعات الأسلحة وقطع المدفعية، "ستكون مهمة على المدى الطويل أكثر بكثير من مجرد الاستيلاء على قرية هنا أو بلدة هناك".
وأضاف غاليوتي: "على الرغم من أنَّ المرء قد يصاب بخيبة أمل بشأن الهجوم المضاد على المدى القصير، لكنه سيؤدي على المدى الطويل إلى خلق وضع يستطيع فيه الأوكرانيون أن يصيروا بحلول الربيع المقبل جيشاً كفؤاً يتماشى مع قدرات القرن الحادي والعشرين، بينما ينشر الروس جيشاً له قدرات القرن العشرين".
اتهامات للغرب بعدم تسليح أوكرانيا بالقدر الكافي
من جانبه قال كير غايلز، الزميل الاستشاري البارز في مركز الفكر والرأي البريطاني "تشاتام هاوس"، إنَّ نتيجة الهجوم المضاد لهذا العام "ربما تكون قد حددتها مسبقاً الخيارات الغربية" بعدم الذهاب لدرجة بعيدة كافية في تسليح أوكرانيا؛ مما يعني أنَّ قوات كييف تقاتل "في ظل ظروف لا يتوقعها أي جيش غربي".
وأضاف غايلز أنه من المتوقع منذ البداية أنَّ التقدم "سيكون بطيئاً ومؤلماً" لأنَّ التردد الغربي "أعطى روسيا أكثر من متسع من الوقت" لبناء الدفاعات التي يتعين على كييف الآن "اختراقها بتكلفة هائلة".
وتابع: "يجب أن نستعد لاستمرار هذه الحرب لفترة أطول بكثير مما كان يتصور الناس"، مشدداً على ضرورة أن يظل الناخبون الغربيون على دراية بـ"النتائج الكارثية لانتصار روسيا".
في الوقت نفسه، قالت الدكتورة مارينا ميرون، من قسم دراسات الحرب في كينغز كوليدج لندن، إنَّ "الحقيقة المحزنة" هي أنَّ روسيا، وليس الغرب، هي التي "تتحكم في زمن الحرب الآن"، مشيرة إلى تشكيك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السابق في قدرة الناتو على الصمود في دعم أوكرانيا خلال ما يعتبره الرئيس الروسي "صراع الإرادة السياسية".
ويبدو أنَّ أوكرانيا تحاول الصمود حتى تتلقى المزيد من المعدات العسكرية، وفقاً للدكتورة ميرون، بينما تتبنى تكتيكات غير متكافئة، مثل استخدام طائرات بدون طيار رخيصة لضرب أسطول البحر الأسود وأهداف داخل روسيا؛ مثل موسكو ومقاطعة بيلغورود. وبينما نادراً ما تعلن أوكرانيا مسؤوليتها عن مثل هذه الهجمات، يسعد المسؤولون بتضخيم تأثيرها على الكرملين ويقولون إنَّ المزيد من الهجمات ستقع في المستقبل القريب.
وقالت الدكتورة ميرون: "الأمر لا يتعلق فقط بالاستيلاء على الأراضي، بل بالتأثير النفسي أيضاً، وبتقويض القدرات اللوجستية لروسيا".
مبرر لتعبئة الروس في الحرب
في حين حذرت الدكتورة ميرون من أنَّ الهجمات على الأراضي الروسية "قد تكون في صالح موسكو؛ إذ تعزز على ما يبدو رواية بوتين عن الحرب، وتعطيه تبريراً لتعبئة المواطنين، مع تنفير الحلفاء الغربيين الذين يخشون التصعيد".
وعلى الرغم من الشكوك التي تحيط باحتمالات تحقيق طفرة أوكرانية ضخمة قبل الشتاء، أشار مارك غاليوتي، مدير شركة Mayak Intelligence الاستخباراتية، إلى أنَّ كييف تأمل في كسر الجسر البري الروسي الرابط بين شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا وشرق دونيتسك، أو على أقل تقدير جعله في نطاق القصف الأوكراني.
فيما أعلنت كييف مراراً وتكراراً أنها تخطط لاستعادة شبه جزيرة القرم وجميع الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ شنت غزوها واسع النطاق على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.