تشهد مصر انتشار صيحةٍ جديدة في أوساط المواطنين، وهي صيد أسماك القرش، وذلك منذ هجوم سمكة قرش على سائح روسي وقتله، قبالة سواحل مدينة الغردقة على البحر الأحمر، بحسب ما رصده موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 20 يوليو/ تموز 2023.
حيث أظهر مقطع فيديو شاباً يمسك بسمكة قرش صغيرة أمام الشاطئ، بينما يتحدث إلى الكاميرا قائلاً: "هذا القرش حاول أن يهاجمني في البحر، لكن لا أحد يقدر على المصريين".
يُعَدُّ هذا واحداً من عدة مقاطع فيديو انتشرت مؤخراً، على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، وظهر خلالها الناس وهم يتفاخرون باصطياد أسماك القرش.
لكن هذه الممارسة المتنامية أثارت المخاوف بين الخبراء، الذين يشعرون بالقلق حيال تضرر الحياة البحرية قبالة السواحل المصرية بدرجةٍ يتعذّر إصلاحها.
حيث تحدث مُناصر الحياة البحرية إيهاب حمدي، قائلاً: "إن اصطياد وقتل أسماك القرش يضر بالحياة البحرية. وهناك زيادة ملحوظ في هذه الممارسة التي تُعتبر مخزيةً وخطيرة".
يُذكر أن الخوف من هجمات أسماك القرش سيطر على المصطافين المحليين والأجانب، وذلك في أعقاب مقتل سائح روسي (23 عاماً)، خلال هجوم لسمكة قرش في مطلع يونيو/حزيران.
وبعد بضع ساعات من الهجوم، أمسك الصيادون المحليون بالقرش نفسه وقتلوه بوحشية؛ في محاولةٍ لتهدئة السياح والمصطافين المذعورين.
وتقول التقارير إن سمكة القرش المذكورة سيتم تحنيطها وعرضها في متحف.
ورغم ذلك، أثارت الواقعة نفسها موجة إدانات وتحذيرات من الآثار المدمرة للهجوم المفتوح على أسماك القرش.
يقول البعض إن الأمر يُمثل جزءاً من مشكلةٍ أوسع تتعلق بانتهاكات الحياة البحرية في البلاد.
إذ نشرت صحيفة محلية مقطع فيديو يُظهر صياداً يتفاخر بحيازته سلحفاة بحرية.
وبعدها بأيام، نشر أحد المدافعين عن الحياة البحرية صورةً لبائع أسماك يعرض عدة أسماك قرش صغيرة الحجم للبيع في مدينة السويس.
وقالت سحر مهنا، خبيرة الحياة البحرية في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، للموقع البريطاني: "سيؤدي هذا الوضع إلى اختلال توازن الأنظمة البيئية البحرية؛ نظراً إلى حقيقة أن أسماك القرش تُعَدُّ من المكونات الأساسية لتلك الأنظمة. ويُمكن للصيد الجائر أن يقضي على وجود بعض أنواع الأسماك، خاصةً أسماك القرش".
مطالبات بالتدخل
تُعَدُّ هجمات القرش نادرةً قبالة السواحل المصرية، لكن حادثة يونيو/حزيران في الغردقة لم تكن الأولى.
مع ذلك، أسفرت هذه الحادثة عن زيادة الدعوات التي تطالب السلطات باتخاذ مزيد من الإجراءات، من أجل حماية السياح والحياة البحرية على حدٍّ سواء.
وصرحت وزارة البيئة في أعقاب الحادثة، بأنها ستُثبِّت أجهزة مراقبة لتعقُّب حركات القروش، ومنع الهجمات ضد السياح.
كما قالت السلطات إنها ستعمل من أجل منع تعديات السكان المحليين على المخلوقات البحرية.
يُذكر أن شهر مايو/أيار شهد قراراً من محافظ البحر الأحمر بحظر رحلات الصيد، وكذلك بيع أسماك وكائنات البحر الأحمر في الأسواق.
لكن النائب البرلماني محمد الجبلاوي يقول: "إننا ما نزال بحاجةٍ لفعل المزيد"، إذ صرح الجبلاوي، عضو لجنة الطاقة والبيئة في البرلمان، قائلاً للموقع البريطاني: "أعتقد أنه يجب على السلطات البيئية العمل بجديةٍ أكبر لمنع تلك الانتهاكات".
وتُمثل الحياة البحرية، خاصةً الشعاب المرجانية، عنصر جذبٍ سياحي رئيسي للسواحل المصرية. إذ تُعد الحياة البحرية بمثابة مغناطيس لأعداد كبيرة من السياح، الذين يسافرون إلى البلاد من أجل الغوص في البحر الأحمر كل عام.
ويُعَدُّ قطاع السياحة من مصادر العملة الأجنبية المهمة لمصر، حيث يمثل هذا القطاع 12% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ويُشغل نحو 9.5% من القوى العاملة المصرية حسب إحصاءات عام 2018.
تأثّر هذا القطاع سلباً بالهجوم الروسي على أوكرانيا، لأن مواطني البلدين شكلوا نحو ثلث إجمالي السياح الذين يزورون مصر في بعض سنوات الذروة.
لكن الأشهر الأخيرة شهدت بداية تعافي قطاع السياحة في البلاد، الأمر الذي يتضح من خلال أعداد السياح الواصلين، حيث زار نحو سبعة ملايين شخصٍ مصر في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، بحسب وزير السياحة.
وتتطلع مصر إلى جذب 15 مليون سائح إجمالاً بنهاية العام، بالتزامن مع محاولتها زيادة إيراداتها من النقد الأجنبي بينما تعاني من صعوبات اقتصادية كبيرة، وهي صعوبات ناجمة عن الحرب في أوكرانيا جزئياً.