شهدت عدة أحياء في العاصمة الليبية طرابلس، خلال الليل، نشوب اشتباكات بين أقوى فصيلين من الفصائل المسلحة بالمدينة، وتوسعت واستمرت حتى صباح الثلاثاء 15 أغسطس/آب 2023، وذلك في أسوأ أعمال عنف تشهدها المدينة هذا العام؛ ما أثار مخاوف من تصعيد أوسع نطاقاً للصراع.
هذه الاشتباكات خاضها كل من جهاز الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب التابع للمجلس الرئاسي، واللواء (444) التابع لحكومة الوحدة.
وكالة رويترز، أفادت بأن دخاناً داكناً تصاعد فوق أجزاء من المدينة في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، فيما دوّت أصوات أسلحة ثقيلة في الشوارع، ونقلت الوكالة عن سكان ووسائل إعلام محلية، تأكيدهم اندلاع قتال في مناطق مختلفة من العاصمة.
من جانبها، ناشدت وزارة الصحة المواطنين التبرع بالدم لمساعدة المصابين، وقال أسامة علي، وهو متحدث باسم خدمة الإسعاف، إن 19 شخصاً أصيبوا وتم إجلاء 26 أسرة من المناطق التي شهدت اشتباكات، ولم يشر إلى سقوط أي قتلى.
الاشتباكات بين اللواء 444 وقوة الردع الخاصة، اللتين دعمتا حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة خلال معارك قصيرة العام الماضي، أدت إلى إنهاء الهدوء النسبي الذي دام شهوراً في طرابلس.
مصدر في اللواء 444، قال في تصريح أوردته وكالة الأناضول، إن "قوة الردع الخاصة، التي تسيطر على مطار معيتيقة بالعاصمة، ألقت القبض أمس الإثنين على قائد اللواء محمود حمزة أثناء محاولته السفر".
في حين ذكرت مصادر في شركات طيران ومطار معيتيقة، أن السلطات حولت مسار الرحلات من وإلى المطار إلى مدينة مصراتة الواقعة على بعد 180 كيلومتراً شرقي طرابلس.
كذلك أفادت وكالة رويترز، بأن اشتباكات اندلعت بالقرب من المطار في ساعة متأخرة من مساء أمس الإثنين، واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء.
بدورها، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ضابط مسؤول في وزارة الداخلية -لم تذكر اسمه- قوله صباح اليوم الثلاثاء إن "مناطق عين زارة جنوب طرابلس تشهد منذ مساء أمس اشتباكات متقطعة بين قوة الردع واللواء 444، فيما يستمر التحشيد وإغلاق بعض الطرق في محيط مطار معيتيقة الدولي".
أضاف المصدر أن اتصالات ومفاوضات مكثفة جارية بين أطراف سياسية وعسكرية -لم يسمّها- لوقف التوتر الأمني.
يعدّ اللواء 444، الذي يقوده العقيد محمود حمزة ويتبع رئاسة الأركان العامة للجيش في غرب ليبيا، واحداً من أكثر القوى العسكرية تنظيماً، وتنتشر معظم قواته جنوب العاصمة، كما تسيطر على مدن بارزة في غرب ليبيا، وتحديداً ترهونة وبني وليد، وتقوم بتأمين أجزاء واسعة من الطريق الرابط بين العاصمة وجنوب البلاد.
فيما تعد قوة الردع، وهو جهاز لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة مستقل عن وزارتي الدفاع والداخلية ويتبع المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، من القوى المسلحة النافذة في طرابلس؛ إذ تسيطر على معظم وسط وشرق المدينة وتفرض سيطرة مطلقة على قاعدة معيتيقة العسكرية الجوية التي تضمّ المطار المدني الوحيد في طرابلس وغرب البلاد.
تحتجز قوة الردع في سجن رئيسي داخل القاعدة معظم رموز نظام معمر القذافي الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية أو ينتظرون أحكاماً نهائية؛ وأبرزهم عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل ورئيس جهاز مخابراته السابق.
يُذكر أنه في العام 2022، حاولت فصائل الإطاحة برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة؛ مما أدى إلى اشتباكات عنيفة على مدار يوم في طرابلس، كما هزت معارك متفرقة في ذلك العام مدينة الزاوية غربي العاصمة.