قالت خبيرتان أمميّتان مستقلّتان، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2023، إن "الضربات الجوية والعمليات البرية" التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جنين اليومين الماضيين، "يمكن للوهلة الأولى أن ترقى إلى جرائم حرب".
وأشارت الخبيرتان وهما المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً باولا غافيريا بيتانكور، إلى أن هذه "الهجمات هي الأعنف في الضفة الغربية منذ تدمير مخيّم جنين في 2002".
وعلى مدار الإثنين والثلاثاء 3 و4 يوليو/تموز، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها، أسفرت عن استشهاد 12 فلسطينياً، وإصابة 100 آخرين، بينهم 20 بحالة حرجة.
"جريمة حرب"
وقالت الخبيرتان ألبانيز وبيتانكور في بيان، إن "عمليات القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وقتل وإصابة السكان المحتلين بجروح خطيرة، وتدمير منازلهم وبنيتهم التحتية، وتهجير الآلاف بشكل تعسفي، ترقى إلى مستوى الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والمعايير المتعلقة باستخدام القوة، وقد تشكل جريمة حرب".
أضاف البيان: "بين 3 و4 يوليو/تموز، قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 12 فلسطينياً، من بينهم خمسة أطفال، وأصابت أكثر من 100 فلسطيني، في واحدة من أكبر العمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات".
وأردف: "الهجمات أجبرت آلاف الفلسطينيين على الفرار، وألحقت أضراراً بالبنية التحتية والمنازل والمباني السكنية".
وأشارت الخبيرتان إلى أن "نحو 4 آلاف فلسطيني فروا من مخيم جنين للاجئين ليل الإثنين والثلاثاء بعد الضربات الجوية القاتلة (..) إنه أمر مفجع أن نرى آلاف اللاجئين الفلسطينيين قد نزحوا أصلاً منذ 1947-1949، وأجبروا على الخروج من المخيم في خوف مدقع مع حلول الظلام".
دعوة لمحاسبة إسرائيل
بحسب الخبيرتين اللتين لا تعبران عن موقف الأمم المتحدة، فإن الهجمات الإسرائيلية لم تكن مبرّرة بنظر القانون الدولي، وقد "شكّلت عقاباً جماعياً للشعب الفلسطيني" الذي وصفته السلطات الإسرائيلية بأنه "تهديد أمني جماعي".
وشدّدتا على أن "الفلسطينيين (الموجودين) في الأراضي الفلسطينية المحتلة هم أشخاص يحميهم القانون الدولي، ومكفولةٌ كل حقوقهم الإنسانية بما في ذلك قرينة البراءة"، مؤكدتين "عدم جواز أن تُعاملهم قوة الاحتلال على أنّهم تهديد جماعي للأمن".
ولفت البيان إلى أن العمليات الإسرائيلية في جنين تضخيم للعنف البنيوي الذي يتخلل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عقود، وأضاف أن "الإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل على أعمال العنف التي ارتكبتها على مدى عقود، لا يؤدي إلا إلى تأجيج وتكثيف دورة العنف المتكررة".
في حين دعت الخبيرتان إلى محاسبة إسرائيل بموجب القانون الدولي على احتلالها غير الشرعي وأعمالها العنيفة لتكريسه، قائلتين: "إنه من أجل إنهاء هذا العنف المستمر، يجب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، الذي لا يمكن تصحيحه أو تحسينه في الهوامش، لأنه خطأ من الجوهر".
الجنائية الدولية "تراقب"
تزامن البيان الذي صدر مساء الأربعاء، مع تصريح للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قال فيه إنه "يواصل مراقبة الوضع والتطورات في فلسطين من حيث صلتها بالتحقيقات المستمرة للمحكمة الجنائية الدولية".
وتحقق المحكمة في "جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها كل من الجيش الإسرائيلي وحركة حماس وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى"، في حين رفضت إسرائيل، غير العضو في المحكمة، التعاون مع هذه التحقيقات أو الاعتراف باختصاص المحكمة، حسبما أفاد موقع "يورونيوز" الأوروبي.
ولم يقدّم مكتب المدّعي العام معلومات أخرى أو تحديثاً للتحقيق الذي تجريه المحكمة ويشمل جرائم محتملة تعود لحرب 2014 في غزة. وأغضب التحقيق الذي تدعمه السلطة الفلسطينية، إسرائيل.
انتهاء العملية في جنين
وفجر اليوم الأربعاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاء العملية الواسعة في جنين، حيث أفادت ناطقة باسم الجيش لوكالة الأنباء الفرنسية: "العملية انتهت رسمياً وغادر الجنود منطقة جنين"، وأوضحت أن القوات الإسرائيلية باشرت انسحابها من منطقة جنين مساء الثلاثاء 4 يوليو/تموز.
فيما كان الجيش الإسرائيلي باشر فجر الإثنين 3 يوليو/تموز، أوسع عملية له منذ سنوات عدة في الضفة الغربية المحتلة، مستخدماً مئات الجنود، وموجهاً ضربات بمسيّرات، ومستخدماً جرافات عسكرية.
بينما احتفل الفلسطينيون بانتصار جنين، إثر إعلان فصائل المقاومة انسحاب قوات الاحتلال من المدينة، قبيل منتصف ليل الثلاثاء، بعد أكثر من 48 ساعة على العدوان الذي كان يسعى للقضاء على المقاومة في مخيم جنين.