كشف تقرير صادر عن "لجنة الأمن والاستخبارات" البريطانية، أن الصين حاولت اختراق أجهزة المخابرات البريطانية بعملائها في حملة تجسسٍ "مكثفة وعدوانية"، بحسب ما نقلت صحيفة The Times البريطانية.
وخلص التقييم الذي أجرته اللجنة إلى أن الحكومات المتعاقبة فشلت في التصدي لهذا التهديد؛ لأنها قدَّمت المصالح الاقتصادية على المخاطر الأمنية، بينما قالت مجموعة بارزة من نواب مجلس العموم البريطاني إن أنشطة بكين قد اتسع نطاقها، لدرجة أنها اخترقت جميع قطاعات الاقتصاد.
وزعم التقرير أن الاستثمار الصيني في القطاع النووي البريطاني بلغ حدّاً كبيراً من الاتساع، حتى إن الصين باتت يمكنها السيطرة على كهرباء البلاد إذا تدهورت العلاقات يوماً بين البلدين.
وأنذر النواب من انحدار الأمور إلى "سيناريو مرعب"، تستأثر فيه الصين بالتفوق التكنولوجي، وتفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على جميع المستويات.
يشار إلى أن لجنة الأمن والاستخبارات -التي تشرف على مختلف أجهزة الاستخبارات البريطانية ("إم آي 5″، و"إم آي 6″، و"مكاتب الاتصالات الحكومية" GCHQ)، استغرقت قرابة 4 سنوات لإنتاج التقرير المكون من 207 صفحات.
وخلصت فيه إلى أن بريطانيا تتعرّض "لهجومٍ شامل على مكونات الدولة" من الصين، استُهدف فيه السياسيون والبنية التحتية الحساسة والجيش والشركات الخاصة والقطاع الأكاديمي.
محاولة اختراق الاستخبارات البريطانية
وقالت لجنة الأمن والاستخبارات إن الجامعات البريطانية كانت "تربة خصبة" لمساعي الصين للاستيلاء على الأفكار والملكية الفكرية للمبتكرات، زاعمة أنها توصلت كذلك إلى أن الصين حاولت "زرع شخص ما في إحدى وكالات [الاستخبارات] في بريطانيا"، غير أن المحاولة باءت بالفشل.
وقالت مصادر تابعة للحكومة البريطانية إن أجهزة الاستخبارات البريطانية انتبهت لمحاولات الاختراق، وعمدت إلى إجراء "تحريات شديدة التدقيق" للمتقدمين إلى العمل بها، بحسب "التايمز".
بدوره، قال ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، إن لجنة الأمن والاستخبارات اعتمدت في تقريرها على أدلة جمعت معظمها في عام 2020، وأن الحكومة البريطانية عززت بعد ذلك من دفاعاتها أمام الصين.
على الرغم من تواتر المزاعم حول التهديد الأمني للصين من مسؤولي الاستخبارات وخبراء آخرين في السنوات الأخيرة، فإن هذا التقرير أول تحليل شامل لأسباب العجز الفادح لدى الحكومات البريطانية عن معالجة هذه القضية الحرجة في وقت مبكر.
انتقاد لأداء الحكومات البريطانية
وأوضح التقرير بتفاصيل مخيفة، كيف أساءت الحكومات المتعاقبة والشركات والأكاديميون التعاملَ مع الأمر طيلة سنوات، إذ سمحت بأن تطغى أهمية المكاسب القادمة من الاستثمارات الصينية على خطورة القضايا الأمنية.
وقد أعربت اللجنة عن تواصل الشكوك لديها في التدابير المتبعة لتقييم المخاطر الأمنية المتعلقة باستثمار [الصين] في البنية التحتية للبلاد.
وكشف التقرير أن مشروعات الاستثمار النووي تُفحص بمعزل عن غيرها، ولا تخضع لفحصٍ يشمل المخاطر الأمنية المحتمَلة على القطاع بأكمله.
في السياق، شدد التقرير على ضرورة السماح بمزيد من الرقابة على قرارات الاستثمار الحساسة (في مشروعات البنية التحتية)، لتشديد المراعاة للضوابط والتوازنات، وإيلاء المخاطر الأمنية في قطاع الطاقة قدر الاهتمام المناسب بالقياس إلى المكاسب الاقتصادية.