اتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بمهاجمة قاعدة بحرية لها، إذ قالت الجمعة 4 أغسطس/آب 2023 إن زورقين مسيرين أوكرانيين هاجما قاعدة بحرية روسية قرب ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود وإن السفن الحربية الروسية دمرتهما.
ويأتي هذا في وقت تسعى فيه كييف وحلفاؤها إلى حشد تأييد دولي لخطة سلام خلال محادثات تستضيفها السعودية بعد أيام، لكن هناك علامات استفهام عالقة حول إمكانية مشاركة الصين فيها.
هجوم على قاعدة روسية
الهجوم دفع ميناء نوفوروسيسك، وهو ميناء رئيسي للصادرات الروسية، إلى وقف حركة جميع السفن بصفة مؤقتة، وفقاً لما ذكره كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين الذي يدير محطة نفطية هناك.
كان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الروس قد تداولوا أنباء عن سماع انفجارات وإطلاق نار صباح اليوم الجمعة، ولو تأكد وقوع الهجوم الأوكراني فسيكون ذلك أول هجوم تشنه القوات الأوكرانية على أحد الموانئ التجارية الروسية الرئيسية.
وقال "كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين"، المسؤول عن تحميل الناقلات بالنفط في ميناء نوفورسيسك، إن الميناء أوقف مؤقتاً حركة جميع السفن.
وأضاف أن مرافقه لم تصَب بأي أضرار وأن عمليات تحميل للنفط مستمرة على الناقلات التي كانت راسية بالفعل في الميناء.
وأظهرت مقاطع مصورة تداولتها مجموعة محلية على الإنترنت ونشرها موقع أسترا الإلكتروني الإخباري الروسي حركة السفن قبالة الساحل وصوت إطلاق النار يأتي من اتجاه البحر.
فيما ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن خدمات الطوارئ في نوفوروسيسك أكدت وقوع انفجارات. وأضافت أنه جرى إبلاغ أجهزة الأمن، والميناء هو واحد من أكبر الموانئ على البحر الأسود.
وكونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين هو المسؤول الرئيسي عن شحن الخام الكازاخستاني.
وتصاعدت الاشتباكات في البحر الأسود والموانئ المحاذية منذ أن رفضت روسيا الشهر الماضي تمديد اتفاق يسمح بالتصدير الآمن للحبوب من الموانئ الأوكرانية، إذ ضربت الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية عدداً من منشآت الموانئ الأوكرانية وصوامع القمح في البحر الأسود أو بالقرب منه.
فيما ذكرت روسيا أيضاً أن زوارق مسيرة أوكرانية هاجمت سفناً حربية روسية كانت ترافق سفينة مدنية.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت عشر طائرات مسيرة أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم اليوم واعترضت ثلاث طائرات مسيرة أخرى باستخدام تدابير إلكترونية مضادة.
أوكرانيا تحاول حشد تأييد
وبالتزامن يأمل دبلوماسيون أوكرانيون وغربيون في أن يسفر اجتماع في جدة لمستشاري الأمن القومي ومسؤولين كبار من نحو 40 دولة عن اتفاق على مبادئ أساسية ستشكل الأساس لأي تسوية سلمية لإنهاء الحرب التي شنتها روسيا في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يأمل في أن تؤدي تلك المبادرة إلى عقد "قمة سلام" بحضور زعماء من أنحاء العالم هذا الخريف لتأييد المبادئ المبنية على خطته المؤلفة من عشر نقاط للتوصل إلى تسوية سلمية.
فيما يقول مسؤولون أوكرانيون وروس ودوليون إنه لا يوجد أي احتمال لعقد محادثات مباشرة للسلام بين أوكرانيا وروسيا في الوقت الراهن، في ظل استمرار الحرب وسعي كييف لاسترداد الأراضي عبر هجوم مضاد.
وأشار مسؤولون إلى أنهم لا يتوقعون مشاركة روسيا في اجتماع جدة ولا في قمة السلام. ومن المتوقع أن يبدأ اجتماع جدة اليوم الجمعة، على أن تدور مناقشاته الرئيسية يومي السبت والأحد.
وتسعى أوكرانيا أولاً لتوسيع دائرة الدعم الدبلوماسي لرؤيتها للسلام إلى ما هو أبعد من المجموعة الأساسية من داعميها الغربيين عبر التواصل مع دول الجنوب العالمي مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وكذلك تركيا.
إذ قال إيهور جوفكفا كبير المستشارين الدبلوماسيين لزيلينسكي: "أحد الأهداف الرئيسية لهذه الجولة من المفاوضات سيكون التوصل أخيراً لتفاهم عام حول طبيعة النقاط العشر".
وتشمل النقاط العشر الدعوة لاستعادة أوكرانيا لوحدة وسلامة أراضيها والانسحاب الكامل للقوات الروسية وحماية إمدادات الأغذية والطاقة والسلامة النووية والإفراج عن كل الأسرى.
لكن مسؤولين غربيين يعترفون أن المبادرة لن تضع إلا ضغطاً محدوداً على موسكو دون مشاركة الصين التي حافظت على صلات اقتصادية ودبلوماسية قوية مع روسيا ورفضت مطالبات دولية بالتنديد بغزوها لأوكرانيا.
وقال مسؤولون في وقت سابق إنه لم يتضح ما إذا كان سيشارك مسؤولون صينيون في محادثات جدة سواء بالحضور أو عبر مؤتمر الفيديو. وتلقت الصين دعوة للمشاركة في جولة سابقة من المحادثات في كوبنهاغن في أواخر يونيو/حزيران، لكنها لم تلبِّ الدعوة.
وقال مسؤول كبير بالمفوضية الأوروبية، طالباً عدم نشر هويته: "أعتقد أن من الضروري ألا تشارك الهند والبرازيل والشركاء الرئيسيون الآخرون فحسب، بل من الضروري أن تجلس الصين أيضاً إلى الطاولة وأن تناقش السلام بشكل واقعي".
بدوره قال جوفكفا إن السفير الصيني لدى أوكرانيا حضر اجتماعات في كييف حول مبادرة السلام، مضيفاً أن أوكرانيا تعمل على ضمان مشاركة الصين في محادثات جدة.
اتفاق الحبوب
ويقول مسؤولون غربيون إنهم سيصبون التركيز على أن أسعار الأغذية قفزت منذ انسحاب روسيا من اتفاق يسمح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود وشن روسيا لسلسلة من الضربات الجوية على الموانئ الأوكرانية، وذلك في محاولة لكسب تأييد دول نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
فيما أشار مسؤول المفوضية الأوروبية: "سنشير بالطبع إلى هذه النقطة بصوت عال وبوضوح".
ولم تعلق السعودية علناً على المحادثات المزمعة، لكن مسؤولين أوكرانيين وغربيين قالوا إن قرار المملكة استضافة الاجتماع يعكس رغبة الرياض في لعب دور دبلوماسي كبير في جهود حل الصراع.
ولعبت السعودية وتركيا دور وساطة في عملية كبيرة لتبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا في سبتمبر/أيلول الماضي.
وحضر زيلينسكي قمة لجامعة الدول العربية في السعودية في مايو/أيار، وعبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في القمة عن استعداده للتوسط في إنهاء الحرب.
وقال مسؤول كبير آخر بالاتحاد الأوروبي إن السعودية وصلت "إلى مناطق من العالم لا يمكن لحلفاء (أوكرانيا) القدامى الوصول إليها بهذه السهولة".
ومن المتوقع أن يمثل مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الولايات المتحدة في المحادثات.
وقال مات ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق: "لا تزال هذه هي بداية العملية". وأضاف: "تذكروا أنه لا يزال هناك قتال دائر في أوكرانيا".
رداً على سؤال حول المحادثات في وقت سابق هذا الأسبوع، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن روسيا بحاجة إلى فهم أهداف المحادثات وما سيدور فيها من نقاشات.