زعيم فصيل موالٍ لإيران يثير قلق واشنطن وغضباً بالعراق.. ميدل إيست آي: قد يدفع حياته ثمناً لذلك

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/13 الساعة 17:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/13 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
قوات أمريكية في سوريا "أرشيفية"/رويترز

في الوقت الذي التزمت فيه الفصائل الموالية لإيران بالهدوء وتجنب استهداف المصالح الأمريكية في العراق وسوريا، كان لفصيل مجهول رأي آخر واستمر في استهداف القوات الأمريكية، ما أثار غضب الفصائل الشيعية الداعمة لرئيس الوزراء العراقي، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره الأربعاء 12 يوليو/تموز 2023، وكشف تفاصيل التهديد الذي بات يعيشه زعيم هذا الفصيل الموالي لإيران.

في 20 يناير/كانون الثاني، استهدفت ثلاث طائرات مسيَّرة انتحارية قاعدة التنف العسكرية في جنوب شرقي سوريا، وهي قاعدة تستضيف قوات أمريكية. وقالت القوات الأمريكية في ذلك الوقت، إن الهجوم لم يتسبب في خسائر كبيرة، فقد أسقطت القوات هناك طائرتين مسيَّرتين، بينما انفجرت الثالثة بعد اصطدامها بمبنى تابع لجماعة معارضة سورية حليفة للولايات المتحدة. 

بعد يومين، أعلنت جماعة مسلحة مجهولة مسؤوليتها عن الهجوم. جاء بيان الجماعة، الذي نشرته مواقع مرتبطة بالفصائل المسلحة المدعومة من إيران، بعنوان أخضر حمل توقيع "المقاومة الإسلامية في العراق – تشكيل الورثة". 

بعد أسبوعين، أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن، مكالمةً هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وقال المكتب الإعلامي لـ"السوداني" إن بايدن أكد خلال الاتصال "دعمه الثابت لعراق مستقر وآمن وذي سيادة"، وأعرب عن دعمه لحكومة رئيس الوزراء. 

لكن في هذه المكالمة، نقل بايدن أيضاً "استياء" إدارته من "الهجمات التي نفذتها الفصائل الشيعية العراقية المسلحة" والتي استهدفت القوات الأمريكية في سوريا، حسبما قال مسؤولون عراقيون لموقع Middle East Eye البريطاني. 

تطرق إعلان "السوداني" عن هذا الاتصال إلى هذه النقطة، قائلاً إن الزعيمين اتفقا على أنه "لا ينبغي استخدام العراق كنقطة انطلاق لمهاجمة" جيرانه أو القوات التابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. 

ثم أثار "السوداني" القضية في اجتماع لقادة إطار التنسيق، التحالف السياسي الشيعي الداعم لـ"السوداني" والذي يضم الفصائل الشيعية المسلحة المدعومة من إيران في العراق. 

هجومٌ على القوات الأمريكية يكسر الهدوء 

في الأسابيع التالية، لم تتوقف الهجمات على القوات الأمريكية في سوريا، لكنها تراجعت بشكل ملحوظ.

حسب موقع "ميدل إيست آي"، ربما كان ذلك بسبب انشغال الجميع بالزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في فبراير/شباط، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص. وبدا أن الاتفاق التاريخي الذي وقعته إيران والسعودية ببكين في مارس/آذار الماضي، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، يهدئ المنطقة. 

مع ذلك، وفي حين أن معظم الفصائل الشيعية العراقية المسلحة، التابعة لإيران أو غيرها، انشغلت بنقل المساعدات لضحايا الزلزال والناجين منه في أجزاء من شمال سوريا، شنت إحداها في المقابل هجوماً بشمال شرقي البلاد.

في 23 مارس/آذار، هاجمت طائرة مسيَّرة مسلحة منشأة صيانة في قاعدة عسكرية أمريكية بالقرب من الحسكة، شمال شرقي سوريا.  وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إن الهجوم أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة آخر، وأُصيب خمسة جنود أمريكيين. 

تعتقد واشنطن أن الطائرة المسيرة من أصل إيراني، ردت بعد ساعات بسلسلة من الضربات على مقرات ومخازن أسلحة تابعة للجماعات المدعومة من إيران في ريف دير الزور والميادين والبوكمال شرقي سوريا. وقالت مصادر محلية إن 11 مقاتلاً موالياً لإيران على الأقل قُتِلوا في تلك الضربات.  وبعد يومين، أعلنت جماعة مجهولة تطلق على نفسها اسم "لواء غالبون"، مسؤوليتها عن الهجوم. 

خلافاً لـ"تشكيل الورثة"، لم تكشف الفصائل الشيعية الأخرى عن أي صلات مباشرة بالفصائل العراقية المسلحة، ولم يتم تداول بيانها على نطاق واسع على منصاتهم الإعلامية كما هو معتاد. وأكدت القنوات القليلة التي نشرت البيان على تطبيق تليغرام، عبارة "فصيل يطلق على نفسه اسم لواء الغالبون يدّعي العملية" المذكورة في البيان. 

على غير العادة، سارع كل من كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وهما أعنف فصيلين مسلحين عراقيين يعملان في سوريا خلال العقد الماضي، إلى إعلان تبرؤهما من الهجوم. 

من جانبه، سعى السوداني "لتهدئة الوضع" وقدم ضمانات للأمريكيين والفصائل المسلحة التي كان يأمل أن تقوم هي بتهدئة الموقف؛ "خوفاً من خروج الأمور عن السيطرة"، بحسب ما قاله أحد مستشاريه لموقع Middle East Eye. 

خلافات بين قادة الفصائل الشيعية بالعراق

لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد. في منتصف أبريل/نيسان، تلقى أحد قادة فصيل مسلح تحذيراً من زعيم كردي. وبحسب قيادي شيعي متورط في الأحداث، قال القيادي الكردي إن الأمريكيين تسللوا إلى عدة فصائل عراقية مسلحة وكانوا يخططون لاستهداف قادتها ومخازنها ومقارها السرية في محافظتي واسط وذي قار الجنوبيتين "إذا استمرت الهجمات على قوات التحالف في سوريا". 

زاد القلق وبدأت الخلافات تطفو على السطح بين قادة الفصائل الشيعية المسلحة بسبب "الزعيم الذي انحرف عن الإجماع وعمل دون مراعاة مصالح الجميع"، حسبما قال الزعيم الشيعي. 

بدأ قادة هذه الفصائل تحقيقاتهم الخاصة، وتلقوا سيلاً من الرسائل من مصادر مقربة من السلطات الأمريكية تعمل كقناة خلفية بين الجانبين. وأكدوا "خطورة الأمر"، وأدرجوا تفاصيل جديدة، من بينها اسم الفصيل الذي ألقت الولايات المتحدة باللوم فيه على الهجوم. 

كانت تلك حركة "حزب الله النجباء". وقد حُذِّرَت الجماعات المسلحة من أن أكرم الكعبي "سيُقضى عليه أينما كان".  وتأكيداً لمخاوفهم بشكل أكبر، طلبت إيران من الكعبي "إعادة النظر في إجراءاته الأمنية"، وفقاً لما قاله أحد قادة حركة النجباء لموقع Middle East Eye. وقال القيادي إن حركة النجباء كانت تتمسك بمُثُل حركة المقاومة عندما بدا أن الفصائل الأخرى أدارت ظهرها للنضال.

نمو دور قيس الخزعلي في العراق

منذ أن استقال رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من السياسة وأمر نوابه بمغادرة البرلمان قبل عام، سيطر إطار التنسيق على العراق وسياساته على نحوٍ غير مسبوق. ولعب زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، دوراً محورياً في اعتلاء السوداني منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومته. في غضون ذلك، نجح نواب كتائب حزب الله في العمل كجماعة ضغط بالبرلمان، حيث قاموا بتيسير العديد من بنود الميزانية التي عارضتها الأحزاب الكردية والسنية.

بينما قررت الفصائل المدعومة من إيران، بعد توليها السلطة عبر حكومة السوداني، التوقف عن استهداف المصالح والقوات الأمريكية؛ "لإعطاء فرصة لتشكيل حكومة تعمل على تقديم الخدمات"، على حد تعبير الخزعلي.

عندما خاطب الخزعلي أتباعه على شاشة التلفاز بمناسبة عيد الأضحى الشهر الماضي، وصف ذلك بأنه "أحد أهم القرارات التي ساعدت في تشكيل الحكومة الحالية".

على مدار العام الماضي، نما نفوذ "عصائب أهل الحق" بشكل كبير، بينما بدا الخزعلي أشبه بالوصيِّ على حكومة السوداني. وبدا أن رفاقه في الفصائل الأخرى والشركاء السياسيين المخيفين يشعرون بأن الخزعلي قد تحول إلى "قطار يمكنه دهس أي شخص يعترض طريقه"، على حد وصف قائد لفصيل موالٍ لإيران. 

رغم أن الاستعراض الإعلامي للخزعلي وغيره من قادة "العصائب" يضيف إلى هذه الصورة، فقد حرص ثلاثة من مستشاري السوداني على التقليل من هيمنة الفصيل.  وقالوا إنها "صورة تُرسَم ويُروَّج لها" من قبل قادة "العصائب"؛ "لكسب ولاء كبار المسؤولين في مختلف المؤسسات الحكومية". 

كما قال أحد المستشارين لموقع Middle East Eye: "الخزعلي لديه مشروع سياسي ويسعى إلى دمج مجموعته بشكل أكبر في المشهد السياسي، لذا فهو يدعم الحكومة ويعمل على الانخراط أكثر في أنشطتها". 

لكن المستشارين قالوا إن الخزعلي أصبح "مقصداً" للسفراء والدبلوماسيين، ومن ضمنهم من الاتحاد الأوروبي، الذين يلتقطون الصور معه. وقال مستشار آخر إن "الخزعلي يلعب دوراً أساسياً في الاستقرار السياسي والأمني الحالي".  وأضاف المستشار أنه من خلال تثبيط الأعمال التي قد تزعزع الأمن، يجري إضعاف وكشف الفصائل والشخصيات التي تريد أن تظل عدوانية. 

بينما قال دبلوماسيون غربيون لموقع Middle East Eye، إن وجود الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في السلطة قد حدَّ بشدة من أنشطتها غير المشروعة والمدمرة. وأضافوا أن عدد الهجمات التي تستهدف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا منذ يونيو/حزيران من العام الماضي، انخفض بشكل كبير. 

تحميل المزيد