بالتزامن مع الذكرى الـ63 لاستقلال النيجر عن فرنسا، احتشد المئات من المواطنين في النيجر في مظاهرة مؤيدة لقادة الانقلاب العسكري بالعاصمة، مطالبين بوقف "الهيمنة الفرنسية" على بلادهم، في وقت طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإفراج الفوري عن الرئيس محمد بازوم.
وتحتفل النيجر في 3 أغسطس/آب من كل عام بذكرى الاستقلال عن فرنسا عام 1960.
وتجمع المتظاهرون، الذين كان بعضهم يلوح بأعلام روسية كبيرة، في وسط العاصمة النيجريّة في ساحة الاستقلال بدعوة من حركة إم62 (M62)، وهي ائتلاف يضم منظمات المجتمع المدني "السيادية"، حسب ما أفاد به موقع يورو نيوز.
"لا نريد فرنسا على أراضينا"!
ومنذ الانقلاب العسكري في 26 تموز/يوليو، تدهورت العلاقات مع باريس بعد أحداث جرت، الأحد، خلال تظاهرة نُظمت أمام السفارة الفرنسية، وكانت الدافع وراء إجلاء مئات المواطنين الفرنسيين.
وقال شابّ متظاهر يدعى إيسياكا حمادو إن "الأمن فقط هو ما يهمنا"، سواء وفرته لنا "روسيا أم الصين أم تركيا، إذا أرادت مساعدتنا. نحن لا نريد الفرنسيين الذين ينهبوننا منذ عام 1960، إنهم موجودون هنا منذ ذلك الحين ولم يتغير شيء! فما الفائدة منهم؟".
وأيّده آخر يدعى عُمر بقوله: "أنا طالب، لم أجد عملاً بعد الدراسة في هذا البلد، بسبب نظام "بازوم" (الرئيس المطاح به) الذي تدعمه فرنسا. كلهم عليهم أن يرحلوا!".
قبل التجمع، طلبت فرنسا من قوات الأمن النيجرية اتخاذ الإجراءات اللازمة للضمان التام لأمن البعثات الدبلوماسية الأجنبية في نيامي بالكامل، ولا سيما الفرنسية منها.
وقال الجنرال عبد الرحمن تياني الذي تولى السلطة في نيامي، مساء الأربعاء، إن الفرنسيين "ليس لديهم سبب موضوعي لمغادرة النيجر"، لأنهم "لم يتعرضوا بتاتاً لأدنى تهديد". ودعا في كلمة له بمناسبة عيد الاستقلال أنصاره إلى التظاهر "بهدوء".
مطالبات برفع العقوبات
وبالتزامن خرج مئات من أنصار المجلس العسكري في النيجر في مسيرة بالعاصمة نيامي للاحتجاج على عقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، فيما يختتم كبار مسؤولي الدفاع في دول المجموعة محادثات حول تدخل محتمل لاستعادة الديمقراطية في النيجر.
واحتجز الجنرال عبد الرحمن تياني، قائد الحرس الرئاسي في النيجر سابقاً، رئيس البلاد محمد بازوم، في القصر الرئاسي من الأسبوع الماضي، وأعلن نفسه رئيساً للدولة في الانقلاب السابع في غرب ووسط إفريقيا منذ عام 2020.
وفرضت إيكواس، الكتلة الإقليمية الرئيسية، عقوبات، وقالت إنها قد تسمح باستخدام القوة إذا لم يُعِد الجنود بازوم إلى السلطة بحلول الأحد، حيث اتخذت المجموعة الموقف الأكثر تشدداً بالنسبة لها حتى الآن مع النيجر، قائلة إن عليها أن تُظهر أنها "لا تكتفي بالأقوال، بل تنفذ أفعالاً".
ورفع أحد المتظاهرين في نيامي لافتة عليها عبارة "تحيا النيجر وروسيا ومالي وبوركينا. تسقط فرنسا وإيكواس والاتحاد الأوروبي".
ومثل الانقلابات التي وقعت في الآونة الأخيرة في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين، جاء استيلاء المجلس العسكري على السلطة وسط موجة متنامية من المشاعر المعادية لفرنسا، إذ يقول السكان إنهم يريدون أن تتوقف الحاكمة الاستعمارية السابقة للبلاد عن التدخل في شؤونهم.
ولفرنسا ما بين ألف و1500 جندي في النيجر للمساعدة في محاربة حركة تمرد إسلامية منتشرة بأنحاء المنطقة، وتشعر دول الغرب بالقلق من احتمال أن تتوجه النيجر، مثل بعض جيرانها، إلى روسيا كحليف بديل.
وقال متظاهر آخر، لم يذكر اسمه: "سنقوم بمظاهرة ضد جميع دول إيكواس وكل من يتخذون إجراءات غير إنسانية ولا تحظى بشعبية تجاه النيجر التي تسعى إلى تحرير نفسها من نير الاستعمار".
وتعهد تياني في خطاب بثه التلفزيون، مساء الأربعاء، بعدم الرضوخ للضغوط الدولية للتنحي، ووصف العقوبات بأنها "غير إنسانية". وقال إنه يرفض أي تدخل خارجي لكنه منفتح على الحوار الداخلي بالبلاد.
وقال: "نستمع دائماً بتواضع إلى جميع الأطراف المعنية، ومنفتحون على الحوار حتى… يمكننا معاً تهيئة الظروف من أجل انتقال سلمي لابد أن يؤدي إلى انتخابات في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً ومعقولة". ولم يذكر أي إطار زمني.
خطة للتدخل في النيجر
من المقرر أن يختتم كبار مسؤولي الدفاع في دول غرب إفريقيا مناقشاتهم في نيجيريا حول التدخل المحتمل في النيجر، ومع ذلك قالوا إن هذا سيكون الملاذ الأخير.
وعقد الاجتماع الذي استمر يومين بهدف وضع خطة لتدخل عسكري في نهاية المطاف لاستعادة النظام الدستوري، وفقاً لبيان صادر عن مجلس الأمن القومي لساحل العاج.
وقال التكتل الإقليمي أيضاً، أمس الأربعاء، إنه أرسل وفداً بقيادة نيجيريا إلى النيجر للتفاوض مع قادة الانقلاب. ومع ذلك، قال مصدر في رئاسة نيجيريا، اليوم الخميس، إن الوفد لم يغادر بعد بسبب مشكلة تتعلق بتصاريح الطيران.
وسعت إيكواس جاهدة لاحتواء تراجع الديمقراطية في غرب إفريقيا، وتعهدت بعدم التهاون مع الانقلابات العسكرية، وذلك بعد سيطرة الجيش على السلطة في كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا ومحاولة الانقلاب في غينيا بيساو في العامين الماضيين، وجميعها من أعضاء المجموعة.