علّقت إسبانيا تحقيقها حول حوادث اختراق مزعومة لهواتف وزراء باستخدام برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" Pegasus، وأعلن القاضي الإسباني، خوسيه لويس كالاما، الذي يتولى القضية، الإثنين 10 يوليو/تموز 2023، أن تعليق التحقيق جاء بسبب "الغياب التام للتعاون من جانب إسرائيل".
كان كالاما قد قال في يونيو/حزيران 2022، إنه أرسل طلباً رسمياً للمساعدة القضائية الدولية، المعروف باسم خطاب الإنابة القضائية، إلى الحكومة الإسرائيلية، يطلب معلومات حول البرنامج الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية، وأعرب أيضاً عن رغبته في الذهاب إلى إسرائيل شخصياً لأخذ إفادة شاهد من الرئيس التنفيذي لشركة NSO.
لكن يوم أمس قالت محكمة الجنايات الإسبانية، Audiencia Nacional، إنَّ كالاما قرر إغلاق القضية مؤقتاً "بسبب الافتقار التام للتعاون القانوني من جانب إسرائيل، التي لم تستجِب للجنة الإنابة القضائية، ومنعت استمرار التحقيق"، وفقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 10 يوليو/تموز 2023.
بدأ التحقيق في مايو/أيار 2022، بعدما قالت الحكومة الإسبانية إنَّ برنامج التجسس، الذي يمكنه اختراق الهواتف المحمولة لاستخراج البيانات، أو تفعيل كاميرا أو ميكروفون للتجسس على أصحابها، قد استُخدِم ضد هواتف مملوكة لكبار السياسيين.
من بين الهواتف المستهدفة هواتف رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلز، ووزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا، ووزير الزراعة لويس بلاناس.
المحكمة الإسبانية قالت في بيانها، إنَّها أرسلت طلب المساعدة 4 مرات، لكن الحكومة الإسرائيلية لم ترد على أيٍ منها؛ ما يعني أنها "ربما لن تفعل ذلك على الإطلاق"، مشيرة إلى أنَّ الخيار الوحيد المتبقي هو الدبلوماسية.
أضافت المحكمة أن "الخيار الوحيد المتبقي هو قناة دبلوماسية محتملة قادرة على تعزيز الامتثال للالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولية".
لفتت المحكمة أيضاً إلى أن هاتف سانشيز استُهدِف 5 مرات بين أكتوبر/تشرين الأول 2020 وديسمبر/كانون الأول 2021، وأوضحت في بيانها أنه "على الرغم من التحليل المطول للهواتف الأربعة، لم يكن من الممكن تحديد من يقف وراء الهجمات".
كانت الحكومة الإسبانية قد ألقت باللوم في حوادث التجسس على "هجوم خارجي"، فيما وجهت الصحافة الإسبانية أصابع الاتهام إلى المغرب، في ظل الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في ذلك الوقت.
صحيفتا El País الإسبانية وThe Guardian البريطانية، كانتا قد ذكرتا لأول مرة في يونيو/حزيران 2020، أنَّ رئيس البرلمان الإقليمي الكاتالوني، روجر تورنت، واثنين على الأقل من المؤيدين للاستقلال قد حُذِروا من استهدافهم، فيما وُصِف وقتها بـ"حالة محتملة من التجسس السياسي الداخلي".
حُدِّدَت العشرات من حالات التجسس الأخرى في وقت لاحق في أبريل/نيسان 2022، عندما نشر باحثون من Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو الكندية، تقريراً يقول إنَّ هواتف 65 انفصالياً كاتالونياً على الأقل قد تعرضت للاستهداف باستخدام برنامج التجسس "بيغاسوس"، بعد محاولة الاستقلال الفاشلة عام 2017.
كذلك أخبرت رئيسة المخابرات، باز إستيبان، لجنة برلمانية في عام 2022، أنَّ 18 انفصالياً كاتالونياً، بمن في ذلك الزعيم الإقليمي الكتالوني، بيري أراغون، كانوا ضحايا لبرنامج التجسس "بيغاسوس"، لكن دائماً بموافقة المحكمة، وفي وقت لاحق، أُقيلَت إستيبان من منصبها.
من جانبها، قالت شركة NSO إنَّ برامج التجسس الخاصة بها تُباع لعملاء حكوميين فقط لأغراض التحقيق في الجرائم الخطيرة والإرهاب، بحسب زعمها، وأضافت أنها تحقق في مزاعم مشروعة بوقوع انتهاكات.
كانت أقدم نسخة مكتشفة من بيغاسوس، حصل عليها باحثون عام 2016، تخترق الهواتف من خلال ما يسمى التصيد الاحتيالي، أي الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكتروني التي تدفع الهدف للنقر على رابط اختراق.
لكن بعدها، ازدادت قدرات برنامج بيغاسوس تقدماً، وأصبح بإمكانه الوصول إلى أهدافه عن طريق ما يسمى الهجمات "الخالية من النقر" zero-click، التي لا تتطلب أي تفاعل من مالك الهاتف ليتمكن من اختراقه.