طالبو اللجوء في اليونان يختفون بالجزر والجبال خوفاً من السلطات.. وكثير منهم يضيعون أو يموتون

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/22 الساعة 17:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/22 الساعة 18:11 بتوقيت غرينتش
مهاجرون داخل اليونان - رويترز

يجبر الخوف من خفر السواحل اليوناني العديد من طالبي اللجوء على الفرار إلى أراضٍ مجهولة، وذلك من أجل تفادي التعرض للاعتقال على يد السلطات عقب وصولهم إلى الجزر اليونانية بالقوارب، بحسب ما كشف موقع Middle East Eye البريطاني السبت 22 يوليو/تموز 2023. 

بحسب الموقع البريطاني، فقد أبلغت الجهات الفاعلة المدنية عن زيادة في عدد حالات الاختفاء بين طالبي اللجوء منذ عام 2020، لكن العديد من تلك الحالات تمر دون توثيق بسبب الوجود المحدود للمنظمات الأهلية على تلك الجزر.

على سبيل المثال، وصل الصومالي بشير عبد الكريم محمد إلى جزيرة خيوس اليونانية على متن قارب في يونيو/حزيران 2022، وكان واحداً من بين نحو 32 شخصاً صعدوا إلى متن السفينة في تركيا.

تفرّق أفراد المجموعة سريعاً بمجرد وصولهم إلى الشاطئ، خوفاً من أن ترصدهم السلطات، وقد فرّ محمد مع 11 شخصاً إلى الجبال.

وأوضح محمد في تصريح مُترجَم للموقع البريطاني: "ظللنا في الجبال لخمسة أيام". وقد وصلوا إلى نقطةٍ كان من الخطير اجتيازها، لكن نساء المجموعة رفضن التراجع. وأردف: "لقد قلن إنهن يفضلن المخاطرة بحياتهن على العودة للوراء".

وقرر محمد مع ثلاثة من الرجال أن يعودوا أدراجهم لإحضار الماء، لأنهم لم يشربوا أي ماء طيلة أيام. لكن الشرطة اعترضتهم في الطريق نحو سفح الجبل.

وقال محمد: "لقد أخبرناهم بوجود أشخاص لا يزالون عالقين في الجبل". وأصر محمد على توصيل الطعام والماء للنساء بنفسه، لكن الشرطة أكدت له أنهم سيبعثون بفريق إنقاذ. وأضاف: "لقد ظلوا يرددون أن النساء في أمانٍ داخل أوروبا".

واقتيد محمد إلى مخيم، ثم نُقل إلى حاويةٍ بلا فتحات تهوية مع تقييد ذراعيه بكابلات مؤلمة، قبل نقله إلى قارب وإنزاله في جزيرةٍ تقع بين اليونان وتركيا. وتمت مصادرة هاتفه وتركه بسترة النجاة فقط.

واكتشف محمد بعدها أنهم عثروا على جثة واحدة من النساء، وهي هدى حسين عدن البالغة 24 عاماً. ونص تقرير الطب الشرعي على أنها توفيت من الإنهاك بسبب الجوع والعطش.

وقال محمد: "لم أستطِع احتمال ذلك، كان الأمر يفوق طاقتي.. من المؤكد أن [السلطات] ذهبت متأخرةً جداً. لقد ذهبوا لأخذ الجثث فحسب".

بينما أفادت روحي لورين أخطر، رئيسة منظمة Refugee Biriyani & Bananas، بعدم العثور على امرأتين أخريين من المفقودين حتى الآن.

وأوضحت روحي: "لقد تم التواصل مع ديوان المظالم ومختلف الوكالات.. من أجل طلب إجراء عملية بحث. لكن عملية البحث لم تحدث مطلقاً. ولم تكن هناك أي مساءلة بشأن ما حدث لهذه المرأة".

لا توجد مساءلة 

تُعَدُّ روحي ومادي ويليامسون جزءاً من شبكة متطوعين تؤدي دور الخط الساخن غير الرسمي، من أجل استقبال مكالمات الاستغاثة من الناس على الحدود اليونانية.

بدأت مادي في جمع شهادات صد اللاجئين من الأشخاص الذين لا يحملون أي وثائق على الحدود التركية في عام 2020، عندما كانت تعمل كممرضة تدرس الحالات لصالح المنظمات الأهلية. وقد تحوّلت منذ ذلك الحين إلى واحدةٍ من جهات الاتصال الأساسية أمام اللاجئين في حالات الاستغاثة.

لكن قدرة مادي على المساعدة تظل محدودة، حيث إن العديد من المنظمات الأهلية والجهات المدنية في المنطقة تواجه مخاطر التجريم المتزايدة.

وأوضحت مادي للموقع البريطاني قائلةً: "تتمثل الحيلة في إقناع الناس بالاتصال (بخدمات الطوارئ) دائماً.. وليس هناك أي شيء آخر يمكن فعله على صعيد الإنقاذ، لأن المنظمات الأهلية ممنوعة من التدخل. ولا يمكننا فعل الكثير في الواقع".

وأسفرت حملة السلطات اليونانية لقمع أنشطة المنظمات الأهلية في المنطقة عن خلق فراغٍ في عملية المساءلة بشأن ما يحدث على الجزر، مع مرور العديد من حالات الاختفاء دون توثيق.

وفي بيانٍ صحفي بتاريخ 25 مايو/أيار، قدّرت منظمة أطباء بلا حدود فقدان 940 لاجئاً في جزيرة ليسبوس حتى تاريخه.

لكن مادي تتوقع أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير. حيث قالت: "إذا حاولنا إحصاء العدد الإجمالي، أو حتى عدد الأشخاص المفقودين، فلن تكون لدينا أدنى فكرة عن الرقم الحقيقي. لقد سمعنا بقصص أشخاص تعرضوا للاعتقال وذهبوا إلى السجن دون الحصول على مترجم. ولم يحصلوا على محامٍ أو هاتف. وهناك شخص قال إنه اقتيد إلى مصحةٍ عقلية وتعرض للتخدير طوال عامٍ تقريباً، قبل إلقائه في الشوارع مرةً أخرى".

أما بالنسبة للمتطوع النرويجي تومي أولسن، الذي يدير منظمة Aegean Boat Report، فهو يرى أن زيادة حالات الاختفاء تتماشى مع زيادة خطر صد اللاجئين. حيث صرّح للموقع البريطاني قائلاً: "يتواصل معي الناس بعد وصولهم وهروبهم من الشاطئ إلى مكانٍ ما في الغابات".

وأردف أولسن: "أكثر ما يخيفهم هو أن تعثر عليهم السلطات، لأن غالبية من تحدثت إليهم جربوا ذلك عدة مرات من قبل. وقد تعرضوا للضرب والسرقة. بينما تعرض بعضهم للاغتصاب. ومن المؤكد أن لديهم كل الأسباب المنطقية للشعور بالخوف".

تحميل المزيد