حثَّت وزارة أمن الدولة في الصين، المواطنينَ على التجسس لحماية الأمن القومي للبلاد، إذ قالت الوزارة في أول منشور رسمي لها على منصة التواصل الاجتماعي "وي تشات" WeChat، إنه من الضروري إنشاء نظام يُقبل فيه الجمهور على المشاركة في أنشطة مكافحة التجسس والتطبيع معها، ويجب على الحكومة أن تكافئ المشاركين في جهود التجسس وتكرِّمهم، بحسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
وزعمت الوزارة أن اضطلاع أجهزة الأمن القومي بوظيفتها يقتضي عدم الاكتفاء بمراقبة التصرفات المثيرة للاشتباه، وإنما يجب إقناع المواطنين بمساعدة السلطات في بناء خط الدفاع الحصين عن أمن البلاد.
وأشارت الوزارة في بيانها: "الأمن القومي أساس النهضة الوطنية، والاستقرار الاجتماعي شرط لا غنى عنه في بناء الأمة القوية، وإن تطبيق قانون مكافحة التجسس وإنشاء خط دفاع عن الأمن القومي من الشعب يقتضيان نهجاً متعدد الجوانب وجهوداً متضافرة".
الصين قلقة من التجسس الغربي!
في غضون ذلك، قال خبراء إن البيان، الذي يأتي في وقت شاع فيه الحديث عن تغييرات واسعة في قيادات الحزب الشيوعي الصيني، علاوة على تفاقم الشكوك بين بكين، والعديد من جيرانها والدول الغربية، قد يؤدي إلى تقويض أركان الثقة التي يقوم عليها المجتمع، لأنه يحث الناس على التجسس، وأن يتطفل أفراده على شؤون بعضهم بعضاً.
إيان تشونغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سنغافورة الوطنية قال: "هذه الأمور تأثيرها مفزع في المجتمع برمته، علاوة على أنها تزيد من أخطار تعرض المواطنين للمعاملة التعسفية أمام جهات إنفاذ القانون والنظام القضائي".
ويشيع في جميع أنحاء الصين استخدام المراقبة الجماعية لمراقبة المواطنين، ويصف خبراء ذلك بأنه نموذج حديث من إجراءات المراقبة التي استخدمتها السلطات الصينية لمراقبة الناشطين والمعارضين خلال "الثورة الثقافية" في الستينيات والسبعينيات، وقد طالت حملات التجسس والاعتقال وقتها مدرسين وأولياء أمور وأصدقاء، وشى بعضهم ببعض خوفاً من العقوبة والأذى.
في السنوات الأخيرة اعتقلت الصين عدداً كبيراً من الرعايا الأجانب، بتُهم تتعلق بالأمن القومي. ويرى تشونغ أن تركيز السلطات على إجراءات الأمن قد يكون له تأثير عكسي على جهود بكين لجذب المستثمرين الأجانب، وتعزيز ثقتهم في السوق الصينية.
وقال تشونغ: "تزايد الشعور بعدم الاستقرار سيجعل الشركات الأجنبية تقتنع بأنها مضطرة إلى التعامل مع أخطار كثيرة، وأن الأمور في سبيلها إلى مزيد من السوء".
وزعم تشونغ أن قرارات الإقالة المفاجئة لمسؤولين بارزين في الأيام الأخيرة، ثم بيان وزارة الأمن القومي على وسائل التواصل الاجتماعي، يدلان على أن القيادة الصينية تشعر بأنها ليست آمنة على نفسها، فهذه الأمور "تكشف عن شيوع الريبة والقلق بين كبار القادة. ومع أننا لا نستطيع تحديد السبب من الخارج، فإن هذه التدابير تشي برغبة الحزب في تزايد أدوات السيطرة والمراقبة التابعة له بين أفراد المجتمع".