شيّع آلاف الفلسطينيين، في موكب جنائزي مهيب، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2023، جثامين 10 شهداء سقطوا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال عمليته العسكرية التي شنَّها ضد مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وذلك في وقت عاد فيه سكان جنين إلى الشوارع لتفقد آثار الدمار الذي خلفته العملية العسكرية.
انطلق موكب تشييع الشهداء الفلسطينيين من أمام مستشفى جنين الحكومي باتجاه وسط المدينة، وتم دفن 9 جثامين في قبر جماعي بمقبرة مخيم جنين الجديدة، بينما دُفن العاشر في مسقط رأسه بقرية فحمة جنوبي جنين.
بالتزامن مع مراسم التشييع، عمّ إضراب شامل في المدينة، وأغلقت المحلات التجارية أبوابها، كما أطلق مسلحون ملثمون النار في الهواء، وسط هتافات منددة بالاحتلال الإسرائيلي، وأخرى داعمة للمقاومة.
أسفرت العملية الإسرائيلية في جنين التي استمرت 48 ساعة، عن استشهاد 12 فلسطينياً وإصابة 140 آخرين، بينهم 30 بحالة خطيرة، وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية، إن من بين الشهداء "5 قاصرين دون سن الـ18".
في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء 4 يوليو/تموز 2023، شُيّع جثمانا فلسطينييْن قُتلا في العملية الإسرائيلية في بلدة ميثلون جنوبي المحافظة.
في موازاة ذلك، عاد فلسطينيون اليوم الأربعاء لشوارع جنين التي انتشرت فيها آثار الدمار على خلفية العملية العسكرية، وبدأ بعض السكان في إصلاح الأضرار التي لحقت بمخيم جنين للاجئين المُقام منذ نحو 75 عاماً.
كانت الجرافات الإسرائيلية المدرعة قد دمرت الأرصفة؛ مما تسبب في انفجار أنابيب المياه ما كوَّن أخاديد من الحطام المبلل مر عليها السكان وقد بدت عليهم الكآبة والجدية، وقبع كثيرون منهم في منازلهم أثناء المداهمة بينما خرج البعض من المنطقة كإجراء احترازي.
كانت قوات إسرائيلية داهمت يوم الإثنين الماضي مخيم جنين للاجئين بعد نشوب مناوشات متفرقة مع مقاتلين فلسطينيين فيه على مدى أشهر، ونفذت المداهمة وعملية عسكرية بمشاركة مئات من القوات الخاصة وباستخدام طائرات مُسيرة قتالية.
معتصم، وهو أب لستة أطفال، قال في تصريح لوكالة رويترز، إن "الإسرائيليين لم يحققوا ما أرادوه، والشباب بخير والعائلات بخير والمخيم بخير"، وذلك بعد غيابه ليلتين إحداهما كان فيها رهن الاحتجاز الإسرائيلي.
أضاف معتصم: "12 شهيداً ونحن فخورون بهم لكننا توقعنا نطاقاً أوسع من الدمار بالنظر لنطاق المداهمة".
كانت إسرائيل قد أعلنت رسمياً، صباح اليوم الأربعاء، عن انتهاء عمليتها العسكرية في جنين، وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، في تصريح لإذاعة الجيش: "وضعُنا أفضل، فقدَ المخيم البنية التحتية للإرهابيين، واعتقلنا أكثر من 300 مشتبه به"، على حد تعبيره.
أضاف هاغاري أن بعض المسلحين غادروا المخيم، مضيفاً: "إذا عادوا فسنتعامل معهم"، في حين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمحطة (14) الإسرائيلية: "أوضحنا أن هذه العملية الواسعة في جنين ليست عارضة. ستكون بداية توغلات متكررة وسيطرة مستمرة على المنطقة؛ ولذلك لن يكون هناك ملاذ آمن للإرهاب".
وقدر محللون إسرائيليون أن العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، لن توقف الهجمات الفلسطينية من المخيم، واعتبر المحلل البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل إن "العمليات العسكرية لن تحقق هدوءاً طويل الأمد، وبدون وميض أفق دبلوماسي للفلسطينيين، سيستمر العنف".
من جانبه، كتب المحلل آفي ايسسخاروف في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأربعاء، إن "العملية في جنين هي أكامول (مسكن آلام) لمريض ميؤوس من شفائه"، وفق تعبيره، مضيفاً: "سيعود المسلحون بعد وقت قصير إلى المخيم ويستأنفون الهجمات من هناك".
يُذكر أن جيش الاحتلال كان قد استخدم في عمليته العسكرية الواسعة في جنين، مروحيات وطائرات مُسيرة وقوات برية لاستهداف المقاومين الفلسطينيين.