تعرّض رئيس جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي للتوبيخ من الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب فشله في توقع الانقلاب في النيجر؛ إذ قال ماكرون إنَّ برنار إيمييه (64 عاماً)، مدير المديرية العامة للأمن الخارجي -وهي وكالة المخابرات الأجنبية الفرنسية- كان ينبغي أن يتوقع مخطط المجلس العسكري في النيجر للإطاحة بالرئيس محمد بازوم، حسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
ورد إيمييه، السفير السابق في المملكة المتحدة، بأنه أصدر تحذيراً بشأن احتمال وقوع انقلاب هذا العام، لكن الحكومة تجاهلته.
ويمكن لماكرون، بصفته رئيساً للدولة، إقالة رئيس جهاز المخابرات الأجنبية، ويُعتقَد أنَّ وظيفة إيمييه على المحك.
ووصل الخلاف إلى ذروته في اجتماع لمجلس الدفاع عُقِد في قصر الإليزيه، نهاية الأسبوع الماضي، بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الرحمن تشياني، رئيس الحرس الرئاسي في النيجر، الذي فاجأ فرنسا.
ماكرون غاضب من المخابرات
ووفقاً لصحيفة Le Canard enchaîné الأسبوعية الساخرة، انتقد ماكرون إيمييه أيضاً لفشله في توقع انقلاب 2021 في مالي، وهي مستعمرة فرنسية سابقة أخرى في غرب إفريقيا؛ حيث أطيح بالرئيس المُنتَخَب على يد قادة من الجيش مدعومين من مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية. وأكدت مصادر مقربة من مجلس الدفاع هذا التقرير.
ونقلت الصحيفة عن ماكرون قوله: "النيجر بعد مالي، هذا كثير. يمكننا أن نرى أنَّ طريقة عمل المديرية العامة للأمن الخارجي ليست مرضية. عندما لا تستطيع استشراف الأحداث المستقبلية، فهناك مشكلة".
ودافع إيمييه عن نفسه قائلاً: "كتبت تقريراً عن الوضع في النيجر في يناير/كانون الثاني".
وقال وزير لصحيفة Le Canard enchaîné إنه لم يلاحظ أحد تحذير إيمييه. وأضاف: "إما أننا جميعاً أغبياء أو أنَّ التقرير كان غير مفهوم".
ودافع الجنرال كريستوف غومار، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية الفرنسية -وهي وكالة منفصلة- عن المديرية العامة للأمن الخارجي، مرجحاً أنَّ ماكرون ربما أغفل مذكرة إيمييه بشأن النيجر.
وأضاف غومار: "ربما لم ننتبه بشكل كافٍ لما يمكن أن يحدث في النيجر، لكن هذا على المستوى السياسي وعلى مستوى الاستخبارات". وقال إنه رغم وجود خطر "دائم" بحدوث انقلاب في النيجر، إلا أنه "من الصعب توقع" متى سيحدث بالضبط. وأوضح أنَّ الجنرال تشياني استولى على السلطة بعدما علم أنه على وشك أن يُقال من منصب رئيس الحرس الرئاسي.
وتساءل غومار: "هل فشلت فرنسا في توقع هذه الإقالة ورد فعل الجنرال تشياني الذي لم يقبل إقالته رغم أنه يبلغ من العمر 63 عاماً؟ من الصعب قول ذلك".
انقلاب فاجأ فرنسا
فيما أثارت تنحية بازوم من السلطة القلق؛ لأنَّ النيجر مستعمرة فرنسية سابقة، وحليفاً رئيسياً في حرب فرنسا ضد الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي. ولدى فرنسا نحو 1500 جندي في النيجر.
وتتمتع البلاد أيضاً بأهمية اقتصادية بالنسبة لباريس، حيث تستخرج شركة أورانو الفرنسية للطاقة النووية المملوكة للدولة حوالي 15% من اليورانيوم المستخدم في مفاعلاتها من هناك. وتمثل الطاقة النووية ما بين 60 و70% من كهرباء فرنسا، وهي واحدة من أعلى المعدلات في العالم.
ومع ترديد المتظاهرين الموالين للمجلس العسكري شعارات مناهضة لفرنسا وداعمة للرئيس بوتين، هناك مخاوف من أن تقع النيجر تحت النفوذ الروسي. وبعدما هاجم محتجون السفارة الفرنسية في نيامي، عاصمة النيجر، أَجلَت فرنسا 1079 شخصاً بينهم 577 من مواطنيها.