تناول عضو المجلس الأعلى للدولة، فتح الله السريري، في مقابلة مع "عربي بوست"، الأوضاع السياسية والتطورات الأخيرة في المشهد الليبي، مشيداً بمخرجات لجنة "6+6" المشتركة بين الأعلى للدولة والنواب، بما يتعلق بخارطة الطريق، ومنتقداً موقف البعثة الأممية منها.
قال السريري، وهو أيضاً أحد أعضاء لجنة "6+6″، إن مخرجات اللجنة جرى المصادقة عليها بالإجماع من أعضاء المجلسين، مؤكداً أن الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، لن يفرط بها، وأنه يهدف إلى الوصول للانتخابات، دون تغيير في سياسات المجلس عما كان عليه برئاسة سابقه خالد المشري.
إلى نص المقابلة:
ما هو الوضع السياسي الحالي في ليبيا، وكيف يتأثر بالتطورات الدولية والإقليمية والعالمية؟
ليبيا ليست جزيرة منعزلة عن العالم، وهي تعيش في ظروف إقليمية ودولية تتأثر وتؤثر بها، وتحيط بها 6 دول وأغلبها غير مستقرة، إما أمنياً أو اقتصادياً، كما السودان والنيجر.
ما حصل في ليبيا منذ عام 2011، عملية انتقالية كبيرة جداً، والانتقال من مراحل سياسية مختلفة جذرياً ليس أمراً سهلاً، فما حدث منذ 2011 انتفاضة كبيرة جداً وتغير سياسي كبير، وله تداعيات وارتدادات على جميع المستويات داخلياً وخارجياً.
كذلك، فإن العامل الزمني عنصر لا يمكن تجاوزه أو الحد منه، فالانتقال إلى طموح ديمقراطي بدولة مستقرة، لها مقومات دولة مؤسسات وقانون، ليس سهلاً، حتى في أفضل الظروف. هناك دول كبيرة في العالم لا تزال تعاني سياسياً واقتصادياً، فما بالنا بدولة ناشئة كانت تعيش تحت حكم فردي استبدادي.
الوضع في ليبيا حالياً يشهد نوعاً من الإيجابية إلى حد كبير، بالتقدم نحو الاستقرار نوعاً ما، في ظل مخاض عسير.
التقاربات الأخيرة في الإقليم، بين تركيا ومصر والخليج، تصبّ نحو الاستقرار إلى حد ما، وإيجاد حل مقبول.
الموقف الدولي ومن البعثة الأممية المعلن هو أن الحل يجب أن يكون "ليبي-ليبي" فقط، فما تعليقكم على ذلك؟
نحن عندما نتحدث عن حلول، سواء عن الانتخابات أو مسائل اقتصادية، نبحث عن "حل قبول"، وليس "حل رضى"، لأنه لا يوجد حلول رضائية ترضى بها جميع الأطراف المتصارعة.
إذا لم يلتق مجلسا الأعلى للدولة والنواب، يقال إنهما لا يريدان الحل، وإذا التقيا يقال هناك حاجة في أنفسهم، وهذا ما سمعناه من المبعوثين الدوليين والسفراء، وهو أمر يزعجنا.
لقاء المجلسين جاء مع التقارب التركي المصري، ويعكس توافقاً داخلياً، وهما المسؤولان عن العملية الانتخابية والسياسية، وتم وضع التعديل الدستوري الـ13.
كل السفراء والمبعوثين يقولون نريد حلاً ليبياً-ليبياً، وعندما قدمنا حلاً توافقياً لم يدعموه. هل هذا نفاق سياسي؟ هناك أمور غير مقبولة نسمعها منهم.
نريد اتفاقاً وحلاً ليبياً-ليبياً، ولكن لا يوجد حل يرضي الجميع، بل حل يلقى قبولاً، وهذا ما يمكن التوصل إليه في إطار قانوني ودستوري وخارطة طريق، تتضمن رئيس دولة وله صلاحيات معينة وسلطة تشريعية من غرفتين، وحكومة انتقالية مصغرة تجري الانتخابات وتشرف عليها، ثم ننتقل للعملية الانتخابية، ونص التعديل الدستوري أيضاً على آلية قوانين ضمن لجنة "6+6".
هل نتائج لجنة "6+6" بناء على المشاورات بينها فقط، أم أنكم قمتم باستشارات ولقاءات قبل إقراركم خارطة الطريق؟
اجتمعت اللجنة بالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والمفوضية والسجل المدني وممثلي المرأة، وكل الأطراف التي لديها علاقة بالعملية الانتخابية.
وعقدت اللجنة اجتماعها بعد ذلك في المغرب بدعوة منها، وبوجود البعثة، ونجحت بإيجاد قوانين انتخابية تشريعية ورئاسية، وهي توافقية وبين جسمين، وليس فقط بتوافق، بل بإجماع، إذ صوت كل أعضاء اللجنة بنسبة 100%.
لجنة "6+6" ممثل فيها جميع أطراف الصراع، وهناك شخصيات فيها من خلفيات سياسية وقبلية وجهوية وغيرها، فكانت تيرات مثل تيار سبتمبر موجود، وتيار الكرامة وحفتر موجود، وتيار طرابلس موجود، وجميع التيارات موجودة في اللجنة المشتركة بين النواب والأعلى للدولة.
هذه التيارات توصلت لحلول مقبولة جداً، وحتى أن البعثة الأممية كانت موجودة من الناحية الفنية.
البعض، وكذلك البعثة، يطالبون بقوانين مثالية بأوضاع غير مثالية. من غير المقبول أن يطلبوا منا ذلك، فلا توجد دولة مثالية في العالم، ولا نظام حكم مثالي، ولن يكون، فالأنظمة نسبية، وتختلف بين كل دولة وأخرى.
لا يمكن أن أرضي الجميع بمخرجات هذه اللجنة، بل يمكن التوافق والتوصل إلى شيء يمكن الاتفاق عليه.
وحتى عالمياً، فإن هناك 5 دول فقط لديها حق نقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وهذا أمر غير عادل، ولكنه واقع موجود بعد الحرب العالمية الثانية، فهذه الدول هي المنتصرة والقوية.. ما أقصده أن هذه الظروف تحدث حتى عالمياً.
شروط الترشح لانتخابات الرئاسة تُعد من أبرز الأمور الخلافية والمعرقلة للوصول إلى الانتخابات في ليبيا، فما موقفكم من ذلك؟
بما يتعلق بانتخابات الرئاسة، فإنه لا يُعقل أن يُفَصَّل قانون على شخص، بل يجب أن يكون هناك قانون وفق نظم دولية وقواعد، فلا يمكن أن يدخل هذه الانتخابات مزدوج الجنسية أو مرشح عسكري.
كمجلس دولة، طرحنا فكرة أن تكون الجولة الرئاسية من جولة واحدة فقط، والذي يحصل على 50%+1 يعتبر رئيس دولة، ولكن بشروط، وهي موجودة في جميع الأنظمة العالمية والقوانين الانتخابية عالمياً، وهي أن مزدوج الجنسية لا يكون موجوداً، لأنه لا يوجد رئيس واحد في العالم لديه جنسية مزدوجة.
لا يمكن أن تكون ليبيا حالة استثناء عن العالم كله.
مقترحنا الثاني، أن يتكون هناك انتخابات رئاسية من جولتين، بشرط أن تكون الجولة الثانية ضرورية إلزامية. حتى لو تمكن أي مرشح من أن يحصل على 99% من الأصوات في الجولة الأولى، فعليه الذهاب إلى جولة ثانية.
سنتيح الفرصة في الجولة الأولى ليدخل الجميع دون شروط، ولكن من يصل إلى الجولة الثانية، اللذان سيحصلان على أعلى مجموع من الأصوات، سيتم تطبيق كل الشروط عليهما، بما فيها المتعلقة بالجنسية المزدوجة والخلفية العسكرية وغيرها من الشروط.
القانون قاعدة عامة مجردة، لدينا شروط للرئاسة، فأي وظيفة عمومية لديها شروط، فما بالنا بوظيفة رئيس الدولة، وهي أعلى وظيفة في الدولة؟ هل يريدون أن تكون هذه الوظيفة بلا شروط؟ هذا يعني مثلاً أن أي ،حتى وإن لم تكن لديه مؤهلات مناسبة بإمكانه الترشح، وهذا غير مقبول على الإطلاق.
غير معقول أن يكون لدينا مرشح رئاسي لديه جنسية أخرى، ولا يريد أن يتنازل عنها، فإذا كان يرى أنها أفضل من جنسيته الليبية، فمبروكة عليه وخليه بحاله، دون أن يقدم نفسه مرشحاً رئاسياً، من غير المعقول ذلك حتى أخلاقياً.
أنا لا أثق بأي شخص يريد الترشح للرئاسة، ويتمسك بجنسية أخرى غير الليبية. من يريد الحصول على جنسية أو اثنتين هو حر وهذا حقه، ولكن ألا يدخل في كل وظائف الدولة.
بإمكان من يملك الجنسية المزدوجة أن يتقدم للجولة الأولى، فإذا استطاع أن يصل إلى الجولة الثانية، حينها عليه أن يتنازل عن جنسيته الأخرى غير الليبية، وهذا ما نريده شرطاً أساسياً.
أما إذا كانت هناك إرادة لحسم الانتخابات من جولة أولى، فيجب أن تطبق الشروط كلها على المرشحين الرئاسيين.
هذه الحلول منطقية ومقبولة، ولكن ملاحظات البعثة الأممية عليها غير قانونية حتى، ولا في الأنظمة الديمقراطية تقبل.
ما سبب موقف البعثة الأممية من خارطة الطريق هذه، ومن مخرجات لجنة "6+6″، حتى أنها قالت إن اللجنة غير كافية للوصول إلى حل سياسي في ليبيا؟
هذه القوانين جاءت توافقية، وراعت كل التوجهات، والبعثة والمفوضية فنياً كانتا موجودتين، وكان لهما ملاحظات فنية يمكن تداركها.
لكن في تاريخ البعثات الأممية، فإنها لم تقدم حاجة مميزة. بالنسبة لعبد الله باتيلي فهو موظف دولي، ولكنه يتجاوز دوره، نراه يدير الأزمات ولا يريد أن يقدم حلاً.
وصلنا إلى يقين بأن البعثة الأممية في ليبيا، التي يرأسها باتيلي، ومن خلال رفضها لنتائج لجنة "6+6" والقوانين التي توصلت إليها، فقد انكشف إفلاسها وحقيقتها، فهي كانت تراهن على فشل اللجنة.
لكن بنجاح لجنة 6+6 في إنتاج قوانين انتخابية توافقية، بتصويت الإجماع، سقط في يدي البعثة ومن يدور في فلكها من المزايدة على الليبيين بأن الحل ليبي-ليبي، فإذا كان الأمر حلاً ليبياً-ليبياً، فلماذا كل تعليقاتها التي ترفض جهود اللجنة المشتركة التوافقية بين النواب والأعلى للدولة، وهما يمثلان جميع الأطياف السياسية والاجتماعية في ليبيا.
يترسخ لدينا أن البعثة مفلسة، ولا تريد الحل، خاصة بعد موقفها من القوانين الانتخابية، رغم أنه كان بإمكانها أن تحل الكثير.
برأيك، لماذا خسر خالد المشري رئاسة المجلس الأعلى للدولة لصالح السيد محمد تكالة؟
أعتقد أن المشري لم يخسر، بل ربح، باحترامه موعد الاستحقاق الانتخابي السنوي لمكتب رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وقبوله النتائج بكل رحابة صدر، ولم يكن الفارق إلا 5 أصوات بينه وبين زميله تكالة.
الجميع ربح، بترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وبإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، نأمل أن تقتدي بها المؤسسات الأخرى.
ما التغيّرات التي ستطرأ على المجلس الأعلى للدولة بعد اختيار تكالة؟ أم أن فوزه لن يؤثر بتقديرك على سياسات المجلس؟
لا أعتقد أن هناك تأثيراً على سياسات المجلس الأعلى للدولة لأن الأخير يعمل ضمن منظومة الأعضاء، وإن اختلفت آراؤهم وهو أمر طبيعي في أي مؤسسة تشريعية، والسيد معروف في العموم ضمن الأعضاء معتدلي الرأي وصاحب خبرة ومشورة.
علاقات السيد تكالة الجيدة مع الحكومة في طرابلس، هل ستؤثر على الخلافات بين الأعلى للدولة وحكومة الدبيبة؟
لا أعلم بعلاقات جيدة له مع الحكومة، وأعتقد أن الخلافات مع الحكومة في طرابلس منبثقة من عدم معرفة اختصاصاتها والمهام المنوطة بها والموكلة إليها كسلطة تنفيذية لمرحلة انتقالية تقدم خدمات لكل الليبيين.
ما تأثير انتخاب السيد تكالة على ملفي الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة مصغرة؟
بما يتعلق بملف الانتخابات، فتكالة داعم لمخرجات اللجنة المشتركة 6+6، وبالتالي داعم لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية لموضوعية المخرجات التي تمت، وإمكانية تنفيذها.
أما في ما يتعلق بالحكومة المصغرة الموحدة، فهي جزء رئيسي في ذلك أيضاً.
ماذا عن المشري الآن، هل سيظل برأيكم موجوداً في المشهد السياسي الليبي بعد خسارته منصبه؟
المشري رجل حزبي سياسي، كوّن علاقات مع العديد من الأطراف الداخلية والإقليمية، وسيكون له تواجد وتأثير في المشهد السياسي الليبي، وإن كان ليس بذات الأهمية أو الفاعلية أو التأثير عندما كان رئيس مؤسسة تعد طرفاً أساسياً في العملية السياسية الليبية.
كيف يمكن الوصول إلى الانتخابات في ظل الانقسام الليبي الحاصل بين الشرق والغرب؟
لا بد أن تكون الانتخابات في إطار حكومة واحدة موحدة، هي التي تتعامل معها المفوضية العليا للانتخابات، ولكن للأسف حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة مع احترامنا لهم يرفضون ذلك، لكن إذا لم يكن لدى هذه الحكومة سلطة من سرت وما بعدها، فكيف ستجري انتخابات تشريعية ورئاسية على مستوى البلد؟
لا تستطيع الحكومة في طرابلس أن تصل إلى كثير من المناطق، بل هناك حكومة أخرى في الشرق، ما يعني أن هناك مشكلة لا بد من حلها تمهيداً لإجراء الانتخابات.
العملية الانتخابية تتكون من عدة عناصر، من ضمنها العنصر القانوني والعنصر المادي واللوجستي والأمني وغيرها.
بالنسبة للعنصر القانوني فقد أنجز الآن، ومفوضية الانتخابات لديها لائحة للانتخابات، فإذا كان هناك قصور أو تفاصيل عليها أن تتولاها، باعتبارها أداة تنفيذ.
لكننا بحاجة إلى عنصر مادي، ويتمثل بالأموال ودعم الدولة لإنجاح عقد الانتخابات، وكذلك إلى العملية اللوجستية بشكل عام، وهذا ما يمكن أن تدعمه الدول.
أما أمنياً، فنحن نجحنا في وقف إطلاق النار لمدة 3 سنوات، لذلك يمكن القول إن من يستطيع وقف إطلاق النار، يكون مستعداً للمشاركة في الانتخابات.
لكن عندما تأتينا البعثة الأممية بملاحظات غير مقبولة، وتعكس دعمها طرفاً بمقابل طرف آخر، فإن ذلك يعرقل الطريق نحو الانتخابات.
ما اعتراضاتكم على دور البعثة الأممية في ليبيا؟
هناك مطالبات بإقالة باتيلي، وأن يكون واضحاً لدى الجميع أن قرار إنشاء البعثة الأممية جاء لتقوم بدور الدعم والمساندة، وليست بعثة قرار. ما يجري منها الآن أمر غير مقبول في ليبيا.
باتيلي اعترض على القوانين وكأنه مرشح رئاسي، والمشكلة أن المرشحين الرئاسيين الـ68 وعددهم بالمناسبة يُعد سابقة في الانتخابات الدولية، إلا أن هذا العدد الصادم للمرشحين لم نرَ رفضاً علنياً منهم لهذه القوانين، في المقابل رأينا باتيلي فقط من يرفض، ويظهر بمظهر المرشح الرئاسي.
نحن متمسكون في المجلس الأعلى للدولة، وفي لجنة "6+6" في الانتخابات، نحن نريدها، ولكن هناك خطوات تسبق ذلك من أجل تحقيقها، وهذا ما نحاول أن نفهمه للبعثة الأممية وسفراء الدول المتدخلة في ليبيا.
ملف تقاسم الثروة في ليبيا، متصدّر الآن المشهد السياسي، وهناك حالة من الجدل بشأنه لا سيما وسط مطالب كبيرة من الشرق الليبي بحسم هذا الملف، فما سبب ما يحصل؟
هناك تدخلات دولية وخارجية كبيرة بما يتعلق بالثروة الليبية، رغم أنها شأن داخلي، وهو ما يؤثر على الأزمة الليبية، ويصعّب حلها.
كانت هناك لقاءات عام 2022 في القاهرة والغردقة، حاولت الوصول لحل وتقاسم الثروات الطبيعية، باعتبارها ملكاً سيادياً لكل الشعب الليبي، ولا تمتلكها المناطق التي تستخرج منها فقط.
لكن تركيز المال والقرار في العاصمة طرابلس كان جزءاً من المشكلة، ما جعل جميع الأطراف التي تبحث عن السيطرة تستهدف العاصمة، رغم أن الثورة التي قام بها الشعب الليبي كانت ضد تركيز السلطات والثروات في مكان واحد.
ما أقترحه هو فكرة الحكم اللامركزي وتقسيم السلطة في ليبيا إلى دوائر إدارية أصغر لحل المشكلة، قياساً على الدوائر الانتخابية وهي 13 دائرة. وتوفير فرص التنمية لكل تلك المناطق وتقسيم الميزانية الحكومية على أساس كل احتياجات كل محافظة منها.
المناطق الحدودية الليبية تحمل أعباء أكثر، ما يجعلها تتطلب دعماً أكبر من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية مثلاً، على عكس المدن الثانية التي لا تعاني من هذه المشاكل.
ليس من الصعب حدوث التوافق بين جميع المحافظات على هذا الأساس، وعند التمكن من تحقيق النجاح في الملفات الخدمية والأمنية في بعض المحافظات لن تصبح الأمور صعبة بالنسبة للمحافظات الأخرى التي يمكن أن تستفيد من التجربة".
بهذا الشكل، نضمن تنوع الحلول بما يتناسب مع تلك المحافظات، بحسب الوضع الخاص لكل واحدة منها، وقد يكون ذلك حلاً للمشكلة بدلاً من اللجان المؤقتة وتركيز الحكم المحلي.
ما الحل في ليبيا، سياسي أم عسكري أم غير ذلك وفق تقديرك؟
الحل في ليبيا ليس حلاً عسكرياً فقط، لكن المسألة تتطلب حلاً اقتصادياً وخدمياً أيضاً، فالشعب الليبي والمواطن العادي بحاجة لتحسين أوضاعه، وهو ما انعكس على تحالفات بعض الأطراف الليبية الموجودة، التي توصلت لتفاهمات فيما بينها على أساس المصالح وليس الأيديولوجية فقط.
مثل هذا الحراك، يحتاج إلى دعم من الدول الداعمة للشعب الليبي، والذي يضمن عدم حدوث انقلابات واضطرابات في ليبيا، وبدلاً من الصراع العسكري يمكن التحول إلى تنافس سياسي سلمي وديمقراطي، وظهور حل ليبي- ليبي.
هذا ما قدمه التعديل الدستوري الـ13 الذي كان محاولة لحلّ الأزمة عبر مبادرة من الأمم المتحدة، إذ بدأ مجلسا النواب والأعلى للدولة مفاوضات في عام 2022، للتوافق على "قاعدة دستورية"، تقود البلاد إلى الانتخابات، لكن مع تعثر هذا المسار لجأ مجلس النواب إلى تعديل الإعلان الدستوري.
جاء التعديل الدستوري الـ13 في 34 مادة بشأن نظام الحكم، الذي يتألف وفق المادة الأولى من سلطة تشريعية مكونة من غرفتين، وسلطة تنفيذية يرأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، بالإضافة إلى مواد متعلقة بالأحكام الانتقالية والمرأة، لكنه لم يحدد شروط الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية، وهي من المسائل الخلافية بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.
رؤيتي لحل الوضع الليبي، بتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، وتقديم بعض التنازلات من السياسيين، الذين يطالبون بحلول وقوانين مثالية في وضع غير مثالي، وهو ما يتسبب بتأخر الحل النهائي، والاستقرار الكامل في ليبيا، وهو ما يجعل بعض المفاوضات تصل إلى طريق مسدود.
لا بد أن تجرى الانتخابات في ظل حكومة واحدة تدعمها المفوضية العليا للانتخابات، ولا يمكن إجراء انتخابات دون توفر العنصر القانوني واللوجستي والمالي والأمني، التي يمكن أن تدعمها الدول الإقليمية أيضاً.