أثار وزير الخارجية الصيني، تشين غانغ، تكهنات واسعة بسبب غيابه عن المشهد منذ حوالي شهر، وذلك في وقت تشهد فيه بكين حراكاً دبلوماسياً، خصوصاً لجهة علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يفترض أن يكون غانغ في صدارة المشهد، لا سيما أنه يرتبط بعلاقة قوية مع الرئيس الصيني تشي جين بينغ.
يعود الظهور العلني الأخير للوزير غانغ إلى الـ25 من يونيو/حزيران 2023، حين التقى نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودنكو في بكين، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
التكهنات في شأن وضع غانغ بدأت في أعقاب تغيبه عن اجتماع عالي المستوى لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في إندونيسيا بعد ذلك بأسبوعين، وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن "أسباباً صحية" تقف خلف ذلك، إلا أن ذلك لم يخفف حدة التكهنات، خاصة أن الوزارة تجاهلت منذ ذلك الحين أية أسئلة إضافية في شأن الوزير.
المعلق في صحيفة "غلوبال تايمز" الرسمية، هو شينجين، قال إن "الجميع قلق في شأن أمر لا يمكن نقاشه بشكل علني"، وشدد عبر منصة "ويبو" الاجتماعية في الصين على أهمية "إيجاد توازن بين الحفاظ على الوضع الرسمي واحترام حق الجمهور بالمعرفة".
ترك غياب غانغ فراغاً على رأس وزارة الخارجية الصينية، وبدأ ينعكس على جدول أعمال زوار بكين الأجانب، وبشكل غير متوقع أُرجئت هذا الشهر زيارة لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وكذلك أوردت وكالة "بلومبيرغ" أن وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، قام بخطوة مماثلة بسبب غياب تشين غانغ.
رغم أن غانغ هو وزير الخارجية فإن سلفه وانغ يي يحتل مركزاً أعلى في الهرم الدبلوماسي، إذ يشغل منصب مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ويعد كبير دبلوماسيي البلاد.
تولى وانغ يي بعضاً من مسؤوليات وزير الخارجية خلال الفترة الأخيرة، فمثل بلاده في اجتماع لدول منظمة "بريكس" في شأن قضايا أمنية في جنوب إفريقيا.
من جانبها، تؤكد الصين أن الأمور تجري كالمعتاد، وقالت وزارة خارجيتها، الإثنين 24 يوليو/تموز 2023، إن "النشاطات الدبلوماسية للصين تمضي قدماً بشكل ثابت".
ورداً على سؤال بشأن غياب الوزير، قالت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ للصحفيين "لا معلومات لديّ للإدلاء بها"، إلا أن هذا الابتعاد المطول بدأ يثير أسئلة متعددة، لا سيما لجهة سير العمل في وزارة تعد محورية في رسم السياسة العامة لقوة عظمى آخذة في النمو.
من جانبه، قال ديسموند تشوم، وهو ناشط في عالم الأعمال بالصين، قبل أن يتركها إلى الولايات المتحدة، "عندما يتم إخفاء المسؤول الأعلى من قبل الدولة فكل من في الهيكلية يصيبه الجمود".
غانغ "ذئب مقاتل"
يُعد تشين غانغ الذي عين وزيراً للخارجية، في ديسمبر/كانون الأول 2022، من المقربين أحد كاتمي أسرار الرئيس الصيني، وأمضى الدبلوماسي البالغ من العمر 57 سنة أعواماً عدة بالسفارة الصينية في لندن، ويتحدث الإنجليزية بطلاقة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يعد تشين غانغ واحداً من "الذئاب المقاتلة"، وهي التسمية التي اصطلح على اعتمادها لوصف جيل من الدبلوماسيين الصينيين، الذين غالباً ما يلجأون إلى تصريحات حادة للرد على الانتقادات الغربية لبكين.
في عام 2020 قال غانغ إن صورة الصين في الغرب تراجعت لأن الأوروبيين والأمريكيين، لا سيما في وسائل إعلامهم، لم يقبلوا مطلقاً النظام السياسي للصين أو صعودها الاقتصادي عالمياً.
قبل تعيينه وزيراً، كان غانغ سفيراً للصين لدى واشنطن، في منصب عزز من خلاله حضوره العلني، عبر المشاركة في مناسبات عامة وإطلالات إعلامية متكررة لشرح موقف بلاده من قضايا عدة.
بعد تعيينه وزيراً حفل جدول أعماله بزيارات إلى دول في إفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، إضافة إلى استضافة كثير من الزوار الأجانب في بلاده.