أجبرت طبيعة الحرب في أوكرانيا القوات الخاصة على التحول عن التكتيكات السرية التي كانت تستخدمها في بدايات الصراع، إلى استخدام التكنولوجيا، التي تشمل مجموعة واسعة من الطائرات المسيرة ذاتية التفجير، عوضاً عن التسلل المحفوف بالمخاطر خلف الخطوط الروسية، وفق ما ذكرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الأحد 6 أغسطس/آب 2023.
خلال العام الماضي، كانت فرص التسلل إلى الأراضي التي تحتلها روسيا ليلاً للقضاء على أهداف العدو وفيرة، لكن هذا العام، مع حقول الألغام الشاسعة وغيرها من الدفاعات الروسية المحصنة التي تعطل الهجوم المضاد الشامل الذي تشنه أوكرانيا، تتولى طائرات مسيرة مسلحة بالمتفجرات هذه المهمة في وضح النهار.
حيث أصبح هذا النوع من العمليات علامة مميزة لوحدات القوات الخاصة مثل دائرة الأمن في أوكرانيا "أ" أو وحدة ألفا.
يقول أوليه، النائب الأول لرئيس قوات ألفا، الذي طلب عدم الإشارة إليه إلا باسمه الأول لأسباب أمنية: "ما مشكلة التسلل خلف خطوط العدو؟ الألغام المنتشرة في كل مكان. يكاد يكون من المستحيل الذهاب إليها متخفياً. بل سيتعين عليك استخدام نوع من معدات إزالة الألغام. وهذا يعني أن يُكتشف أمرك بالفعل".
مقاتلو ألفا يُدربون على جميع المهام من إطلاق صاروخ مضاد للدبابات إلى تشغيل نظام دفاع جوي متنقل. وقناصتهم يعتبرون الأفضل في أوكرانيا. لكن جميعهم حولوا تركيزهم على الطائرات المسيرة مؤخراً بعد أن ازداد الوصول إلى أهدافهم صعوبة.
حيث أنشأت دائرة الأمن الداخلي الرئيسية في أوكرانيا SBU وحدة ألفا عام 1994 للتركيز على عمليات مكافحة الإرهاب. وهذا الهدف لا يزال قائماً، ولكن أضيفت إليه أهداف أخرى بعد الحرب.
مثل القوات الخاصة الأخرى، يمكن أن تؤدي فرق ألفا أحياناً نفس وظائف الألوية العسكرية العادية، مثل تشغيل مدافع الهاوتزر. لكن مهامهم تتم عادةً في مجموعات صغيرة تهدف إلى إلحاق خسائر كبيرة بالعدو باستخدام موارد قليلة.
وحدة ألفا بأكملها لا تضم إلا مدفعاً واحداً فقط، هو مدفع L119 البريطاني عيار 105 ملم، وهو حالياً في منطقة زابوريجيا، وتستخدمه مجموعة تطلق على نفسها اسم تايغر وودز "Tiger Woods"، لأن ضرباتها دقيقة مثل لاعب الغولف الأمريكي الشهير.
في قاعدة بالقرب من بلدة أوريكيف، يمتلك المقاتلون صورة أقمار صناعية لسهول زابوريجيا مقسمة إلى حقول. وقالوا إن القتال يحدث غالباً في صف الأشجار الرفيع الذي يفصل بين كل حقل، حيث يتمركز الروس ويخفون أسلحتهم.
عوضاً عن المخاطرة بالتعرض لحقول الألغام، حققت وحدة ألفا نجاحاً ساحقاً بالمسيرات الانتحارية، التي تتباين في حجمها وتكلفتها. ويركز أحد فرقها والمكون من ثلاثة أفراد، على الأهداف المتعلقة بقدرة التشويش الروس والبنية التحتية للاتصالات.
بينما استخدمت مجموعة ثانية تعمل في منطقة زابوريجيا مؤخراً طائرة مسيرة من طراز RAM II ذاتية التفجير مصنوعة في أوكرانيا، وهي تشبه طائرة رمادية صغيرة مزودة بمروحة في الخلف ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 40 كم.
قال أوليه، نائب مدير الوحدة، إن فرقة ألفا وحدها دمرت هذا العام أكثر من 322 دبابة وعربة مدرعة و48 نظاماً مدفعياً و65 منظومة معدات خاصة، من ضمنها منظومات حرب إلكترونية.
فيما قال باشا، الذي يرأس وحدة ألفا التي تطلق طائرات RAM II المسيرة: "الآن يزداد الأمر صعوبة". فمنذ العام الماضي، يستخدم الروس منظومة الحرب الإلكترونية Pole-21 التي تشوش على الأقمار الصناعية لمساحة تصل إلى 150 كيلومتراً مربعاً.
كما أضاف باشا أن هذا يعني "أننا نحلّق استرشاداً بمعالم مميزة، لأنه لا يتوافر لدينا نظام تحديد المواقع العالمي هنا إطلاقاً". وفي كثير من الأحيان، حين يكون للطائرة المسيرة هدف في الأفق، تظل الصورة مظلمة بسبب تشويش الروس.