بوادر أزمة بدأت تلوح في الأفق على خلفية عدم تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي يشمل سواحل الصحراء، إذ إنه رغم اقتراب موعد انتهاء الاتفاق الحالي في 17 يوليو/تموز 2023، لا تلوح في الأفق بوادر أي مفاوضات مستقبلية حول الملف.
الأزمة بدأت مع قرار المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي إلغاء الاتفاق مع المملكة المغربية لأسباب تتعلق بالسيادة على الصحراء الغربية، لكن هناك اختلاف في التوجهات حتى داخل الهيئات الأوروبية بشأن الاتفاق، وهو ما أوضحته النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي سليمة ينبو في حوار "عربي بوست".
ما هي الأسباب التي قد تجعل الاتحاد الأوروبي يتراجع عن تجديد اتفاقية الصيد مع المغرب؟
في الوضع الراهن، المسألة ليست مسألة تراجع، بل هي مسألة قانونية.
تنتهي اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز الجاري 2023، كما أن القرار الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في سبتمبر/أيلول 2021، والذي يبطل الاتفاقية بسبب غياب التشاور والموافقة من جانب الصحراويين، يعلق إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد.
وبالفعل، بعد أن استأنف المجلس القرار، من الضروري انتظار البت في الاستئناف بشكل نهائي بشأن بطلان اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وإمكانية تجديدها من عدمه. يرتقب أن يصدر الحكم النهائي بعد تاريخ انتهاء الصلاحية هذا في نهاية العام الجاري.
لا يبدو أن المفوضية الأوروبية تميل إلى التفاوض في الوقت الحالي، بسبب الانسداد القانوني للاتفاقية. على الرغم من أن تعليق اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي يهدد بتوجيه ضربة كبيرة لقطاع الصيد الأوروبي، إلا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتماشى مع قرار CJEU.
بعض الدول، بما في ذلك إسبانيا، المستفيد الرئيسي من هذه الاتفاقية، تضغط من أجل أن يجد الاتحاد الأوروبي اتفاقاً جديداً. هنا يحق لنا التساؤل عن موقف إسبانيا خلال فترة رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي التي ستبدأ في يوليو/تموز، ولكن حتى الآن، كل ما لدينا يبقى مجرد تكهنات.
من هو الخاسر الأكبر من عدم تجديد الاتفاقية؟
لدى الاتحاد الأوروبي وإسبانيا على وجه الخصوص الكثير ليخسراه، وكذلك المغرب.
تسمح اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي في شكلها الحالي لـ128 سفينة من 11 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي بالصيد في المياه المغربية. إسبانيا هي المستفيد الأكبر بـ93 سفينة.
في المقابل، يتلقى المغرب مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي تشمل "تعويضات لدخول منطقة الصيد، ودعم قطاع الصيد المغربي ودفع مبالغ مالية من قبل أصحاب السفن". المبلغ الإجمالي لـ"المساعدة" لمدة 4 سنوات هو 208 ملايين يورو.
ولكن رغم هذا الامتياز، فإن ما ستخسره الدولة المغربية هو قبل كل شيء مرتبط بالجانب الجيوسياسي والدبلوماسي: عدم تجديد هذه اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي يعني أن الاتحاد الأوروبي لا يعترف، رسمياً وبشكل ثابت، بالسيادة المغربية على أراضي الصحراء الغربية. ومياهها الإقليمية.
ما هو تأثير إنهاء الاتفاقية على الدول الأوروبية المستفيدة منها وعلى وجه الخصوص إسبانيا؟
إن عدم تجديد هذا الاتفاق ستكون له تداعيات سلبية أكبر على إسبانيا وعلى وجه الخصوص جهة الأندلس، التي يتحدر منها معظم الصيادين الذين يمكنهم الصيد في المياه. لذلك فهي البلد الأكثر تضرراً من تعليق هذه اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي، كما أعلن وزير الثروة السمكية الإسباني، ستفرض التفكير في تدابير للتخفيف من التأثير السلبي على مالكي السفن الأيبيرية وكذلك على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق.
– هل يمكن أن نقول إن المغرب كان معنياً بهذه الاتفاقات فقط تحقيقاً لانتصار دبلوماسي؟
في السنوات الأخيرة، جعلت الدولة المغربية الصحراء الغربية قضية ذات أولوية في علاقاتها الخارجية: قال الملك محمد السادس في أغسطس/آب 2022: "هذه القضية هي النظارة الذي ينظر المغرب من خلالها إلى العالم".
أذكر أنه على مدى السنوات الـ47 الماضية، حافظت مدريد والرباط على سلسلة من الاتفاقيات الثنائية للسماح للسفن الإسبانية بالصيد في المياه الأطلسية للمغرب. ومنذ انضمام إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1986، تولى الاتحاد الأوروبي مسؤولية هذه الاتفاقيات عن طريق "نقلها" إلى القانون الأوروبي.
وهذا يعني أنه منذ عام 1986، اعترف الاتحاد الأوروبي ضمنياً بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية. وهذا يمثل انتصاراً دبلوماسياً قوياً للدولة المغربية.
واليوم، فإن هذا الانتصار هو موضع التساؤل بقرار من محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، بناءً على القانون الدولي. إن قرار CJEU، إذا تم تأكيده، يخاطر بتوجيه ضربة أخرى لهذه الاستراتيجية الدبلوماسية، من خلال تحدي السيادة المغربية على الصحراء الغربية والمياه المجاورة لها، من قبل الاتحاد الأوروبي بأكمله، وليس من قبل إسبانيا فقط.
ما هي الجوانب الإيجابية لكل من الموقعين؟
هناك إيجابيات لكلا الطرفين. من الناحية الاقتصادية، تفيد اتفاقية الصيد الدول الأوروبية، وخاصة إسبانيا. كما يستفيد المغرب من المساعدات المالية. الميزة الأخرى للمغرب هي التقدم في قضية جيوستراتيجية، والتي أصبحت ضرورية للمملكة.
بالإضافة إلى القرار القضائي، هل يرتبط تعليق المفاوضات بالسياق الحالي للأزمة السياسية والدبلوماسية القوية بين بروكسل والرباط، وبشكل أدق بموقف بعض أجزاء الاتحاد الأوروبي من مسألة الصحراء؟
لا يمكن إنكار وجود توترات بين الدولة المغربية والاتحاد الأوروبي، لكن مسألة اتفاق الصيد هي قانونية أساساً، خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يريد انتظار حكم CJEU قبل المضي قدماً في أي خطوة. وأوضح أن تاريخ هذه القضية يعود إلى عام 2019، وهي منفصلة عن السياق الحالي.
اعتباراً من 17 يوليو/تموز، يمكن التفاوض بشكل قانوني على اتفاقية الصيد البحري الجديدة بين الاتحاد الأوروبي والدولة المغربية، مع احترام القانون الدولي، وبالتالي دون تضمين المياه الإقليمية الصحراوية (ما لم توافق جبهة البوليساريو، المعترف بها من قبل CJEU ممثلاً للشعب الصحراوي).
– ما هو موقفك في مجموعة Renew Europe فيما يتعلق بتجديد الاتفاقية أم لا؟
مجموعة "رينيو" تتبنى الموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية، وتستحضر أولوية القانون الأوروبي على القانون الوطني.
شخصياً، أناضل باستمرار ضد أي شكل من أشكال الاحتلال غير الشرعي بموجب القانون الدولي، سواء في فلسطين أو التبت أو القرم أو الصحراء الغربية. ما زلت مقتنعة بأن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير، كما تعترف به الأمم المتحدة.