بعد دعوة بهتشلي حزب الجيد للتحالف.. هل تترك ميرال أكشنار معسكر المعارضة التركية وتتجه نحو تحالف الحكومة بقيادة أردوغان؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/13 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/15 الساعة 06:36 بتوقيت غرينتش
زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي (مواقع التواصل الاجتماعي)

أثارت دعوة زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، لرئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار إلى التحالف والعمل جنباً إلى جنب في الانتخابات المحلية التركية المقررة عقدها في أبريل/نيسان القادم، موجات من التساؤلات.

وخلقت هذه الدعوة تساؤلاً حول إمكانية ترك الحزب الجيد مكانه بين تحالف المعارضة التركية والتوجه نحو التحالف الحكومي التركي بقيادة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية.

وطالب بهتشلي في دعوته، زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار بالتحالف خلال الانتخابات القادمة، قائلاً: "لقد دعوناكم للعودة إلى منزلكم في الحركة القومية لكنكم لم تستجيبوا، واليوم ندعوكم لعقد تحالف للمشاركة معنا في الانتخابات المحلية القادمة".

الإعلان عن دعوة بهتشلي للجمهور جاء في مذكرة مكتوبة نقلها نائب رئيس حزب الحركة القومية، إسماعيل أوزدمير، إلى الصحفية ومقدمة البرامج في قناة "CNN TÜRK-هاندا فرات"، التي أذاعتها من جانبها في برنامجها الخاص على شاشة القناة.

سقف واحد

أستاذ الاتصال السياسي إبراهيم أوسلو قال في تصريحات إعلامية أذيعت في التلفزيون، إن زعيم حزب الحركة القومية يسعى لجمع جميع الأحزاب القومية والمحافظة تحت سقف واحد.

وأضاف أوسلو أن اختيار زعيم حزب الحركة القومية لكلمة "لنكن جيراناً في تحالفنا، يعني أن يحافظ حزب الجيد على شخصيته القانونية، وأننا لن نكون في المنزل نفسه، ولكن يمكننا أن نتجاور على القيم والمبادئ نفسها ونعيش في الحي نفسه".

ويضيف أستاذ الاتصال السياسي أنه إذا نجح بهتشلي في دعوته، فإن ذلك يعني تعزيز الكتلة المحافظة والقومية، ما يعني أن 20% من أصوات الناخبين الأتراك ستكون مضمونة لهذا التحالف.

ويقول أوسلو إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من جانبه يرحب بهذه الدعوة، خاصة في ظل العلاقة الودودة إلى حد ما التي تجمع أردوغان بأكنشار؛ التي كانت ترفض مراراً توجيه النقد الشخصي والحاد للرئيس أردوغان ولطالما كانت داعمة لبعض مواقفه مثلما حدث في زلزال فبراير/شباط 2023.

واستشهد أوسلو بأنه لم يكن هناك رد فعل سلبي حتى اللحظة من قبل حزب الجيد على دعوة بهتشلي الحالية والسابقة، خاصة من قبل ميرال أكشنار التي كانت يوماً من الأيام نائبة لبهتشلي في رئاسة حزب الحركة القومية، وكذلك كانت أحد المؤسسين لحزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان وعبد الله غول.

وقال أوسلو في تصريحاته، إنه كان هناك بالفعل ميل من قبل أكشنار وحزب الجيد إلى التشكيك في تحالف الأمة المعارض، وظهر ذلك واضحاً من خلال أزمة 3-6 مارس/آذار حين انسحبت أكشنار من الطاولة السداسية وعادت إليها مرة أخرى. 

ويرى أستاذ الاتصال السياسي أنه أكشنار يمكنها وحدها أن تقرر الأمر وتحسمه، لكن هناك كوادر داخل قيادات الحزب بحسب أوسلو، يريدون الانضمام إلى تحالف الشعب بقيادة أردوغان.

ويعتقد أوسلو أن قاعدة حزب الجيد لن توافق على الانضمام إلى تحالف الشعب الحكومي، لكنها ستوافق على ترك تحالف الأمة المعارض بسهولة أكبر.

ليست الأولى

دعوة بهتشلي الحزب الجيد إلى التعاون في الانتخابات المحلية القادمة لم تكن الأولى التي يلقيها زعيم حزب الحركة القومية، الذي تسببت إجراءاته التأديبية بحق كل من ميرال أكشنار وأوميت أوزداغ وسنان أوغان في مفارقتهم الحزب الأم، والتوجه نحو تأسيس أحزاب أخرى تتبنى التوجهات القومية للأمة التركية.

وفي عام 2019 وجَّه بهتشلي دعوة لمن سماهم رفقاء الطريق الذين لم يجدوا خارج الحركة القومية ما يريدون، قائلاً: "إلى أولئك الذين سرنا معهم طريقاً طويلاً لكنهم فارقونا، جاء اليوم الذي نعود فيها جميعاً إلى بيتنا الذي نشأنا فيها حاملين قيم الأمة التركية، حان وقت العودة".

لكن دعوة بهتشلي لم تحظَ بقبول لدى القيادات المنشقة عن حزب الحركة القومية وقتها ولم يعودوا مرة أخرى، ومضت ميرال أكشنار بحزب الجيد، في حين أسس أوميت أوزداغ حزب الظفر، ولم ينضم سنان أوغان، المرشح الرئاسي في الانتخابات الماضية، إلى أي حزب منذ انفصاله عن الحركة القومية.

جنباً إلى جنب

دعوة بهتشلي حزب الجيد تأتي قبل نحو أسبوعين من المؤتمر العام للحزب المقرر عقده في 26 أغسطس/آب الجاري، ووعدت أكشنار من قبل بأن تلقي خطاباً جامعاً لأبناء الحركة القومية للعودة معاً مرة أخرى.

وتأتي دعوة حزب الحركة القومية بعد تصريحات إيجابية من قبل قيادات حزب الجيد حول عدم المشاركة في أي تحالف للمعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري على نظير تحالف الطاولة السداسية الذي انسحب الحزب منه من قبل، بسبب التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي الداعم لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا. 

وأشاد حزب الحركة القومية وقتها بتصريحات زعيمة الحزب ميرال أكشنار، التي وصفت فيها الطاولة السداسية بطاولة القمار، واتهمت قياداتها بالمشاركة في مهاجمة الدولة التركية عبر التعاون مع حزب الشعوب الديمقراطي للفوز بالانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وحينها قالت قيادات حزب الحركة القومية إنه "إذا كان حزب الجيد غير مستريح للشراكة بين طاولة المعارضة وحزب الشعوب الديمقراطي فيمكننا إنشاء (حي مشترك) للتعاون بيننا مع الحفاظ على الشخصية الاعتبارية والقانونية للحزب".

إمكانية التحالف

وبحسب الصحفية التركية هاندا فرات التي أذاعت خبر دعوة بهتشلي، فإنه تدور مناقشات كبيرة داخل أروقة حزب الجيد قبل خطاب أكشنار في 26 أغسطس/آب، ودعوة زعيم حزب الحركة القومية إلى التحالف مع حزب الجيد للمرة الثانية في السنوات الأربع الماضية.

وتضيف فرات في مقالها بصحيفة حرييت، أن المصادر الرفيعة التي تحدثت إليها نقلت لها أن المناقشات مستمرة في أروقة الحزب بأنقرة منذ فترة طويلة، وتحظى بمباحثات شرسة بين أجنحة الحزب المختلفة داخل المقر في أنقرة، المؤيدة للتحالف مع الحركة القومية والرافضة لهذا المقترح.

وبحسب الصحفية التركية، فإن كل الأنظار تتجه الآن إلى زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، التي يعوَّل عليها وعلى خطابها في قبول مقترح بهتشلي أو رفضه، خاصةً أن المناقشات كلها تنحصر حول هذين الاتجاهين دون الحديث عن عودة الحزب مرة أخرى إلى صفوف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري.

ردود غير رسمية

وفي بيان مكتوب، رداً على دعوة بهتشلي، قال المتحدث باسم الحزب "الجيد" كورشاد زورلو: "ندعو القوميين والوطنيين ومحبي تركيا إلى الاجتماع في حزبنا من أجل الوطن والأمة".

لكن بيان المتحدث باسم حزب الجيد رداً على دعوة بهتشلي، لم يلقَ رداً إيجابياً من نائب رئيس حزب الحركة القومية سميح يلتشين، الذي قال إن زورلو استخدم رداً "غير متسق ومراوغ".

وزعم يلتشين أن هذا "كشف وجهاً آخر للمأزق المتمثل في إنكار الحزب لنفسه وأصوله السائدة القومية"، واتهم الحزب بـ"تقليد حزب الحركة القومية"؛ لسحب أنصاره نحو أروقة أكشنار.

وأضاف يلتشين أن حزب الجيد سيكون قد ارتكب أكبر خطأ في تاريخه حال رفضه دعوة زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، وذلك في حال احتساب الأخطاء الأخرى التي ارتكبها حزب الجيد- كما يقول يلتشين- كانسحابه من الطاولة السداسية والعودة إليها مرة أخرى.

لكن المتحدث باسم حزب الجيد قال في بيان سابق، إن رئيسة الحزب ميرال أكشنار ستخاطب المواطنين من أفيون قره حصار في 26 أغسطس/آب، مؤكداً أن "تصريحاتها ستكون بداية مهمة في السياسة التركية".

ويعد يوم 26 أغسطس/آب له أهمية رمزية في التاريخ التركي؛ لتزامنه مع بدء الهجوم العظيم في حرب الاستقلال التي قادها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.

هل يقع التحالف؟

الكاتب الصحفي أوندار يلماز، المتخصص في متابعة الأحزاب القومية بتركيا، قال في تصريحات لـ"عربي بوست"، إن المباحثات الجارية داخل أروقة حزب الجيد لن تقوده إلى التحالف مع حزب الحركة القومية. 

وأضاف يلماز أن ميرال أكشنار عقدت اجتماعات مكثفة مع مستشاريها والمتحدث الإعلامي للحزب؛ من أجل صياغة رد يراعي عدم الحساسية بأصوات الحزب القومية، وكان البيان المكتوب لكورشاد زورلو هو خلاصة الرأي السائد داخل أروقة الحزب بعدم التحالف مع الحركة القومية. 

ويضيف الكاتب الصحفي في تصريحاته، أن الحزب يريد الآن استغلال هذه الدعوة لتدشين طريق ثالث في السياسة التركية بعيد عن التحالف الحكومي بقيادة "العدالة والتنمية"، وكذلك البعد عن تحالف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري. 

ويتوقع يلماز أن يكون خطاب ميرال أكشنار في ولاية أفيون قره حصار التي انطلق منها هجوم حرب الاستقلال التركية، دعوة إلى هذا الطريق الذي دعا إليه من قبل زعيم حزب البلد والمرشح الرئاسي السابق محرم إنجه.

لكن الكاتب الصحفي يؤكد أن كل هذه التوقعات تتوقف على ما ستفعله الأيام المقبلة، خاصة في حال تدخل "أحد ما" من حزب العدالة التنمية لتعزيز دعوة بهتشلي؛ التي قد تغير من موقف أكشنار وخطابها المنتظر في 26 أغسطس/آب الجاري.

تحميل المزيد