بدأت الصين حملة لإغلاق مجموعة من الشركات والسيطرة على الأراضي الزراعية في إطار مساعي الحكومة لزيادة مساحة الأراضي المزروعة من الحبوب الغذائية، من أجل خفض الاعتماد على استيراد الغذاء من الخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، حسب ما ذكرته صحيفة The Financial Times البريطانية، الإثنين 14 أغسطس/آب 2023.
فقد أغلقت السلطات الصينية مطعم "ستار شاينينغ إن ذا كلاودز" الشهير في مدينة تشنغدو غرب الصين، واستحوذت السلطات المحلية على أكثر من 16500 فدان في تشنغدو وحدها، وأغلقت شركات عديدة، في الحملة التي بدأتها على الصعيد الوطني لزراعة الذرة وفول الصويا من أجل تعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
"إجراءات صارمة" لتحقيق الاكتفاء الذاتي
لم تؤتِ الحملة ثمارها المرجوة في زيادة الإنتاج بعد، لكن السلطات استعادت أكثر من 420 ألف فدان من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2021، إذ تحاول بكين تقليل اعتمادها على الغذاء المستورد وسط مخاوف من أن تؤدي المواجهة بين الصين والولايات المتحدة إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية.
إذ قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطاب ألقاه العام الماضي، إن السلطات يجب أن تتخذ "إجراءات صارمة" من أجل الحفاظ على 297 مليون فدان من الأراضي المزروعة في جميع أنحاء البلاد، وهي المساحة التي تعدُّها بكين ضرورية لتأمين الاكتفاء الذاتي من الغذاء. وقال شي: "يجب أن تكون الصين قادرة على إطعام شعبها بمفردها"، لأننا "سنخضع لسيطرة الآخرين إنْ لم نتمكن من توفير طبق الأرز [الغذاء] لأنفسنا".
أسهم التوسع الحضري المتزايد والازدهار الصناعي في زيادة الاعتماد على الواردات الغذائية على مدى العقود الماضية. وتظهر البيانات الرسمية أن نحو 75% من استهلاك فول الصويا في الصين يأتي من الولايات المتحدة والبرازيل. واستوردت الصين 7% من احتياجاتها من الذرة العام الماضي، بعد أن كانت النسبة أقل من 1% قبل 10 سنوات.
فيما قال يو شياوهوا، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة غوتنغن الألمانية، إن تزايد التوترات الجيوسياسية يدفع الصين إلى "الاستعداد لأسوأ سيناريو، أي العجز عن شراء أي طعام من الخارج"، ومن ثم "تعتمد السلطة على حملة الاستصلاح لتحسين الاكتفاء الذاتي من الحبوب في البلاد".
صعوبات رغم سترجاع الأراضي الزراعية
مع ذلك، يرى خبراء أنه من الصعوبة بمكان تحويل الناس إلى زراعة الحبوب في الضواحي، وإنشاء حقول الحبوب في ضواحي المدن الكبرى، وأن تجعل ذلك أعمالاً قابلة للاستمرار.
إذ قال دارين فريدريش، مدير أبحاث السوق في شركة سيتونيا للاستشارات الزراعية في شنغهاي: "من الصعب حقاً أن تحوِّل فجأة الأراضي المستصلحة إلى إنتاج [الحبوب] مرة أخرى، فالأمر لا يقتصر على زراعة بذور فول الصويا في الحقل ثم المغادرة"، إذ "تحتاج إلى جهة قريبة من هذا المكان يمكنك أن تشتري منها البذور والأسمدة والمعدات، وعند الحصاد، يجب أن يكون لديك تجار في المنطقة يرغبون في شرائها أو أماكن لتخزينها".
من جهة أخرى، ألغت الحكومة عقود المستأجرين الذين وقعوا عقود إيجار لعدة سنوات مع السلطات المحلية للاستفادة التجارية من الأراضي الزراعية الريفية. وقال مسؤول بمدينة تشنغدو: "إننا نصحح خطأ ارتكبناه سابقاً".
حيث أعلنت مدينة تشنغدو أن هدفها هو إضافة 96 ألف طن إلى إنتاجها السنوي من الأرز والذرة بحلول عام 2026، أي زيادة الإنتاج بما يعادل 4% تقريباً من إنتاجها من الحبوب العام الماضي.
بينما قال المسؤولون في تشنغدو إنهم واجهوا صعوبات في جذب عمال صغار السن، يتقاضون رواتب قليلة عما يمكن أن يجنوه في المصانع. لذلك لجأوا إلى المزارعين الأكبر سناً، الذين جاء بعضهم من المقاطعات المجاورة.